الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

قرارات ترامب.. ونظرية المؤامرة.. وصفعة القرن

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
القرار الذى أصدره الرئيس الأمريكى رونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووى مع إيران، أصبح يتأرجح حاليًا بين مؤيد آمر ومؤيد مضطر، ومعارض متريث، وتحفظ مبعثر، واستنكار صارخ واستنكار مكتوم.
دوائر تقول إن القرار لم ينضج سياسيًا أو استراتيجيًا أو نفسيًا عقائديًا أو اقتصاديًا أو أمنيًا وتصادم مع الرأى العالم واختلال لموازين القوى فى العالم، واستحدث لغة أخرى فى التعامل الدولى لم تعرفها البشرية، وهناك تساؤلات صريحة... هل هى نازية أمريكية جديدة.. هل هى هتلرية القرن... هل هو فكر عبثى مفتعل... هل هو إيذان بمولد «الحركة الصهيونية الجديدة» على يد ترامب... هل هو دعوة لتغيير الأجناس والأعراق وبناء ما يطلق عليه «الديكتاتورية السياسية السوداء»؟.
هذا هو ترامب الذى يريد أن يجعل أمريكا مخيفة رغم أنه فى ذات الوقت يجعل مواطنين خائفين.
هذا هو ترامب الذى يريد للعالم أن يتحول إلى نيران وجماجم ومقابر جماعية وهو يقف فى صدر المشهد يغنى ويشرب مع إسرائيل على هذه الانتصارات الوهمية.
هل ترامب حقيقة يعشق إسرائيل وقادتها لدرجة الجنون، ويغير على إسرائيل غيرة العاشق الولهان المختل الذى لا يعرف معنى التعادل والتوازن والإتزان بدليل أنه ينفذ لها أكثر من أمانيها ويرعى عنصريتها ويعاونها على اغتصاب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى ويدعم إقامة هذا الكيان العنصرى على أشلاء الشعب العربى ويعزز تهويد القدس ضاربًا عرض الحائط بمشاعر المسلمين والمسيحيين على السواء؟
وبنظرة متجردة إلى ردود الأفعال العالمية فإن الموقف المصرى اتسم بالنزاهة السياسية وأقصى درجات العقلانية والالتزام المتوازن بما تفرضه عليها مسئوليتها تجاه الأمن والسلام الإقليمى والدولى وهو يعكس وبحق مشاعر الشعب العربي، فالقضية أكبر من أمريكا أو الهتاف الحنجورى أو إطلاق الشتائم وعبارات الألفاظ القاسية لكنها نظرة شاملة للوضع العام لمصلحة الدول والشعوب، موقف معناه «الالتزام للجميع» وبالجميع ولصالح الجميع وهو الأسرة الدولية.
هل هو ضد إسرائيل حينما يقول للعالم إن هذا القرار استجابة لمعلومات إسرائيلية المصدر وهو يثير علامات استفهام كثيرة منها كيف صدقت أمريكا على الفور ما اسمته بالوثائق التى تدين إيران، ورسخ فى يقينها أنها كذبت على العالم وإنها تحظى ببرنامج متقدم يمكنها من تطوير ترسانة أسلحتها خلال سنوات قليلة ما سمى «بالخداع النووى الإيراني» وهى وثائق باللغة الفارسية تم ترجمتها، وأمام ما تلقاه ترامب اتخذ قراره قبل الموعد المحدد رغم معارضة حلفائة الأوروبيين، والتساؤل لماذا لم توقع إسرائيل حتى الآن على الاتفاقيات النووية الخاصة بالشرق الأوسط، إذن هذا تكريس لتجاهل إسرائيل الاتفاقيات الدولية بل إنها تدعمها فى معركتها ضد إيران وأعلنت عن أن إيران كشفت عملية موسادية لسرقة الوثائق النووية من طهران.
هل يمكن أن تكون قضية أمن الخليج لها أولوية لدى واشنطن، وأنها تعتبر نفسها الحارسة على أمن الخليج من التدخل الإيرانى فى الشئون الداخلية.
هل يتصور ترامب أنه قادر على تغيير النظام فى إيران وهو الذى حظى بمباركة أمريكية رغم حادث الرهائن بتخليهم عن الشاه دون أى مقدمات ورفضوا حتى استضافته، ووقتها قالت الميديا الأمريكية إن ثورة إيران هى ثالث ثورة فى التاريخ بعد الفرنسية والروسية.
هل نصدق مهما كانت الأحداث أن أمريكا وإسرائيل ستتولى ضمان أمن دولة إسلامية من خطر دولة إسلامية مهما كانت الخلافات المذهبية، وهل نصدق أن توقيت هذه الوقائع ليست للتغطية على الموقف الأمريكى المخزى من قضية القدس، قضية المسلمين والمسيحيين. وبعيدًا عن التحدث بلغة نظرية المؤامرة فإن أمن العرب لن يضمن إلا العرب، ويقع على مصر والسعودية ودولة الإمارات العربية مسئولية خاصة منهم الأقدر على فهم الواقع العربى وتحدياته.
فلتكن هذه الأيام هى إعلان عن صحوة عربية يقودها الثلاثى مصر والسعودية والإمارات حيث يجمعهما هدف نبيل وصفاء أخوى ولن يسمحوا أن يكون أى تحرك على حساب قضية الأمة العربية فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.
صفعة القرن!
أيام ونقف على عتبة المرحلة المصيرية للامتحان القاسى المرتقب، سنواجه تصرفات غير مسئولة وغير عقلانية وقانونية وإنسانية وأطروحات تتزاحم وتتصادم، والأزمات تتعاظم، ونخشى أن تسقط منا القضية الكبرى فى هذه الأجواء وتتعرض للنسيان والتقادم.
تهبط علينا هذه المرحلة شعارات وعبارات ومصطلحات وقرارات، وهاهم يستبدلون فلسطين بمصطلح «الشرق الأوسط» ثم أضافوا عليه الجديد واستخلصوا منه مايسمى بالشرق أوسطية وطرحت صيغ لتعاون إقليمى فى الأمور المالية والبنوك والسياحة والزراعة والطرق والمواصلات والطاقة والاتصالات وأخيرًا المياه.
وتعددت الاختيارات لكن الامتحان الحقيقى هو القدس أم القضايا، والاستيطان والسيادة العربية لامتحان الشرف العربى والإسلامى والمسيحى واليهودى أيضًا، امتحان للإنسانية أمام هذا العدوان على الحق التاريخي.
سلاحنا فى البداية أيها الشرفاء المناضلون من الفصائل الفلسطينية التوحيد، قبل أن يطاردنا شبح التشريد والتهويد والتهديد والوعيد ثم الوعد الجديد بعد وعد بلفور القابل للتمدد.
ساعات أمامنا لنسمع لتفاصيل الأفراح والليالى الملاح التى ستقيمها إدارة ترامب بنقل سفارتها للقدس وما يتردد عن شىء اسمه (صفقة القرن) وهو تعبير صاحب تيلرسون وزير الخارجية الأمريكى المقال، والتى تميزت بالغموض ومن بعده جاء (المتعوس) بومبيو لكى يرفع سلاح الضغط والترهيب ليكمل رسالة (رئيسه خايب الرجاء) ترامب.. وبهذا تم تلخيص بنود الصفقة بأنها خلاصة فكر (المتعوس) على «خايب الرجاء».
وهكذا فإن نظرية الصفقة هى مكافأة الجلاد على محاولاته ذبح الضحية، هذه الصفقة هى إعلاء قيمة التمييز العنصرى والدينى والطبقى واستحلال دماء أبناء الشعب الفلسطيني، وأنها تكريس لنظرية الكراهية لكل من لا يخضع لحكم القديس نتنياهو الذى يلقى ترحيبًا فى البيت الأبيض (سابقًا) حين يزوره بأكثر من الترحيب الذى تستقبل به شخصية عظيمة مثل البابا فرنسيس أو زعماء العالم وفى مقدمتهم تريزا ماى أو ميركل.
أراد ترامب أن يثبت لولى أمره نتنياهو إخلاصه فقام بطرد وزير خارجيته وإقالته بطريقة مهينة لأنه بحكم حداثة عهده بالقيادة والرئاسة لم يفرق بين منهج وزير الخارجية فى الموازنة باعتبارها معاونة ورغم أن ما تسرب حول صفقة القرن لم يكن مقبولًا على الإطلاق لأنه يريد أن يخلد هذا القرن اسمه بأنه قام بإجراء عجز عن تنفيذه رؤساء أمريكا السابقيين واللاحقين بل وساسة العالم وفى مقدمتهم بلفور.
ومهما كانت هذه الصفقة مرتبطة بمعونات أمريكية أو مساعدات أو تحالفات براقة أو مغرية فإن الأمة العربية مستعدة أن تموت جوعًا ولا تتسول الصدقات والحنان الأمريكى خاصة فيما يتعلق بوضع القدس وحرمان الشعب الفلسطينى من حقوقه المشروعة.
وإذا كانت إسرائيل أرادت أن تكرم ترامب بإطلاق اسمه على أحد ميادين القدس فهو رد لجميل سابق حيث أطلق ترامب (اعتباريًا اسم وسطوة نتنياهو) على أمريكا كلها.
لكن ما يتردد عن أن أمريكا سوف تحمى مقدسات المسلمين فإننا نقول لها، أسمع كلامك أصدقك.. أشوف أمورك وقراراتك أستعجب.