الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"رمضان جانا" فتبرعوا لنظافة بلادكم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«رمضان جانا وفرحنا به».. كل عام ومصرنا وشعبها بألف خير، ونسأل هل من الممكن حقًا أن نفرح بشهر رمضان هذا العام بأفكار من خارج الصندوق، لنحاول معًا.. يعرف المواطن المصرى وصول الشهر الكريم إذا ما شاهد فى التليفزيون سيل إعلانات التبرع لكرتونة رمضان التى تعمل على إفطار صائم، ويعرفه أيضًا من أصوات المشايخ والفنانين وهى تدعوكم فى الإعلانات بأصوات متهدجة خاشعة للتبرع إلى المستشفى الفلانى أو العلاني.
كل هذا جميل ورائع ولا غبار عليه، ولكن كيف نؤسس لنظام شفاف يتلقى التبرعات ونسبة من الزكاة لينفقها فى بنية رئيسية بلدنا فى أمس الحاجة إليها، ولا أرى أهم من قضية النظافة فى الشوارع والأحياء والمدن لكى ننفق عليها ما تجود به تبرعاتنا، ولن نستغرق الآن فى كلام عن أهمية النظافة والتخلص الآمن من المخلفات ونتائجه الإيجابية التى تعود على صحة البشر فتغنينا عن التبرع لاحقًا إلى المستشفى الفلانى أو العلاني.
كل حى من أحياء مصر فى حاجة إلى معدات حديثة ومتطورة للعمل على التخلص من القمامة بشكل حضاري، وهذه المعدات مثلًا سيارة كبس المخلفات فور نقلها من الصندوق ربما تكون غالية الثمن ولكنها عالية القيمة، أتخيل أصحاب المصانع ورجال الأعمال والذين فتح الله عليهم من وسع وهم يحسبون نسبة الزكاة المفروضة عليهم، أراهم وهم يتواصلون للتنسيق فيما بينهم ويستمعون للجهاز التنفيذى ممثلًا فى وزارة التنمية المحلية والمحافظين، أراهم وهم يدعمون تلك الجهات بخمسمائة سيارة مثلًا موزعة على عموم مصر، هنا سوف تفتح مجالًا لعمل الأيدى العاملة المتعطلة فنستغنى عن كرتونة رمضان لإفطارها، وهنا سوف تنتهى الجراثيم والقوارض من الشوارع فنستغنى بشكل جزئى عن التزاحم بالمستشفيات، هنا سوف يمشى المصرى والسائح معًا بدون تأفف فنستغنى عن التوتر والقرف الذى يلازمنا كلما اتجهنا إلى ناصية فى بلادنا.
الحكاية باختصار ليست فقرًا وقلة موارد، ولكنها خطأ فى توجيه الموارد والتى يتم إنفاقها بالفعل فى غير محلها، لذلك إذا كنا جادين ونريد أن نغنى معًا «رمضان جانا وفرحنا به» لابد أن نرى مبادرات حقيقية لتنمية وتطوير بلادنا، تنمية تعتمد حسب ما قالت لنا أدبيات الاقتصاديين المحترمين «تنمية مستقلة معتمدة على الذات» فيما الذى يتابع المبالغ المهدرة فى مختلف مجالات حياتنا سيعرف بالتأكيد أن سوء التخطيط هو أول طريق الأزمات.
كل عام وأنتم بخير، ولا أريد أن أكون مزعجًا فى هذا الشهر الكريم وأحاول قدر الإمكان التلميح عن بعد، واللبيب بالإشارة يفهم، تحسين نوعية الحياة للشعب المصرى ليست ترفًا ولكنها ضرورة، تطوير الشارع المصرى ليس رفاهية ولكنه حتمية، المشاركة المجتمعية وسيلة خلاقة تحتاج تفاهمًا وشفافية، فى تاريخ مصر مئات التجارب التى نجحت فى هذا المجال وخسرناها بعد نمو سرطان الاستعراض الإعلامى والتدين الزائف والكذب.
عندكم رمضان وعندكم مليارات الجنيهات سوف يتم إنفاقها، فمتى نغنى معًا «رمضان جانا» بدون مشهد تلال القمامة.