السبت 11 يناير 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

صفحات من تاريخ التمدن بالإسلام.. زينة المرأة في العصر العباسي "12"

زينة المرأة في العصر
زينة المرأة في العصر العباسي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يعد العصر العباسي الأول والثاني من أهم العصور التاريخية التي شغلت الكثير من الباحثين والدارسين، ليقفوا على كل صغيرة وكبيرة في هذا العصر، لأنه إن جاز لنا التعبير عصر البناء والهدم لواحدة من أهم وأعظم الدول على المستوى الحضاري، ليس هذا فقط بل أيضا لأنه اكتظ بالعلماء والأحداث التي كانت ولا تزال مجال خصب للكتابة والبحث والدراسة.
ومن بين الموضوعات المهمة والتي تدل على المستوى الثقافي والاجتماعي والاقتصادي بل والحضاري لهذه الدولة، هو موضوع زينة المرأة في هذا العصر، فقد كانت المرأة العباسية، تخصص جزءا كبيرا من وقتها للعناية بمظهرها وجمالها. ولم تكن هذه العناية تقتصر على طبقة معينة من النساء بل كانت شائعة بينهن جميعا.
وكانت هناك أسباب كثيرة ساهمت في دفع المرأة في العصر العباسي للتزين ،منها تقليد زوجات الخلفاء والأمراء والسلاطين وكبار التجار ،وشيوع اتخاذ الجواري اللواتي كان همهن اظهار الجمال وإخفاء العيوب.
وطبعا حين كانت الجارية تباع وتهدى وتشترى وكانت النساء الحرائر على اتصال بهن ،كان لابد للغيرة من أن تتولد وان تدفع الى استخدام وسائل الزينة للظهور بمظهر حسن امام الازواج يمنعهم من اقتناء الجواري.
وقد تزينت المرأة في هذا العصر بأنواع متعددة من الحلي منها زينة الرأس والشعر وارتدت التيجان كحلي للرأس، أما العصائب فكانت من أهم حلي الجبين.بينما كانت زينة العنق القلائد والمخنقة والتي كانت تلتصق بالرقبة التصاقا شديدا، أما زينة الأطواق فكانت عبارة عن حلقة مستديرة تحيط بالعنق ويرى أنها كانت موجودة في العصر السومري والبابلي مع اختلاف الخامات.
ومن ألوان الزينة للسيدات البغداديات الوشم الذي اتخذ أشكالًا مختلفة ومتطورة عنه في العصور العربية السابقة. وفي رسوم سامراء الجدارية تصفيفات متنوعة لشعر السيدات، منها تصفيفة يتكور فيها الشعر خلف الرأس، في حين أن شعرالصدغين قد لوي في شكل حلزوني أشبه بحرف النون أو شوكة العقرب
و قد حرصت السيدات في بغداد على اقتناء واستخدام الحلي في زينتهن إلى حدّ الإفراط. وتركت السيدة شجاع أم المتوكل (ت 247ه) من الحلي والجواهر ما قيمته مليون دينار. أما ما خلفته قبيحة أم المعتز وزوج المتوكل (255 ه) من الحلي فإن قيمته تفوق مليوني دينار، وفي المتحف العراقي مجموعة تعود إلى قصور بغداد في العصر العباسي، فيها أقراط وأطواق وأساور وخواتم.
ويصف الخطيب البغدادي سيدات المجتمع العباسي في بغداد، بأنهن اتخذن زينة عظيمة من الحلي والجواهر والأحجار الكريمة المشغولة ببغداد وسائر المدن والعواصم في الأقاليم المجاورة، فجلبن الانتباه بفخامة ملابسهن وزينتهن وحليهن 
في العصر العباسي أيضا تطورت ملابس النساء تطورا محسوسا عما كانت عليه سابقا فاتخذت سيدات الطبقة الراقية لغطاء الرأس – البرنس – المنضد بالجواهر والمحلى بالسلاسل الذهبية المطعمة بالأحجار الكريمة.
ويذكر لزبيدة زوجة هارون الرشيد أنها طورت من أزياء نساء العصر العباسي فارتدت النعال المنسوجة والعصائب المرصعة بالجواهر وكانت تسرف في شراء الملابس وأدوات الزينة ويذكر أنها اشترت ثوبًا يزيد ثمنه عن500،000 دينار.
وبالغ النساء في زينتهن وأناقتهن، وخاصة في قصور الخلفاء والأمراء والوزراء وغيرهم، فكن يرفلن في الثياب الحريرية ويختلن في الحلي والجواهر متخذات منها تيجانًا وأقراطًا وخلاخيل وعقودًا وقلائد، وقد ينظمنها على شعورهن أو على عصائبهن، كما فعلت عالية بنت المهدي التي كان بها عيب في جبينها، فأحدثت بذلك زيًا فريدًا قلده نساء عصرها.
وكانوا يكتبون على ذيول القمصان وطراز الاردية والاكمام اشعارا ويتخذوا منها بمنزلة الشعار لهم وكانت البغداديات في القرنين الثالث والرابع الهجري وفي البلدان العربية يكتبن على الكرازن والعصائب ومشاد الطرر وكذلك كن يكتبن على الزنانير والمناديل.
من بدع تزين المرأة العباسية طلاء جسدها بالورسهو مثل نبات السمسم يصبغ به ويتخذ منه حمرة للوجه لتحسين لونه حتى تصير صفراء 
كما تزينت المراة العباسية بوضع شاربين صغيران خضراوين فوق الشفتين ! وكان القصد منها التشبه بالغلمان الذين كثر وجودهم في ذلك العصر ،وقد اطلق على النساء المتشبهات بهم اسم ( الغلاميات )
إلا أن التزين لم يمنع السيدة الحرة في العصر العباسي من الاعتزاز بشخصيتها وطابعها العربي، هذا الاعتزاز الذي اجبرها ان تترفع عن بعض اشكال زينة الجواري ،فمن الأنماط التزيينية التي اقتصرت الجواري على استعمالها كانت ضروب الكتابة على الوجة والجباة وراحات الايدي والاقدام، وقد اشتملت الكتابة على أبيات من شعر الغزل أحيانا بالإضافة إلى عبارات رقيقة وأسماء الأشخاص، فالجواري كن يرمين من وراء ذلك إلى استمالة القلوب ولفت الانظار والكتابات نقشت بمواد مختلفة منها المسك والعنبر والحناء.
ويذكر أن (ريطة بنت العباس بن علي) زوجة المتوكل فضلت أن (تطم) شعرها أي تحلقه لكي لا تتشبه بالجواري حينما طلب إليها (المتوكل) أن تفعل ذلك.