الأربعاء 25 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

صفحات من تاريخ العلوم بالحضارة العربية.. داود الأنطاكي صاحب التذكرة (10)

داود الأنطاكي
داود الأنطاكي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كثير منا يتذكر "تذكرة داود" والكثير منا يردد الكلمة دون أن يعي من هو داود صاحب التذكرة لدرجة أن البعض يخيل إليه أنه النبي داود، أبو سليمان عليهما السلام، لكن الحقيقة أن صاحب التذكرة هو داود الأنطاكي المتوفى سنة 1008 هجرية.
هو داود بن عمر الأنطاكي، وكان يلقب بالحكيم الفريد، والطبيب الحاذق الوحيد، جالينوس العرب، وأبقراط زمانه، ولد بأنطاكية وإليها انتسب، وهي مدينة تقع شمال سورية، وقرأ داود للعلماء الأقدمين من اليونانيين أمثال أبقراط وديسقوريدس وجالينوس، كما قرأ لابن سينا والرازي وازهراوي وغيرهم، وعني بدراسة الطب العلاجي خاصة، وتحضير الأدوية والوصفات وما يسمى اليوم "الصيدلة".
ومن أشهر مؤلفاته كتابه الضخم "تذكرة أولي الألباب والجامع للعجب العجاب" والذي عرف واشتهر باسم "التذكرة"
ويقع هذا المؤلف في 700 صفحة من القطع الكبير وقد قسمه داود إلى ثلاثة أجزاء تتضمن مقدمة وأربعة أبواب، خص المقدمة بتعداد العلوم المذكورة في الكتاب وحال الطب معها، ومكانته وما ينبغي له ولمتعاطيه وما يتعلق بذلك من الفوائد. ثم تكلم في الباب الأول عن كليات هذا العلم ومداخله، وأفرد الباب الثاني لقوانين الإفراد والتركيب وأعماله العامة، وما ينبغي أن يكون عليه في الخدمة من مثل السحق والقلي والغلي والجمع والإفراد والمراتب وأوصاف المقطع والملين والمفتح إلى غيرها من المراتب. 
ثم تكلم في الباب الثالث عن المفردات والمركبات وما يتعلق بها من اسم وماهية ومرتبة ونفع وضر، ورتبة على حروف المعجم، ثم أنه تكلم في الباب الرابع عن الأمراض وما يخصها من العلاج وبسط العلوم المذكورة، وما يخص العلم من النفع وما يناسبه من الأمزجة وما له من المدخل في العلاج.
ذكر داود في مقدمة كتابه قال: "عار على من وهب النطق المميز أن يطلب رتبة دون الرتب القصوى، ويقول كفى بالعلم شرفا أن كلا يدعيه، وبالجهل ضعة أن كلا يتبرأ منه، والإنسان إنسان بالقوة إذا لم يعلم فإذا علم كان إنسانا بالفعل".
وعن الطب، قال "إنه كان من علوم الملوك يتوارث فيهم، ولم يخرج عنهم خوفا على مرتبته، وقد عوتب أبقراط في بذله للأغراب، فقال "رأيت حاجة الناس إليه عامة والنظام متوقف عليه، وخشيت انقراض آل أسقليموس ففعلت ما فعلت" ولعمري لقد وقع لنا مثل هذا، فإني حين دخلت مصر ورأيت الفقيه الذي هو مرجع الأمور الدينية يمشي إلى أوضع يهودي للتطبب، فعزمت على أن أجعله كسائر العلوم يدرس ليستفيد به المسلمون، فكان ذلك وبالي ونكد نفسي وعدم راحتي من سفهاء لازموني قليلا ثم تعاطوا الطب فضروا الناس في أقوالهم وأبدانهم وأنكروا الانتفاع بي".
واللافت للانتباه أن تذكرة داود حوت على ما ليس من الطب في شيء، فنقرأ فيها أيضا عن منازل الكواكب والبروج والرقى والتعاويذ والفوائد والأدعية، وكلام في الفلك والجغرافيا، على عادة الكتاب الأقدمين.