الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

علامات استفهام حائرة حول الفلسفة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى مجال الفلسفة - ومنذ ظهور أول فيلسوف فى تاريخ الفكر الإنسانى - كان طرح السؤال أهم بكثير من محاولة الإجابة عنه، لأن السؤال لا يفقد بمرور الزمن بكارته، بل قد تتبين أهميته أكثر فأكثر بمرور الوقت، وتتعدد الإجابات ويسقط منها ما يسقط ويبقى منها ما يبقى، ولكن يظل السؤال محتفظًا ببريقه ورونقه، فأول سؤال فلسفى طرحه أول فيلسوف يوناني» طاليس» الذى ظهر فى القرن السادس قبل الميلاد كان: «ما أصل الوجود؟»
وقُدِمَت إجابات عن هذا السؤال تفوق الحصر، منها ما هو صواب ومنها ما هو خطأ، وما زالت تتدفق الإجابات عن هذا السؤال حتى اليوم!! 
هكذا بدأت الفلسفة.. بدأت بطرح الأسئلة. إن مهمة الفلسفة ليست هى وضع الحلول، بقدر ما هى تفنيد للحلول الموضوعة، لأنها لا ترضى أن تسلم بشىء بغير النقد، ولو تخلت الفلسفة عن النقد لتخلت عن روحها، ولم يبق منها سوى جسد ميت.
هناك أسئلة كثيرة مطروحة متعلقة بالفلسفة، كالسؤال عما إذا كان المشتغلون بالفلسفة فى جامعاتنا المصرية هم جميعًا مفكرون، إجابتى عن هذا السؤال بالنفي، إذ ليس صحيحًا أن كل أستاذ يقوم بتدريس الفلسفة فى الجامعات المصرية هو بالضرورة فيلسوف، بل نجد أحيانًا بعض المشتغلين بالفلسفة فى بلادنا هم عبء حقيقى على الفكر والفلسفة، إن بعضهم يمتلك عقلًا معتمًا على نحو ملحوظ، رغم أنه قد يكون حاصلًا على درجة الدكتوراه فى الفلسفة من إحدى الجامعات الغربية أو من أمريكا!!.. ذلك أنه أحاط عقله الذى توقف عن النمو عند مرحلة معينة متخلفة، أحاطه بشرنقة عزلته عن كل ما هو جديد ومبتكر، فسافر إلى الغرب بعقلية «متشرنقة» فلم ير شيئًا، ولم يتعلم شيئًا، بل يعود من بعثته حاملًا الدكتوراه فى الفلسفة (أو فى غيرها من التخصصات)، يعود بعقلية أكثر ضحالة من عقلية «عم عبدالتواب» بواب عمارتنا، الذى أحبه وأحترمه وأقدره كثيرًا، رغم ضحالة تفكيره وسطحيته.
من ناحية أخرى، نجد بعض الأساتذة المشتغلين بالفلسفة فى الجامعات المصرية على قدر عظيم من النضج العقلى والتفتح الذهني، بدرجة تصل بهم إلى مصاف المفكرين العظام، وفى مقدمة هؤلاء جميعًا المرحوم الأستاذ الدكتور فؤاد زكريا والمرحوم الأستاذ الدكتور زكى نجيب محمود والمرحوم الدكتور عابد الجابري،... وغيرهم. اكتفيت بذكر نماذج ممن رحلوا عن عالمنا، وليس معنى هذا أن الساحة الآن تخلو من أساتذة فلسفة أجلاء، بل تجنبًا للحرج لم أذكر اسم واحد من الأحياء خشية النسيان، لكن يبقى أن أقول إن هناك مفكرين مصريين وعرب (داخل تخصص الفلسفة وخارجه) يتمتعون بدرجة عالية من الرقى الفكري، ويمتلكون فكرًا نقديًا مبهرًا، بارك الله فى عمرهم ومتعهم بالصحة والعافية.