السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

آثارنا في إيطاليا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أي عمل أو مجهود من قبل الحكومة المصرية فى أي قطاع لن يكون له قيمة إذا لم يحصل على دعم شعبي من قبل غالبية المواطنين المصريين، وفى الغالب لا تحصل قرارات أي حكومة فى العالم على ظهير شعبي يدعمها إلا إذا كان لدى هذا الشعب وعى كافى بالتحديات التى تواجه عمل الحكومة وتتخذ من خلالها قراراتها لتنفيذ برامجها الرامية لتوفير حياة كريمة لمواطنيها.
ينسحب على هذا الوضع على بعض القضايا التى تحتاج إلى وعي من المواطن وثقافته العامة، وفي هذا السياق يمكن أن نتناول قضية الآثار الأخيرة، حيث أصيب الشارع المصري بصدمة شديدة من الأخبار التى أطلقتها صحف إيطالية عن ضبط رسالة دبلوماسية تحتوي على عدد 23.700 ألف قطعة أثرية تنتمي لحضارات متعددة، من بينها قطع أثرية تنتمي للحضارة المصرية القديمة بلغ عددها 118 قطعة، حسب بيان الخارجية المصرية ووزارة الآثار، تم ضبطها فى أحد موانئ جنوب إيطاليا منذ أكثر من عشرة أشهر دون إخطار سفيرنا في إيطاليا.
الصحافة الإيطالية حصلت على صور لحاوية ضخمة مليئة بالقطع الأثرية، وبالفعل فإن المشهد مفجع نظرا لضخامة العدد، وتنوعه مراكزه، الخارجية المصرية كانت سريعة الرد عندما استدعت القائم بالأعمال بالإنابة عن السفير الإيطالي نظرا لتواجد السفير الإيطالي خارج البلاد، وذلك بشأن واقعة ضبط السلطات الإيطالية آثارا مهربة من بينها نحو 118 قطعة مصرية في حاوية دبلوماسية تابعة لشخص إيطالي.
وهو الأمر الذي يشير إلى أن هذه الجريمة عالمية وأن الآثار التى تم تهريبها تخص عدة دول أخرى، قد تكون خرجت من العراق أو سوريا أو ليبيا أو اليمن فجميعها مناطق نزاع مسلح عنيف وهى فرصة تزدهر خلالها تجارة الآثار في أي منطقة، فيكفى ما كان فى متاحف سوريا والعراق لتنشيط تجارة الآثار المهربة فى العالم.
ولكن ما يخصنا فى هذا الأمر أن أغلب الأثار التى يتم تهريبها للخارج والمتاجرة فيها بشكل غير مشروع، هي آثار تم العثور عليها من قبل مواطنين مصريين يقوموا بأعمال تنقيب عشوائية طمعا فى الحصول على المال مقابل التفريط ليس فقط فى ثروة وطنية بل ثروة إنسانية.
الآثار المصرية لها وضع مختلف على مستوى العالم؛ لأنها من أوائل الحضارات التي شهدتها الإنسانية، وفى كل جامعات الغرب أصبح هناك قسم علم المصريات الذى يدرس فيه الطلاب تاريخ الأسر الفرعونية وتطور هذه الحضارة الأولى فى تاريخ البشرية، والتى شهدت فترات صعود وهبوط، واستمر حكم الفراعنة لقرون طويلة، وللأسف فإن هذه الحضارة الإنسانية من يفرط فيها هم بعضا من أبناء الشعب المصرى من المنقبين عن الآثار ونجد أن كثير منهم يتلفها لعدم خبرته بالتعامل معها ولا يعرف قيمتها، وكل ما يرغب فيه فقط هو الحصول على المال السريع.
فى المقابل المجهود الذي تقوم الدبلوماسية المصرية لاسترجاع القطع الأثرية المصرية التى تظهر فى الخارج وما يقوم به رجال الشرطة فى الداخل لمنع تهريب الآثار وضبط المنقبين عن الآثار، لن يأتى بأثرها إلا إذا كان المواطن المصري شريك فى حماية آثاره بنفسه مع رفع الوعى بأهمية هذه الآثار له ولوطنه وللإنسانية.