الثلاثاء 07 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

رحل مهندس التقسيم وبقيت أفكاره!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رحل منذ أيام أحد أخطر الصهاينة وأكثرهم تأثيرًا فى عصرنا الحالى، إنه المستشرق البريطانى الأمريكى برنارد لويس (1916-2018) أحد أبرز المفكرين السياسيين الغربيين ذوى الأصول اليهودية، والذى ارتكزت دراساته على الإسلام والشعوب الإسلامية وعلاقاتهم مع الغرب.. وقد كتب حوالى ثلاثين مؤلفًا، أغلبها يناقش قضايا الإسلام وتاريخ الإمبراطورية العثمانية والدراسات الشرق أوسطية.
وكان أول من أطلق مصطلح «صراع الحضارات» الذى نسب خطأ إلى صاموئيل هانتنجتون.. كما كانت أفكاره أحد أهم الأسباب لصورة المسلمين فى عيون الغرب، رغم أنه كان يبدى فى حواراته احترامه للدين الإسلامى، والذى كان يصفه بأنه «واحد من أعظم الأديان العالم»، ويعتبره تراثًا من التسامح والاعتراف بالآخر!!.. ورغم ذلك كانت أفكاره تحرض ضد الدول الإسلامية، حيث كان يرى أن الإسلام هو أساس القوة والخطر الذى سوف يؤدى إلى صدام مع الغرب.
وكان يجاهر بضرورة تدخل الغرب فى المنطقة العربية والإسلامية حتى وإن كان بالقوة الصلبة.. كما كان يدعو الإدارة الأمريكية أثناء ولاية الرئيس الأسبق جيمى كارتر إلى اعتماد استراتيجية طويلة الأمد لتقطيع حيز واسع من الجغرافيا الإسلامية، وكل الجغرافيا العربية على نحو من الفسيفسائية الهندسية غير المتناغمة.. وهو صاحب نظرية «التفكيك وتسخين الأزمات».. ومن مقولاته الشهيرة «ادخل بقسوة فى المنطقة أو أخرج»، والتى عرفت بمبدأ لويس فى «القسوة أو الخروج».. ولأن آراءه كانت شديدة التأثير على تيار «المحافظين الجدد» الذى ينتمى له الرئيس جورج بوش، لذلك كان مبدأه هذا سببًا فى تبنيهم وتمسكهم بغزو أفغانستان والعراق!!.
ويعد مهندس تفتيت العالم العربى على أسس طائفية ومذهبية، بهدف إضفاء الشرعية على الدولة اليهودية، وحتى تكون هى الكيان الأقوى فى منطقة الشرق الأوسط كما يسمونها طبقًا لمصالحهم.. وقد كان من أهم أسباب شهرته دعمه المطلق لإسرائيل، وهو ما دفعه إلى التبرع بمكتبته إلى مركز «موشيه دايان» بعد وفاته.. كان من بين نصائحه للولايات المتحدة والغرب القبول بوصول الإسلاميين إلى السلطة بعد إسقاط الأنظمة العربية، بدعوى تحييدهم ودفعهم للاعتراف بإسرائيل.. ورغم أن الكثيرين من أبناء المنطقة العربية كانوا ينكرون نظرية المؤامرة، إلا أن الواقع أكد أن مشروع التقسيم الذى وضعه برنارد لويس كان قد تم إقراره رسميًا فى الكونجرس الأمريكى عام 1983، وهو الأصل الذى بنى عليه سيناريو «الفوضى الخلاقة» لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة «كوندوليزا رايس».. ولكن لأننا أمة لا تقرأ لم نستوعب ما يحاك بنا سوى فى الوقت الضائع!!.
وصف برنارد لويس نفسه بأنه «بالنسبة للبعض عبقرى كبير.. وللبعض الآخر تجسيد للشيطان».. وبالطبع سنراه نحن تجسيدًا للشيطان الذى ما زلنا ندفع ثمن أفكاره من دمائنا واستقرارنا.. فمن الطبيعى أن نكرهه ونلصق فى رقبته مسئولية ملايين الشهداء العرب الذين فقدناهم نتيجة أفكاره وتحريكه الخفى للأحداث فى بلادنا.. ولكن الأوقع أن نلعن جهلنا وغيبوبتنا، ونحترم إيمانه إخلاصه وتفانيه لقضيته التى يؤمن بها.. ويا ليتنا نتعلم منهم!!