أعلنت فصائل مسلحة فى جنوب سوريا تشكيل ما يُسَمَّى بـ«جيش الإنقاذ» فى شهر مايو الماضى، حيث اندمجت أربعة كيانات عسكرية، هي: «فرقة أحرار نوى»، و«فرقة الشهيد جميل أبوالزين»، و«فرقة المغاوير الخاصة»، و«تحالف أبناء الجولان» لتشكل جيش الإنقاذ، وتتمركز الفرق المسلحة الثلاث الأولى فى درعا، بينما يوجد تحالف أبناء الجولان فى القنيطرة.
وجاء هذا التحالف نتيجة أنباء عن استعدادات النظام السورى العسكرية لاستعادة السيطرة على المناطق الجنوبية، التى يرى فيها تهديدًا مباشرًا لوجوده فى العاصمة السورية دمشق، علاوةً على ذلك، يعتقد النظام السورى أن سيطرة المعارضة على مناطق حدودية مع الأردن توفر له ملاذًا آمنًا للحصول على دعم دولى، أو تهريب السلاح من بعض الدول الإقليمية الداعمة له؛ ما يعنى أن المعركة تشكل أهمية كبرى للنظام السورى.
وفى السياق نفسه، يعتبر النظام السورى استعادة السيطرة على المناطق الجنوبية من قبضة المعارضة المسلحة خطوة جديدة فى سبيل إعادة ترسيخ أركان حكمه فى عموم سوريا، فضلًا عن أن ذلك الأمر -أى النصر فى حال تَحَقُّقِه- سيمثل دفعةً معنويةً كبيرةً فى مواجهة المعارضة فى الشمال، أو الأكراد فى المناطق الشمالية والشرقية من سوريا.
وفى المقابل تعتبر المعارضة السورية وجودها فى الجنوب السورى أمرًا فى غاية الأهمية، وتراهن على مواقف القوى الدولية فى منع النظام من شنِّ أى معركة عسكرية على مناطق سيطرتها، يقينًا منها أن المعركة ستفضى إلى هزيمتها، على غرار ما حدث فى حلب الشرقية أو غوطة دمشق الشرقية.
وفى حال إقدام النظام على أى معركة عسكرية فى الجنوب، فإنه بذلك يضرب بإتفاق خفض التصعيد -الذى تم توقيعه بين كل من روسيا والولايات المتحدة والأردن عام ٢٠١٧- عرض الحائط.
ولذلك، من المرجح أن يقدم النظام السورى على عملية تفاوضية مع مسلحى المعارضة؛ لإقناعهم بالخروج نحو إدلب، على غرار ما فعله المسلحون فى القلمون الشرقى فى أبريل من العام الحالى.
ومن المتوقع أن ينشب نزاع بين النظام السورى وقوى إقليمية، لعلَّ أبرزه الأردن الذى قد يزود فصائل المعارضة بالسلاح؛ خوفًا من دخول الميليشيات الموالية لإيران للمناطق المتاخمة لحدودها الشمالية، أو إسرائيل التى ربما لا تتوانى فى قصف الميليشيات الموالية لإيران، خوفًا من إعادة تمركز هذه الميليشيات فى الجنوب، ووصل مناطق سيطرتها بمناطق سيطرة حزب الله فى لبنان؛ لتشكل حزامًا شيعيًّا مواليًا لإيران ليكون أمام النظام السورى، إحداث نوع من التوافق مع القوى الدولية قبل إقدامه على شن أى عملية عسكرية فى الجنوب.