أدلى العراقيون أمس السبت بأصواتهم في أول انتخابات منذ هزيمة تنظيم داعش، بينما يسعى رئيس الوزراء حيدر العبادي حليف الولايات المتحدة وإيران لهزيمة جماعات سياسية شيعية قوية ستجعل العراق في حالة فوزها أكثر قربًا من إيران.
وعبر العراقيون عن افتخارهم بالتصويت لرابع مرة منذ سقوط صدام حسين، لكنهم قالوا أيضًا إن ليس لديهم أمل يذكر في أن تحقق الانتخابات الاستقرار لبلد يعاني من الصراعات والصعوبات الاقتصادية والفساد.
وقالت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات إن نسبة الإقبال على التصويت بلغت 44.52% بعد فرز 92% من الأصوات، وكانت نسبة الإقبال في انتخابات عام 2014 نحو 60%، ومن المقرر إعلان النتائج رسميًا غدًا الإثنين.
وشهد إقليم كركوك الغني بالنفط توترات حيث طالب المحافظ بإعادة فرز الأصوات يدويًا وأعلن حظر التجول لمنع وقوع أي اشتباكات عرقية أو طائفية بين الطوائف الكردية والعربية والتركمانية.
ووقعت اشتباكات بين حزبين كرديين في مدينة السليمانية بشمال العراق وسط اتهامات بتزوير الأصوات حسبما قال سكان ومسؤولون، وسيصدر الناخبون حكمهم على العبادي الذي حقق المهمة الدقيقة المتعلقة بالحفاظ على العلاقة مع إيران والولايات المتحدة حليفي العراق الرئيسيين اللذين فيما عدا ذلك يناصبان بعضهما العداء الشديد.
وسيتعين على أي طرف يكسب الانتخابات مواجهة تبعات قرار الرئيس دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران وهي خطوة يخشى العراقيون من أن تحول بلدهم إلى ساحة للصراع بين واشنطن وطهران.
وحصل العبادي، الذي تولى السلطة قبل 4 أعوام بعد سيطرة تنظيم داعش على ثلث الأراضي العراقية، على دعم عسكري أمريكي للجيش العراقي لهزيمة التنظيم حتى مع إطلاقه العنان لإيران لدعم فصائل شيعية تقاتل في نفس الجانب.
ولكن بعد انتهاء الحملة العسكرية الآن يواجه العبادي تهديدات سياسية من منافسيه الرئيسيين وهما سلفه نوري المالكي والقيادي الشيعي هادي العامري وكلاهما مقرب من إيران أكثر منه، ولكن الولايات المتحدة التي غزت العراق في 2003 لإسقاط صدام حسين واحتلته حتى 2011 وأرسلت مرة أخرى قوات للمساعدة في محاربة تنظيم داعش في 2014، لها تأثير عميق أيضًا.
المرشح الأوفر حظًا
ويرى محللون أن العبادي متقدم بشكل طفيف ولكن فوزه ليس مضمونًا، ولم يكن العبادي، الذي درس في بريطانيا، يمتلك آلة سياسية قوية عند توليه منصبه لكنه عزز موقفه بعد الانتصار على تنظيم داعش.
وعلى الرغم من تقربه إلى الأقلية السنية خلال توليه رئاسة الوزراء فإن العبادي استعدى الأكراد بعد أن أحبط مساعيهم للاستقلال، لكنه أخفق في تحسين الاقتصاد والقضاء على الفساد ولا يمكنه الاعتماد فقط على أصوات طائفته الشيعية، وحتى إذا فازت قائمة النصر التي تتبع العبادي فإنه سيتعين عليه التفاوض بشأن حكومة ائتلافية ينبغي تشكيلها خلال 90 يومًا من الانتخابات.
وأما العامري (63 عامًا) فقضى أكثر من 20 عامًا يحارب صدام من منفاه في إيران، ويقود العامري منظمة بدر التي تمثل العمود الفقري لقوات المتطوعين التي حاربت تنظيم داعش، وسيمثل فوز العامري انتصارًا لإيران التي تخوض حروبًا بالوكالة مع السعودية من أجل النفوذ في الشرق الأوسط.
ويشعر عراقيون كثيرون بأن أبطال الحرب والساسة خذلوهم عندما تقاعسوا عن إصلاح مؤسسات الدولة وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية اللازمة.
وقال عامل يدعى خالد الشامي (50 عامًا) في مركز تصويت في بغداد "نحن لا نحتاج دبابات ولا طائرات وإنما ورقة انتخابية فقط حتى نتمكن من إصلاح العملية السياسية التي أجهضها من يحكمون العراق".
ويسعى المالكي للعودة إلى الساحة السياسية من جديد ويقدم نفسه على أنه البطل الشيعي بعدما تعرض للتهميش في أعقاب اجتياح داعش للعراق، ويقول منتقدون إن سياسات المالكي الطائفية خلقت مناخًا مكن التنظيم من كسب تعاطف بين بعض السنة مع اجتياحه العراق في 2014.
وتُقسم المناصب الحكومية العليا بشكل غير رسمي بين الجماعات الرئيسية في البلاد منذ سقوط صدام وخُصص منصب رئيس الوزراء وفقًا لهذا التقسيم للشيعة فيما خُصص منصب رئيس البرلمان للسنة أما الرئاسة، وهي منصب شرفي في نظام الحكم العراقي، فقد خُصصت للأكراد فيما يختار البرلمان الشخصيات التي تشغل تلك المناصب.
ويخوض أكثر من 7 آلاف مرشح في 18 محافظة الانتخابات هذا العام من أجل الفوز بمقاعد في البرلمان الذي يضم 329 مقعدًا، ويحق لأكثر من 24 مليون عراقي التصويت في الانتخابات وهي الرابعة منذ سقوط صدام.