تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
رغم اختفاء مظاهر وطقوس كانت تميز احتفالات السوريين بعيد الفطر المبارك، إلا أن هناك مظاهر ما زالت باقية تتحدى أجواء الصراعات التى تمزق سوريا منذ سنوات، ومن خلالها يحاول السوريون التغلب على آلامهم وأحزانهم بفقد أحبائهم وذويهم خلال الحرب، والعودة إلى حياتهم الطبيعية.
بأى حال عدت يا عيد
ورغم ذلك يمكن القول: إن الحرب الدائرة رحاها على الأرض السورية منذ سنوات، أسهمت فى تناقص فرحة السوريين بالعيد، فارتفاع أسعار كل شيء تقريبا وتناقص القوى الشرائية لدى أغلب المواطنين دفعهم للاستغناء عن الحلوى الجاهزة واستبدالها بالحلويات المنزلية الأقل تكلفة مثل «المعمول والكعك» أيضا ارتفاع أسعار الملابس بشكل جنونى، جعل شراؤها يقتصر على بعض الفئات الأكثر ثراء، مما جعل الأطفال من البسطاء هم الأكثر تضررا، باختفاء الثياب الجديدة من احتفالهم بالعيد، واقتصار فرحتهم على بعض الحلوى والألعاب رخيصة الثمن، التى عجزت بالتأكيد عن تعويض بعضهم فقدان آبائهم فى الحرب.
يحدث ذلك فيما تطل دعوات تطلب من الأهالى عدم الاحتفال بالعيد، فى ظل الأجواء الحزينة داخل البيوت السورية احتراما للشهداء والمفقودين، إذ تكاد لا تخلو عائلة سورية من زوج فقد زوجته، أو أم فقدت ابنها، وكم من طفل فقد أمه وأبيه وعائلته جميعًا، تحت أنقاض القصف الذى هدم بيته.
كما لا يزال الآلاف من السوريين مبعثرين ولاجئين داخل وخارج حدود الوطن، وداخل مخيمات النازحين التى تنتظر الموت بدل الفرح.
أجواء خاصة
وتتميز الأعياد فى سوريا على وجه العموم بالأجواء الخاصة، ولكل عائلة تقاليد اعتادت ممارستها فى كل عيد، وعلى الرغم من ظروف الحرب فى سوريا، والتى أدت إلى تشتّت الكثير من الأسر السورية، إلّا أنّ بعضها ما زال يحتفظ بعاداته وتقاليده.
ويبدأ العيد فى سوريا فى وقت مبكر من النهار، حيث يخرج المصلون وخاصة أهالى دمشق لأداء صلاة العيد فى المسجد الأموي، ويُصلى أهالى المناطق السورية الأخرى فى المساجد الأخرى، وبعد الانتهاء من صلاة العيد يتوجه الجميع لزيارة القبور، والدعاء للأموات بالرحمة والمغفرة، وقراءة الآيات القرآنية على قبورهم، وبعد ذلك يبدأ الاستعداد لزيارة الأقرباء، إذ يزور الرجال الجد والجدة ثم العمات والخالات، وفى الفترة المسائية تتم زيارة الأعمام والأخوال، وزيارة الجيران أيضًا.
بينما يتوجه أطفال سوريا فى العيد لزيارة أقاربهم، وأخذ العيدية «الخرجية» التى تُقدّم لهم فى أول يوم من أيام العيد، فعلى الرغم من تطورات العصر، إلا أن العيدية لا تزال مبلغ هم الأطفال فى سوريا، ولاسيما فى الأحياء الشعبية، إذ يقوم الآباء والأمهات والأشقاء الأكبر والأعمام والأخوال فى تقديم مبلغ من المال للطفل كعيدية ينفقها على شراء الحلوى والألعاب واستئجار الدراجات الهوائية، وركوب الحنطور الذى يجره الحصان، وارتياد الحدائق العامة التى خصصت مساحات منها لألعاب الأطفال، كما يقضون العيد فى اللعب، حيث تُفتح الحدائق العامة، وتُنصب المراجيح والألعاب الأخرى، ويذهب الأطفال من أجل اللعب فيها، أو اللعب أمام المنازل.
حلوى العيد الشامية
وتشترى الأسر السوريّة ملابس العيد فى الأيام الأواخر من شهر رمضان المبارك، وتقوم العائلات الشاميّة فى الأيام الأواخر من رمضان بإعداد حلوى العيد، ومن أنواع الحلويات التى يقومون بإعدادها المعمول، وهو عجين يتم عجنه بالسمن ثم يُحشى بالتمر أو الفستق أو الجوز، ويُشار إلى أن العائلات السورية كانت تصنع هذه الحلوى بنفسها، ولكن تخلى عدد منها عن هذه العادة، ولجأوا إلى شراء الحلوى من المحلات المتخصصة بصنعه.
وتختلف الحلويات السورية من منطقة لأخرى، حيث تصنع المناطق الشرقية الكليجة، أو المعمول، والأقراص، أما فى مدينة حلب الشهباء، فيتم إعداد أنواع مختلفة من الكبابيج الحلبيّة، وفى مدينة حمص تُصنع الأقراص وغيرها من الحلويات.
وفى أسواق الألبسة ومنها «الصالحية، الحمراء، القصاع، الشعلان، باب توما» ورغم ازدحام الناس فيها وخصوصا فى ساعات المساء الأولى قبل العيد، فإن حركة البيع قليلة هذا العام نتيجة لارتفاع الأسعار.
كما قل إقبال السوريين هذا العام كذلك على سوق «البزورية» حيث محلات بيع حلويات الضيافة من شوكولاته وراحة ونوكا وملبس، واقتصرت مشترواتهم على البضائع ذات الأسعار المنخفضة، مثل الشوكولاته المحضرة من زبدة الكاكاو الصناعية بكميات أكبر، بسبب سعرها المنخفض، حيث يباع الكيلوجرام بنحو ألف ليرة، فيما سعر كيلو الشوكولاته المحضر بزبدة الكاكاو الطبيعية، يتراوح ما بين ٣٠٠٠ و٥٠٠٠ ليرة سورية، وكذلك الأمر بالنسبة للراحة، حيث يقبل الناس على شراء الراحة السادة أو المحشوة بالفستق، فى حين يعزفون عن شراء الراحة المحشوة والمغطاة بالفستق الحلبي، والتى يزيد سعرها ٤ أضعاف عن سعر تلك المحشية بفستق العيد.
وينطبق الوضع على الحلويات الشرقية والتى انخفض بيعها كثيرا.