الإثنين 06 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لغط حول "تنظيم الصحافة"!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم أفهم حملة البيانات الإلكترونية التى شنت ضد مشروع قانون تنظيم الصحافة سوى أنها تأتى فى سياق المماحكات السياسية، خاصة وأن البيان الأول صدر بعد سويعات قليلة من نشر مشروع القانون، مايعنى أن من قاموا بصياغة البيان لم يقرأوا سوى العناوين الرئيسية، ولم يبذلوا الجهد المطلوب لدراسة وتحليل مواد مشروع القانون.
الأدهى من ذلك أن عدد الموقعين على البيان بلغ المئات فى وقت قياسي، وعندما ناقشت بعض الزملاء ممن وقعوا عليه اكتشفت أنهم لم يقرأوا مشروع القانون واكتفوا بما ورد فى البيان، وبعضهم وقع لمجرد وجود بعض أصدقائه بين قائمة الموقعين.
لنعترف أن الهتاف بحرية الصحافة على نبل معانيه جعل معظمنا ينقاد وراء مجموعة لا يهمها من أمر الصحافة شىء، وإنما يتخذون قضاياها سبيلا لتمرير بعض أهدافهم السياسية التى لا تخفى على أحد.
من العناوين التى خدعت البعض ادعاء أن قانون تنظيم الصحافة الجديد قد أعاد الحبس الاحتياطى فى قضايا النشر، بينما المادة المعنية نصت على إلغاء الحبس الاحتياطى فى جميع قضايا النشر، باستثناء جرائم التحريض على العنف والكراهية والتمييز بين المواطنين التزاما بالدستور، بل وتطبيقا لنصوص المواثيق والعهود الدولية لحقوق الإنسان.
الأمر ذاته بالنسبة للمواد المتعلقة بأسلوب تشكيل الجمعيات العمومية ومجالس الإدارات بالمؤسسات الصحفية القومية،حيث اعتبره المنددون بمشروع القانون هدما للمؤسسات وتمهيدا لخصخصتها والواقع أن المواد المعنية جعلت ولأول مرة مجالس الإدارات ورؤساءها تحت عين المراقبة والمحاسبة من قبل الجمعيات العمومية وهو ما سيعمل على الحد من التجاوزات التى كنا وما زلنا نسمع بها، وعلى تحسين مستوى الأداء فى تلك المؤسسات بشكل عام.
لا أدعى خبرة تمكننى من تقييم كل مواد مشروع القانون، لكن المادة 19 استوقفتنى لما تنطوى عليه من تساؤلات، ونصها «يحظر على الصحيفة أو الوسيلة الإعلاميـة أو الموقع الإلكترونى، نشر أو بث أخبار كاذبة أو ما يدعو أو يحرض على مخالفة القانون أو إلى العنف أو الكراهية، أو ينطوى على تمييز بين المواطنين أو يدعو إلى العنصرية أو التعصب أو يتضمن طعنًا فى أعراض الأفراد أو سبًا أو قذفًا لهم أو امتهانا للأديان السماوية أو للعقائد الدينية.
واستثناء من حكم المادة الأولى من مواد إصدار هذا القانون، يلتزم بأحكام هذه المادة كل موقع إلكترونى شخصى أو مدونة إلكترونية شخصية أو حساب إلكترونى شخصى يبلغ عدد متابعيه خمسة آلاف متابع أو أكثر.
ومع عدم الإخلال بالمسئولية القانونية المترتبة على مخالفة أحكام هذه المادة يجب على المجلس الأعلى اتخاذ الإجراء المناسب حيال المخالفة وله فى سبيل ذلك، وقف أو حجب الموقع أو المدونة أو الحساب المشار إليه بقرار منه».
السؤال الأول هل المجلس الأعلى للإعلام الجهة المناسبة لمراقبة ومحاسبة المواقع والمدونات والحسابات الشخصية؟!، أليس من الأفضل أن ينقل الشق الثانى الخاص بالمواقع والحسابات الشخصية إلى قانون العقوبات؟!.
ماذا إذا قام مواطن عادى بنشر رابط لخبر كاذب من موقع صحفى معتمد رسميا؟ هل تتم محاسبته بنفس القوانين التى تطبق على الصحفى المحترف ناشر الخبر الأصلي؟!،السؤال الأهم ما الحكمة من شرط وجود 5 آلاف متابع للموقع أو المدونة أو الحساب الشخصي؟!،ماذا إذا قام أحدهم بارتكاب جريمة نشر عبر حسابه الشخصى الذى لا يتجاوز عدد متابعيه 4 آلاف شخص أو ألف أو أقل؟!،ألا يتحقق شرط العلنية بمجرد وجود شخص واحد على الحساب، بل بمجرد تدشينه بحكم طبيعته التى تتيح للآخرين الاطلاع على المحتوى الذى ينشره؟!.
بمحكمة النقد المصرية العديد من الأحكام التى أصلت لتوافر شرط العلنية بجرائم السب والقذف، صدر بعضها فى أربعينيات القرن الماضى منها «قانون العقوبات لم يبين الطرق العلنية فى المادة 171 بيان حصرى ولقاضى الموضوع أن يستخلص العلنية من كل ما يشهد بها من ملابسات وظروف» كما قضت محكمة النقض بأن «لا يشترط لتوفر جريمة القذف بالتوزيع أن يحصل توزيع الكتابات المحتوية القذف علنا إذ إن التوزيع فى حد ذاته يكون للنشر أو العلنية المطلوبة قانونا ويتوافر التوزيع بالمعنى الذى يرمى إليه قانون العقوبات حتى لو لم يكن هناك سوى كتابة واحدة سلمت إلى شخص واحد أيا كانت صفة هذا الشخص فيعتبر قاذفا ويعاقب طبقا لقانون العقوبات»، كما قضت بأن «يكفى لتوافر ركن العلنية فى جريمة القذف بحق الموظف أن يصل المكتوب إلى عدد من الناس ولو كان قليلا بتداول نسخة واحدة متى كان ذلك نتيجة ضمنية لعمل القاذف».
هذه الأحكام وغيرها أصلت لتوافر شرط العلنية وأظنها تنطبق على المواقع والحسابات الشخصية.