«تسلم إيديك يا أبو الإيدين الشغالين.. يا أبو الإيدين الحمالين.. يا أبو الإيدين البناين.. يا أبو الإيدين السقايين.. الخبازين.. الخلاقين من العدم.. يا أبو الإيدين الورد عرقانين ندى.. دورت عجلات الزمان.. يا أبو الإيدين المغاوير تنباس إيديك ولا يلفوها فى حرير.. أنا بقول لا تمسك القلم»، وأنا الآخر يا عم جاهين أقول يمسك القلم وربما كنت تقصد ما أنا أقصده، مع أنك كنت فى زمان غير هذا الذي أعيشه، فأنت لو كنت هنا الآن كنت ستكون مثلي تكتب رباعيات لا أحد يحفظها ولا يدونها، تنثر الكلمات هنا وهناك ولا أحد يتذوقها، كانت تدويناتك فى هذا الزمن ستتوه فى الزحام، وكأنكم يا عم صلاح أخذت معكم كتب التاريخ، والتأريخ، لكن أنا أثق تماما أنني لو كنت فى زمانك لكنت ناطحت من ناطحته ولكان اسمي كتب فى نفس موضع اسمك.. لكن لا الزمان هو الزمان ولا المكان هو المكان مع إن نفس الأوجاع مستمرة لا تتغير.. ترى يا عم جاهين لو كانت كلماتكم غيرت الأمور، لما وصل إلينا الحال مزريا رثا، ألم يعد المتلقي كما كان؟ أم أن الكلمات باتت بلا روح فى عالم تسوده المادية، أنا هنا يا عم صلاح لأكتب عن ناس لا تكلف نفسها حتى عناء القراءة، أنا هنا يا عم صلاح أحمل الكلمة وكأنني أحمل إثما عظيما أتوارى به عن الناس، أتدري يا عم صلاح أنا كنت أقصد أن يمسك عم إبراهيم القلم ليعبر هو عن نفسه كيفما يشاء.. ليعرض محنته ومنحته.. ليكتب تاريخه ويحكي عن وجعه وفرحه، فالأقلام هنا باتت لا تؤمن، هناك مداد مزيف حقنوا الأقلام به.. فبات يغالط الواقع ولا يشغله إلا متلقى أوحد.. بات يكتب أن عم إبراهيم راض وصابر وهو غير ذلك هو ضجر وقلق على بناته.. هو يخشى أن يموت.. هو يصوم لأنه لا يملك رفاهية أن يأكل كل يوم كإنسان عادي.. نحن نكتب أحيانا بما لا يقوله عم إبراهيم، فهل نكتب أنه حاقد حاسد؟ هل نكتب أنهم يريدون حظهم فى الدنيا ويصبون سخطهم على من يتلذذون أمامهم وهو يجمعون الفضلات خلفهم؟ أتعرف يا عم صلاح أن من المضحكات المبكيات أن حتى من بيديهم الأقلام لا يفقهون الكلم.. بل وأن هذا هو سبب أنهم نُصبوا لذلك.. لكن للحق فى أوانكم أيضا كان منكم جوقة وكنتم تخدعون الناس يا عم صلاح، فلقد روت لي جدتي أنهم خدعوا والد عم إبراهيم ليرضى بفقره وكان أصلعا، فقالوا له «العيش المعفن يطول الشعر»، وأكل أبو عمي إبراهيم كثيرا حتى عفنت بطنه ومات مسموما.. وترك ولده إبراهيم صغيرا فقيرا فشب وأصبح كما هو الآن.. ولا أعرف ما مصير ابنه هو الآخر.. لكن يا عم صلاح كيف سيغتني ابن عم إبراهيم.. إحنا فقرا أوووي يا عم جاهين.. ومع ذلك كل سنة وأنت وهم ونحن طيبين.
آراء حرة
أنا وجاهين وعم إبراهيم والقلم
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق