المعلومات، أو إخفاء بعض الحقائق.
وأوضحت أن هناك ثلاثة أشكال لتشويه المعلومات، تتمثل في معلومات يشوهها مصدرها عن عمد، ففي بعض الأحيان، تنقل الوكالات الأخبار المشوهة أو المحرفة، ثم تذكر مصادرها، بقصد الابتعاد عن النقد والملامة، ومعلومات تشوهها الوكالات عن عمد، من خلال إدخال بعض التغييرات والتحريفات في صياغة الخبر، بطريقة تظهره سلبيًا، بعد أن كان إيجابيًا، والغرض الرئيسي من التحريف في الأخبار هو خدمة مصالحها الاقتصادية أو السياسية.
وتابعت أن هناك معلومات تُشوّه عن غير عمد، لأسباب سيكولوجية أو مهنية، فتجد بعض الوكالات لا تستطيع تحريف بعض الأخبار، لأنها واضحة في مضمونها.
وأشارت إلى تقرير سري للكونجرس الأمريكي، بشأن كسب العمليات العقائدية والسياسة الخارجية، عن طريق الهيمنة المعلوماتية، وتحقيق مصالح السياسة الخارجية، باستعمال الأدوات الحديثة وتقنيات الاتصالات.
روبرت ميرودخ.. عراب الإعلام
رجل أعمال أمريكي أسترالي، وحصل مؤخرًا على الجنسية الإسرائيلية، يمتلك أكبر وأهم الصحف العالمية، أهمها "نيويورك بوست" الأمريكية والـ"صنداي تايمز"، والـ"صن" الإنجليزيتان، بالإضافة إلى سيطرته على شبكة "فوكس نيوز" التلفزيونية، وضمه محطة "تي جي آر تي" التلفزيونية التركية مؤخرًا لإمبراطوريته.
قال عنه "تقرير واشنطن"، الصادر في عام 1995، إنه أفضل من يمكن تكليفه بدعم إسرائيل إعلاميًّا، إذ تحرص جمعية الصداقة الأمريكية الإسرائيلية "اللوبي اليهودي"، على شكره دائمًا، لحرص مجموعته على دعم الدولة العبرية إعلاميًا واستثماريًا، إذ استلم ميردوه عديد الجوائز من الجمعيات اليهودية في العالم، كما أن بيتر شيرنين، الرجل الثاني في إمبراطوريته، هو يهودي متعصب.
تضم إمبراطورية ميرودخ 800 مؤسّسة إخبارية وإعلامية، ليس في بريطانيا والولايات المتحدة وحدهما، بل في أستراليا، وإيطاليا، و52 بلدًا آخر، لتمتد إلى أربع قارات حول العالم، حيث يمتلك يمتلك أكثر من 175 صحيفة عالمية شهيرة من بينها: "التايمز" اللندنية، و"الصنداي تايمز" و"الصن" الشعبية أوسع الصحف البريطانية انتشارًا، و"نيوز أوف ذي ورلد"، و"نيويورك بوست"، و"وول ستريت جورنال" ثاني الصحف الأوسع انتشارًا في الولايات المتحدة، وإحدى أهم الدوريات الاقتصادية في أمريكا والعالم.
وتلفزيونيًا، تضم الإمبراطورية 12 محطة تلفزيون في أمريكا وحدها، منها شبكة تلفزيون "بي سكاي بي"، وشبكة "فياكوم" مالكة "سي بي إس" و"يو بي إن"، وشبكة "فوكس"، بالإضافة إلى شركة "فوكس القرن العشرين" للسينما، إحدى أهم شركات الإنتاج التلفزيوني والسينمائي في العالم.
تتعامل إمبراطورية ميردوخ مع الأحداث والأخبار كبضاعة يجب تسييسها وتسويقها بشكل مؤثر ومربح في آن واحد، مهما كان الثمن الأخلاقي، وهو ما استخدمه في كثير من المواقف، ومنها حادث الاعتداء على جريدة "شارلي إبدو" الفرنسية، حين نشر تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، حمل خلالها كل المسلمين مسئولية الحادث، قائلًا: "قد يكون معظم المسلمين مسالمين، لكن يجب محاسبتهم حتى يدركوا ويدمروا سرطان الإرهاب المستمر في النمو بينهم".
جيرفي بيكس.. موجه الرأي العام العالمي
رجل أعمال أمريكي، يمتلك قناة "CNN" العالمية، التي تشكل جزءًا كبيرًا من الرأي العام في العالم كله، وتوجه الأحداث بشكل عام لما يخدم مصالحها، ومصالح المسئولين عنها، وتعمل وفق إستراتيجة سياسية تدعم الكيان الصهيوني.
يمتلك بيكس أيضًا شركة "تايم وارنر"، المالكة لعدد من أهم العلامات الإعلامية التجارية في العالم، منها إستوديو "وارنر" للإنتاج السنيمائي، بالإضافة إلى عدد كبير من الشبكات التي تنتج أفلام متخصصة للكبار والأطفال، وكذلك فرعًا للنشر، التي تطبع وتنشر عددًا كبيرًا من الكتب المصورة وكتب الأطفال.
روبيرت إيجر.. مستهدف الأطفال
رجل أعمال أمريكي، ويُعتبر هو الشخصية الأقرب من حيث التأثير، لعدد كبير من العائلات في العالم العربي، إذ يشغل منصب المدير التنفيذي لشركة "والت ديزني" الشهيرة، التي
تمتلك عددًا كبيرًا من العلامات التجارية التي تهتم بشكل أساسي بإنتاج قصص مصورة للأطفال، ونشرها من خلال العروض السينمائية، والقنوات التليفزيونية، بالإضافة إلى الإنترنت.
وتستهدف هذه الشركة التأثير في وعي الأطفال، وتشكيل أنماط تفكيرهم، ومحاولة محو هويتهم العربية الإسلامية، وفرض ثقافة العالم الجديد عليهم، من خلال العولمة، لتضمن وجود إسرائيل، وعدم تشكيل أي خطر عليها في المستقبل.
الإعلام العالمي والتبعية
التبعية عبارة عن علاقة تنطلق من التابع إلى المتبوع، عبر عملية إلحاق قصري بوسائل سياسية واقتصادية وعسكرية، وغزو ثقافي وفكري، لتعميم نظام الإنتاج الرأسمالي، وتسويغ للهيمنة التي تمارسها دولة عظمى أو مجموعة دول أحرزت تقدمًا في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا والتعليم، فتستخدمها لتحقيق أهداف مادية وإستراتيجية، بما تفرضه على أمم وشعوب أخرى أقل تقدمًا من إجراءات تلزمها بها، وتجبرها على تنفيذها كي يمكنها البقاء والاستمرار.
وفي هذا، قالت الدكتورة عواطف عبد الرحمن، أستاذ الصحافة، بكلية الإعلام، جامعة القاهرة، في كتابها "قضايا التبعية الإعلامية والثقافية في العالم الثالث"، إن من أبرز المشكلات التي تواجه الإعلام، استمرار الميراث الاستعماري في أغلب هذه الدول في عدة جوانب، أبرزها استخدام لغة المستعمر في أجهزة الإعلام، مثل الدول الإفريقية ذات التعبير الإنجليزي والفرنسي حيث لا تزال الصحف والإذاعات تنشر وتذيع باللغتين الفرنسية والإنجليزية التي لا يجيدها سوى ١% من سكان هذه الدول.
أما الكاتبة التونسية، الدكتورة آمال موسى، فقالت إن أحدًا لا يستطيع الاستغناء عن وسائل الإعلام؛ فالعلاقة تحكمها التبعية التي تتفاوت من شخص إلى آخر، مضيفةً: "علاقة التبعية المشار إليها لم تتشكل من فراغ، بل إنها تستند إلى مقاربة وظيفية لدور وسائل الإعلام في حياة الأفراد والمجتمع في الوقت الراهن، فهي من دون منازع مصدر للمعلومات والأخبار، كما أنها تساعد على الاندماج الاجتماعي داخل البيئة الاجتماعية، علاوة على كونها تمثل سوسيولوجيا مؤسسة من مؤسسات التنشئة الاجتماعية الثانوية".
وأوضحت أن لوسائل الإعلام وظائف ثلاث، تتمثل في الإخبار، والتثقيف، والترفيه، ولكن مع التغيرات التي طرأت على وظائف الإعلام، أضحت وسائل الإعلام أدوات للهيمنة السياسية والآيديولوجية والاقتصادية.
وأكملت: "العلاقات بين وسائل الإعلام بعيدة عن التعاون والتنافس، وأقرب ما تكون إلى الصراع، صراع من أجل احتكار المعنى والصورة والرمز. ولعل القنوات الدينية خير دليل على ما ذهبنا إليه، حيث السعي حثيثا وقويا من أجل التأثير في العقول والهيمنة الآيديولوجية. وليس من قبيل الصدفة أن يتضاعف عدد القنوات الدينية في الفضاء الاتصالي العربي سنة 2012 ثلاث مرات، وأن يتزامن ذلك مع عودة الإسلام السياسي إلى المشاركة السياسية في بلدان الثورات العربية، ونقصد تونس ومصر".
وأشارت إلى اتهام المفكر الفرنسي، بيار بورديو،
التلفزيون، بالتلاعب بالعقول، وأنه بإمعان
النظر في الرسائل الإعلامية، سنجد صراعًا، كثيرًا ما تغيب عنه قيمة الموضوعية،
مؤكدةً أن المتلقي هو هو ضحية هذا الصراع وهذا التلاعب، حيث يصبح الواقع أمامه
أكثر غموضًا وتعقيدًا.
وتسائلت: "ها نحن اليوم على المستوى العالمي هناك الآلاف من الصحف
والإذاعات والقنوات، ولكن من منا يستطيع أن يجزم أنه فهم جيدا مسألة تنظيم داعش
ومن يقف وراءها ومن يحركها؟ من منا يستطيع أن يفسر لنا بمنتهى الوضوح والإقناع،
ملابسات الثورة التونسية، وما يحصل اليوم في سوريا؟".
وأكملت أن عملية التلاعب بالعقول تتضاعف في الفضاء الإعلامي العربي؛ لأن
غالبية وسائل الإعلام ما زالت في علاقة تبعية.
الإعلام الدولي وحرب المعلومات
قالت الدكتورة نسمة البطريق، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، في
إحدى مقالاتها، إن ظاهرة حروب الإعلام الدولي ظاهرة تحتاج إلى العديد من الأدوات
العلمية، حتى يمكن تفسير أبعادها،خاصة في تلك الفترات التي يحتد فيها الصراع
الفكري السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
وأضافت أن التقدم العلمي أصبح أهم تلك الآليات لتحقيق الأهداف
المتعددة للإستراتيجيات الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، مستغلة
في ذلك تقدمها المستمر في مجالات عديدة لخدمة أهدافها.
وأشارت إلى أن الهدف من ذلك صناعة مضمون متقن، فكريًا وفنيًا،
بهدف "قلب نظم"، وإقامة أخرى، وإحداث حروب أهلية، وتفتيت عقائد.
وأكدت "البطريق" أن حروب المعلومات انطلقت من خلال
أهداف دعائية وأيديولوجية، بقوالب إعلامية متعددة، تهدف في المقام الأول السيطرة
الاقتصادية والسياسية، مشيرةً إى تزايد حدة الصراع الدولي وحروب الشائعات
والمعلومات، التي غالبًا ما تسبق التدخل العسكري، خاصة على الأراضي العربية، كما
حدث في سوريا وليبيا والسودان ومن قبلهم الصومال والعراق.
وحذرت من أن تلك الآلة الإعلامية الدولية، تصدّر معلومات من
المراكز والهيئات السيادية في الولايات المتحدة الأمريكية، ودول أوروبا الغربية
المتقدمة، وأن هذه الدول تحاول تأجيج حدة الصراعات، لممارسة حروب مكشوفة في
المجتمعات العربية.
وأكملت أن شعوب الدول النامية، هم الأكثر عرضة لمضمون الإعلام
الدولي، دون التمعن في المعاني الحقيقية، خاصةً أنها شعوب ترتفع فيها نسب الأمية،
والفقر، والتفاوت الطبقي، مؤكدةً أن تلك هي البيئة السكانية والاجتماعية المناسبة
ليحقق الإعلام الدولي المغرض استراتيجياته.
ولفتت الدكتورة نسمة البطريقة إلى الآليات التي يتحرك من خلالها
الإعلام الدولي، وهي القدرة الهائلة على جمع المعلومات، خاصةً بعد اكتشاف قوتها
كأداة هامة ورئيسية في مجالات صناعة الشائعات، وتصديرها بسرعة فائقة، والمحاولة
الدءوب لطرح وتأكيد ثقافة بديلة ورأي عام بديل وذلك من خلال نظمها الدولية
للاتصالات والإعلام وجمع المعلومات وشبكات التواصل الاجتماعي، على أسس تجارية.
وتابعت أن هذه الدول تسيطر على وكالات الأنباء العالمية، التي
تحتكر أكثر من 80% من تدفق المعلومات، وبالتالي من السيطرة الإعلامية ومن القدرة
علي فرض فكرة الثقافة البديلة.