تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
مباراتان ماراثونيتان خاضتهما مصر أمام أوروجواى وروسيا فى بطولة كأس العالم، كان أداء المنتخب المصرى فيهما رائعًا، بذل فيهما كل لاعب مصرى أقصى ما يستطيع أن يقدمه من جهد وعرق بل ودموع وتأوهات وشجون من قبل اللاعبين والجماهير الذين يشجعونهم فى المدرجات وعشرات الملايين من المصريين فى المنازل وأمام الشاشات العملاقة فى النوادى والكافيهات فى بر مصر من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها.
ورغم هاتيْن الهزيمتيْن غير المستحقتيْن، إلا أننا حققنا عديدًا من الإنجازات غير المسبوقة فى هذه البطولة حتى الآن؛ ولعل أول هذه الإنجازات هو وصول هذا الجيل العملاق من اللاعبين إلى نهائيات كأس العالم فى روسيا بعد 28 عامًا فقط من آخر وصول لنا لهذه البطولة عام 1990 فى إيطاليا. والملاحظ أن المنتخب الذى وصل إلى إيطاليا 1990 استغرق 56 عامًا كاملة ليصل لهذه البطولة منذ وصول مصر لها فى نهائيات كأس العالم عام 1934 أثناء حكم الملك فؤاد الأول والد الملك فاروق؛ أى أن الجيل الحالى اختصر الفترة الزمنية للوصول لنهائيات الكأس الحالية إلى النصف، إلى 28 عامًا بدلًا من 56 عامًا.
والإنجاز الثانى هو أن يرتفع علم مصر عاليًا خفاقًا ضمن أعلام 32 دولة فقط من هذا الكوكب وصلت فرقهم إلى المونديال، بالإضافة إلى عزف موسيقى السلام الوطنى المصرى لثلاث مرات - على الأقل - أمام العالم، مع مشاهدة العالم عبر قنوات التلفزة فى كل القارات الخمس لكرة القدم المصرية والتعرف على مدى تطورها وتقدمها والتعرف على أبرز لاعبيها، مع كل المعلومات المساندة التى يمكن أن تُنشر عن مصر من قِبَلِ المواقع والمحطات والصحف الرياضية المختلفة ويذكرها المعلقون فى التعليق على مباريات الفريق المصري، إن هذه دعاية مجانية لمصر بلد الحضارة والتاريخ.
الإنجاز الثالث هو أن المونديال يشهد عديدًا من السماسرة والأعين التابعة للفرق الأوروبية المختلفة التى تبحث عن اللاعبين المميزين بغية التعاقد معهم للاحتراف فى أندية أوروبية مرموقة، وإذا كان من نصيب هذا الفريق أربعة أو خمسة لاعبين جدد يحترفون فى أندية تمارس كرة القدم باحترافية وفق قواعد ونظم بدنية ومهارية وخططية متميزة، فإنه يمكن أن يكون لدينا خمسة أو ستة محمد صلاح، وعندها يمكن لمنتخب مصر أن يصل بأريحية إلى كأس العالم القادمة التى تُقام فى قطر عام 2022 بمساندة مصرية وعربية غير مسبوقة لأن البطولة ستُقام على أرضٍ عربية، وسوف يمثل لنا هذا حافزًا مهمًا على الإنجاز، بعد أن نَعُدَ للأمر عُدَتَه.
مشكلتنا أننا وصلنا إلى المونديال بعد مسيرة شاقة فى التصفيات، وكذلك فى مرحلة الإعداد ونتائج المباريات الودية المخيبة للآمال قبيل بدء البطولة، وقد خضنا المباريات الودية بدون محمد صلاح الذى تعرض للإصابة، وأرجع عديدون سوء مستوى الفريق لغياب صلاح، وحتى عندما نزل صلاح مباراة روسيا كان يفتقد الجاهزية. إن كرة القدم لعبة جماعية لا يصح فيها أن نعتمد على لاعب واحد مهما بلغت حرفيته ومهارته، وأعتقد أن صلاح نفسه يعلم ذلك جيدًا من احترافه فى الأندية الأوروبية، ولكننا ضخمنا فى ظاهرة محمد صلاح أكثر مما ينبغي، يجب أن نعى أنه منتخب مصر وليس منتخب محمد صلاح. إن صلاح نفسه لم يجد من يساعده بإمداده بالكرات فى الهجوم لتسديد الأهداف، لأنه لا يوجد فى منتخب مصر مَنْ هو فى نفس مهارته.
الإنجاز الرابع الذى حققناه فى هذا المونديال هو الاكتشاف المبهر لحارس مرمى جديد وهو محمد الشناوى الذى فاز بلقب أحسن لاعب فى المباراة الأولى أمام أوروجواي، وهى الجائزة الأولى التى ننالها فى أية مباراة خضناها فى مونديال 1990 والمونديال الحالي، وأعجبنى جدًا رفض اللاعب تلقى الجائزة لأنها مقدمة من شركة خمور، وهو ما أعاد الاعتبار للثقافة الإسلامية وقيم الحرية الشخصية، وأجبر الجهة المنظمة للبطولة على احترام ذلك ونشر صورة اللاعبين المسلمين الفائزين بهذه الجائزة دون أن تصاحبها زجاجة خمر كدعاية لشركة الخمور الممولة للجائزة، وهو ما لم يُعجب بعض الليبراليين والعلمانيين الحمقى..!
الإنجاز الخامس هو أننا أحرزنا الهدف الأول من ضربة جزاء بقدم العالمى محمد صلاح فى منتصف مرمى الحارس الروسى منذ أن أحرز مجدى عبدالغنى هدفه على يمين حارس مرمى هولندا، وهكذا انتهى الهدف الأسطورة الذى ظل 28 عامًا دون أن يحالفنا الحظ فى تحطيم هذه الأسطورة، وأعتقد أن هذا الهدف لن يكون الأخير لنا فى البطولة الحالية، فلا يزال أمامنا مباراة أمام الشقيقة السعودية ويمكن أن نسجل فيها أهدافًا أخرى.
إننا نريد أن نعمل على تحطيم الأساطير التى أحاطت بكأس العالم فى التاريخ الرياضى المصري، مصر تستطيع أن تصل إلى البطولة القادمة لو استطاعت أن تحافظ على المتميز من هؤلاء اللاعبين، وتعد فريقًا على مستوى عالمى يحتك بفرق عالمية طوال السنوات الأربع القادمة حتى لا ينبهر بالأضواء فى بطولةٍ غاب عنها حوالى ثلاثة عقود، مصر تستطيع إذا استقدمت مديرًا فنيًا يطور الأداء الهجومى للمنتخب المصرى وزيادة عدد مهاجميه ولا يعتمد فقط على الدفاع، لأن هذه الطريقة لا تؤدى إلى إحراز أهداف، مصر تستطيع إذا لم نتعامل مع مبارياتنا المصرية بشكلٍ احتفالى يبعد اللاعبين عن التركيز ويجعلهم يلعبون الكرة فقط بالحماس والتسرع دون تركيز فيُصاب مرماهم بثلاثة أهداف خلال عشرين دقيقة فقط، مصر تستطيع إذا درسنا تجربتنا وأخطاءنا فى المونديال الحالى حتى نتلافاها فى مونديال 2022.
شكرًا رجالة مصر.. لأنكم فعلًا عملتوا اللى عليكم.. تحيا مصر.