الثلاثاء 07 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الوصاية على الإبداع

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
انتقدت كثيرًا الأعمال الدرامية التى تقدم السوقية والابتذال والألفاظ غير اللائقة.. وطالبت الدولة بالتدخل.. ليس من خلال القمع والمنع لأن الممنوع مرغوب.. ولكن بالقيام بدورها، واستغلال إمكانياتها لصناعة البديل القوى الذى يحقق للمشاهد المتعة وفى نفس الوقت يرتقى بالمجتمع.. لذلك ساءنى أن تقوم لجنة الدراما بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بوضع قائمة بالموضوعات التى ينبغى على صناع الدراما تناولها!!.. وفرض جزاءات على القنوات التى تخالف المعايير التى حددوها!
ولا أعلم أين دور الرقابة على المصنفات الفنية فى حالة خلق كيان آخر يحاسب ويعاقب!!.. وكيف تعاقب قناة على عمل فنى وافقت عليه الرقابة؟!.. فإذا كانت الرقابة على المصنفات الفنية لا تروق لهم فليحاسبوا القائمين عليها أو يستبدلوهم؟!.. ولكن ما معنى صناعة كيانات بديلة فى ظل وجود الكيانات القائمة بالفعل؟!.. وهل نحن فى حاجة إلى تشكيل مزيد من اللجان والمجالس؟.. والتى بدلا من أن تحل مشاكلنا تزيدها، بالتضارب فى الصلاحيات والمسئوليات!!.
من حقنا جميعًا أن ننتقد أى عمل فنى.. ولكن ليس من حق أحد فرض وصاية على أى مبدع.. فهل يظنون أن بإمكانهم تقييد الإبداع وحرية الاختيار فى زمن السماوات المفتوحة؟!.. وإذا استطاعوا فرض الوصاية على أصحاب القنوات المصرية خوفًا من الغرامات، هل سيفرضونها على المشاهد فى ظل وجود قنوات غير مصرية لن يستطيعوا التحكم فيها؟!.. وقد تعجبت عندما سمعت آراء إحدى أعضاء اللجنة، والتى كانت تدافع عن القيود التى وضعوها، بحجة أن الظروف التى نمر بها تتطلب أن يكون لدى الجميع رؤية واحدة!!.. ولا أعلم كيف؟!.. إذا كان الله قد خلقنا مختلفين؟!.. والشئ الذى قد يراه بعض منا إيجابيًا يراه آخرون سلبيًا.. فسقف عقولنا وأفكارنا ليس واحدًا، والمطالبة بأن يكون لدى الجميع رؤية واحدة دربًا من دروب الخيال!!.. ويجب أن نحترم الاختلاف ولا نحاول فرض آرائنا وتوجهاتنا على بعضنا البعض.
ومن المفترض أن يعمل قادة الرأى على تعميق مفهوم احترام الاختلاف والآراء والحريات وليس العكس.. وقد تعجبت أيضًا أن يقوم بعض المبدعين بالدفاع عن هذا التقييد؟! رغم أنهم إذا طبقوا ما يقولونه على أعمالهم الفنية، لوجدوا الكثير مما يتناقض مع ما يطالبون به الآخرين!! فكم من الأعمال الكوميدية الدرامية أو المسرحية القيمة التى أثرت الحياة الفنية، رغم وجود بعض التحفظات عليها؟!.. بسبب احتوائها على بعض الإيحاءات التى قدمت بهدف توصيل الرسالة بطريقة بسيطة ومضحكة.. ولا أعلم هل كنا لنشاهد الأعمال الفنية التى نفتخر بها الآن لو أن المبدعين كانوا خاضعين لنفس القيود التى تملى عليهم ما يجب تناوله!!.. أتمنى من المسئولين المعنيين ألا يشغلوا أنفسهم بتقييد الحريات، وفرض وصايتهم وآرائهم على غيرهم.. فالجيد يطرد الخبيث، ولن يتبق سوى الأعمال القيمة.. ولكن نطالبهم بإعادة الريادة للإعلام الرسمى.. والعمل على إعادة قطاع الإنتاج الذى صنع روائع الأعمال الدرامية التى تربينا عليها!!.. ولكل مبدع يدافع الآن عن التقييد والمنع ظنًا بأنه بمنأى عن ذلك.. احذروا تلك النار لأنها ستطول الجميع ولن تستطيعوا إخمادها.