الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

لكي لا نتعرض لإخفاق الأنفاق !

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يخطف الحنين مشاعر وقلوب بعض من المصريين لعهود سابقة حيث كانت الأسعار فى شبه حالة من الثبات والاقتصاد فى حالة نُعٌاس ليست بجميلة، ولكن قبل أن نستسلم لتلك الحالة من الحنين والنوستالجيا غير المشروعة علينا أن نتذكر كيف كانت جودة حياة المواطن تتدهور بشكل سريع فى ظل ذلك الثبات المزعوم!
بعد أن قام الشعب المصرى بموجات غضب متكررة منذ عهد الراحل السادات وحتى 2011م لم يجرؤ أى رئيس على تحريك ذلك الاقتصاد الراكد خوفًا من غضب شعبى يطيح بمكانه فى البلاط الملكى . ولكن الحقيقة أن جودة الخدمة كانت تتدهور مؤثرة على جودة حياة المواطن فى كل مناحى الحياة، فما تنفك الحافلة الجديدة تبدأ رحلاتها فى القاهرة حتى نجدها متهالكة بعد شهور بسيطة.
يرجع ذلك لآثام اقتصادية ارتكبها السابقون خوفًا من الغضب الشعبى حتى أن أجبرهم ذلك الهاجس على تقديم الخدمة للمواطن بأقل من تكلفتها الحقيقية !
مما نتج عن ذلك كوارث اقتصادية تظهر للدولة فى شكل دين خارجى ومعونة أمريكية وعجز فى الموازنة وتضخم مالى وتظهر للمواطن فى حياة متهالكة وغير خاضعة للقوانين بل تؤخذ وكأنها خدمات مسلمًا بها .
ففى الآونة الأخيرة ومع تسعير خدمات مترو الأنفاق بأسعار تكلفة الخدمة الحقيقية وليس غلاء أسعار تذاكر المترو، احتقن الرأى العام تصورًا أن فى ذلك تعسفًا من قبل الدولة. 
لا أحد ينكر تدنى الأجور وموجات الغلاء ولكن لا أحد يدرى أركان القضية الاقتصادية المصرية التى بدأت تأخذ مسارها الصحيح .
فعندما ارتكب ذلك الإثم الاقتصادى السابقون لم يعبأ أحدهم بأى شيء سوى ثبات سعر الخدمة، لم يعبأ بثبات واستمرارية الخدمة ذاتها أو عدم سوء استخدامها أو تقنينها ووضعها تحت سياسة الاستخدام العادل ولم يعبأ بتحديد أولوية مستقبلى الخدمة، فكم من مستقلى مترو الأنفاق قبل التسعير الحقيقى من الشباب الذى يريد أن يملأ وقت فراغه كان يستقل مترو الأنفاق بجنيه واحد أو جنيهين للتنزه فى كل محطات مصر ذهابًا وإيابًا يشغل مقعد مواطن يريد اللحاق بعمله ويعطله، فتجد الذى يجلس لكى يطالع وجوه الناس والممسك بآلة حادة أو قلم مخربًا عربة المترو أو الذى يستغل أوقات الازدحام لكى يضيق الخناق على السيدات والبنات فى غير عربات السيدات ! فعندما تغيب سياسة الاستخدام العادل تزيد الفوضى ! فثمن التذكرة الواحدة لا يقتصر على محطة واحدة بل ثمن المحطة الواحدة مثل الذى يستخدم الأنفاق لكل المحطات !
وكما تضمن سياسة الاستخدام العادل تقنين لأي استهتار بالخدمة تضمن أيضًا حقوق ذوى الاحتياجات الخاصة والطلبة والاشتراكات فى سعر أقل وعادل. 
كثيرون هم المغرمون بأمريكا ربما يشعرون بالغيرة من المواطن الأمريكى معتقدين أنه يحيى فى ظل نعم وخيرات وافرة!! ولكن هل يعلم هؤلاء المخاطر الاقتصادية التى يواجهها الاقتصاد الأمريكى والذى يلزم الرئيس بالقاء خطاب حالة الاتحاد أو خطاب حالة الدولة أمام الكونجرس حتى لا يحدث إغلاق للحكومة والذى حدث بالفعل فى عهد الرئيس السابق أوباما مرتين.
وردًا على الهتافات الجياشة التى تستثير عاطفة الإنسان التى لا ترى الحقيقة فهل من الأفضل أن نتحمل بعض الأعباء البسيطة فى مقابل خدمة أفضل وجودة حياة أفضل وتحسن فى الأجور أم نوجه أيدينا باسطين الكفوف لمعونة أمريكا ولمعونة أوروبا ولغيرهم من الدول ؟ ترى في أي من الحالين تتجلى كرامة المواطن المصري؟