لا شك أن العمليات الممنهجة للتشويه الإعلامى ونشر الشائعات والهاشتاجات على الإنترنت عامة، وعلى شبكات التواصل الاجتماعى خاصةً تقف خلفها قوى محددة تقوم بدورها المرسوم على أكمل وجه، وتتمثل هذه القوى فى الميليشيات الإلكترونية لجماعة «الإخوان»، وكانت هذه الميليشيات وما زالت تتلقى التمويل والتدريب والتعليمات من الجماعة وتنظيمها الدولي، كما تم ضبط بعض الشيكات المصرفية بملايين الدولارات المصدرة من دولة قطر لهذه الميليشيات، التى لا تزال تمارس عملها فى مصر والدول العربية وتركيا، علاوة على الدول التى يمارس فيها التنظيم الدولى للجماعة نشاطًا واسعًا.
وتمثلت التعليمات فى الحرب على بعض الشخصيات التى تمثل رموزًا للدولة المصرية فى إطلاق الهاشتاجات على «تويتر» وحشد الأنصار للتغريد على هذه الهاشتاجات لتصبح «تريند» Trend، وذلك للإيحاء بشعبيتها وإشاعة حالة من السخط العام الافتراضى غير الموجودة على أرض الواقع، وتصيد الأخطاء والبحث عما إذا كان هناك تناقض بين التصريحات الجديدة والسابقة، واقتطاع أجزاء من الأحاديث، بحيث تكون خارجة عن سياقها العام، والتركيز عليها بما يُظهر صاحبها مُدانًا أمام الرأى العام، والاهتمام بدرجة قصوى، بأى كلام يتعلق بحقوق الأقليات الدينية، وطرحه فى سياق أنه «ضد الإسلام»، ولا بأس من «تحريف الترجمة» لأن هذه حرب بين «المشروع الإسلامي» وأعـداء الإسـلام مـن «الليبراليين الكفرة».
ويخضع العاملون بهذه «اللجان الإلكترونية» لعددٍ من الدورات المتقدمة فى «الفوتوشوب»، وخصوصًا «تركيب الصور» وبعبارة أدق «التزوير»، بالإضافة إلى إنتاج الرسوم الفكاهية التى تسخر من الرموز والشخصيات Comics، وأيضًا دورة على كيفية اختراق حسابات المعارضين الـ «هاكرز»، على صفحات التواصل، وذلك فى إطار الحرب بين الكُفر والإيمان، وأن الجماعة تحارب القوم الضالين بسلاحهم، وفيما يتعلق بالصفحات التى تهاجم «الإخوان»، فإذا كانت تنشر معلوماتٍ مغلوطة، فهجوم «الهاكرز» كفيل بالقضاء عليها، أما فى حال كانت على الصفحة مستندات حقيقية تمس الجماعة، فلابد من البحث عن «الأدمن» ومن ثم تهديده ليتوقف عن النشر، وفى حال تقرر استخدام أسلوب «القرصنة الإلكترونية» للقضاء على صفحةٍ ما، يتم الاتصال بكل اللجان الإلكترونية داخل مصر وخارجها، بما يضمن نجاح المهمة بأسرع وقت ممكن، وبعد الانتهاء من العملية، كثيرًا ما يبدأ أحد أعضاء الجماعة فى التكبير، ومن ورائه يردد الآخرون.
ويتم توزيع العاملين داخل اللجان الإلكترونية لجماعة «الإخوان» على ثلاث فئات، يؤدى كل منها مهامًا محددة؛ فلجان الطلبة، أعضاؤها طلبة جامعيون، مهمتهم نقل أخبار الجامعة، ونشرها على شبكة الإنترنت، فإن كان عميد الكلية إخوانيًا، امتدحوه لخلقِ رأى عام مؤيدٍ له، وإن لم يكن ينتمى للجماعة، شنوا عليه هجومًا وشوهوه بقسوة، أما لجان العاملين، أعضاؤها موظفون، ولا تصدر لهم تكليفات محددة، ونشاطاتهم اجتهادات فردية، وما ينشرونه يتعلق بالشأن العام ومهاجمة المعارضة، ثم لجان شباب الجماعة، وتضم الأعضاء العاملين بالمؤسسات الإعلامية للجماعة، وتحديدًا شبكة «رصد»، والقنوات الفضائية التى تمولها الجماعة وتبث من تركيا، علاوة على قناة «الجزيرة» القطرية، وتتلقى تكليفاتٍ مباشرة ودائمة من الجماعة، ونظرًا لحساسية هذه المجموعة، فإن معظم «الأدمن» على صفحاتها، أبناءٌ لقيادات الجماعة، من الصف الأول إلى الثالث.
أما بالنسبة للإنفاق على اللجان الإلكترونية فيختلف باختلاف العاملين بها، فهناك لجان ينفق أعضاؤها من مالهم الخاص، وهم من القيادات الشبابية داخل الجماعة، ويعملون تحت قيادات الجماعة بشكل مباشر. وهناك لجان أخرى لا يوجد سقف لنفقاتها، وهى اللجان التى يعمل بها الطلبة، وأشكال الإنفاق تتمثل فى دفع إيجار المقر، ودفع المصروفات الدراسية للعاملين، وتوفير سكن أفضل من السكن الجامعي، وتوفير أشخاص لخدمتهم داخل السكن وتوفير أجهزة «لاب توب» حتى يمارسوا عملهم من قلب الأحداث، وتوفير الخدمات الطبية على أعلى مستوى لهم ولذويهم، ويستمر أعضاء هذه اللجان فى العمل حتى خلال الإجازات الدراسية، لضمان التواصل مع الأعضاء المشتركين داخل الصفحة، ويتم الإنفاق عليها عبر ميزانية تجمع بينها وبين ميزانية المواقع الإخبارية المعروفة بتبعيتها للجماعة.
ويأتى الإنفاق على اللجان ضمن برنامج «الإعلام البديل» الذى يتبناه الإخوان للتصدى لمعارضيهم فى الإعلام، وبعد ثورة 30 يونيو تم رصد شيكات بأرصدة مالية بملايين الدولارات للصرف على هذه الميليشيات، صادرة من أحد المصارف القطرية، ولم تكن مهمة اللجان الإلكترونية الهجوم فقط على وسائل الإعلام والمعارضة، بل كان الهدف منها أن تصبح صفحات «الإخوان» النافذة الإعلامية الوحيدة لمستخدمى الإنترنت، ويتم ذلك على مراحل، أولها عمل خلل فى الثقة بين الإعلاميين والمتلقين، عن طريق جمع معلومات غاية فى الدقة، حول حياة مقدم البرنامج أو الصحفي، لتشويه صورته أمام الأعضاء المشتركين بالصفحة، والإكثار من مقاطع الفيديو التى تم تصويرها بمعاونة وحدات التصوير الخارجي، حتى يتم الاستغناء عن الإعلام المرئى «الكافر».
ولا شك أن افتضاح أمر هذه الميليشيات التى تديرها جماعة «الإخوان» أوضح بما لا يدع مجالًا للشك أن هذه الجماعة تفتقر إلى الخُلُق، وإلى كل ما يتعلق بالمُثُل العليا التى حثت عليها الأديان.
إن تلك المهام القذرة معروفة فى العالم، خاصةً وقت الحروب وهى تهدف لاستخدام ما يعرف بالأسلحة السوداء فى تشويه الأعداء ويُطلق عليها اسم «الاغتيال المعنوى للشخصيات» character assassination، وهو يعتبر أحط أساليب الحرب، لأنه يقوم على نشر الأكاذيب واختلاق الشائعات وليس على مواجهة الفكر أو الحُجَة.
إن الرد الحقيقى على الهاشتاج الأخير الذى أطلقته الجماعة الإرهابية ليس بإطلاق هاشتاج مضاد تقليدى يحاول أن يقف فى وجه الهاشتاج الأول، بل إن الحكمة وتطوير حروب الهاشتاج مع الجماعة يجب أن تتقدم خطوات إلى الأمام، وفى هذه السبيل يمكن أن نطلق الهاشتاجيْن التالييْن:
#اقتلعوا_ رؤوس_ الفتنة.
#الإعدام_ لمرسي_ وبديع.