تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
سنوات طوال نصرخ جميعًا مطالبين بإصلاح حقيقى فى مناهج التعليم، مطالبين برؤية شاملة لتنهض بلادنا من كبوتها التى طالت، التعليم هو العتبة الأولى التى ما إن تجاوزناها نجد كل ما يليق بالأمم المتحضرة من صحة وبحث علمى، بل وشفافية فى مواجهة الفساد، ما إن تجاوزنا الفجوة الرهيبة فى مدخلات التعليم بمصر ومخرجاته يمكننا وقتها أن نقول بأننا بدأنا السير فى الطريق الصحيح.
نهاية الأسبوع الماضى ظهرت ملامح خطة وزارة التربية والتعليم، وبمجرد تداول الخطة فى الإعلام حتى تعالى الصراخ من جديد ما بين مؤيد ومعارض، لم يمنح الطرفان نفسيهما فرصة لدراسة الخطة بشكل متأن، فالمؤيد يرى أنها خطوة واسعة نحو التقدم بينما رأى المعارض أنها خطة لتدمير البقية الباقية من النظام التعليمى، حاولت القراءة للطرفين ولم أجد إلا كلام إنشائى لا يمكن الاعتماد عليه، ولما كانت تلك الخطة التى تحصد كامل ثمارها فى عام 2026 قد سهر على إعدادها فريق من الخبراء لأكثر من عامين، فالواجب علينا أن نتمهل قبل إصدار الإحكام.
لا يمكن بجملة معارضة من هنا وعبارة مؤيدة من هناك، أن تؤسس وجهة نظر متكاملة حول مشروع التطوير المقترح كخطة لها جدولها الزمنى، والحقيقة هى أن أى حجر يتم إلقاؤه فى بركة التعليم الراكدة من عشرات السنين لقادر على تحريك المياة، لذلك من المهم أن تكون المتابعة أثناء التنفيذ متابعة بعين نقدية، تضيف وتحذف على طول الطريق، فليس من مصلحة أحد استمرار الأوضاع كما كانت عليه، فكلنا يعرف وكلنا عانى من العقم الذى صاحب العملية التعليمية بمناهجها التى كانت عبارة عن فضائح بين أغلفة الكتب.
الحمل ثقيل جدًا والعبور بكارثة التعليم نحو الشاطئ تحتاج إلى جسارة محسوبة بعناية، فالتعليم هو واحد من أهم الصناعات الثقيلة التى يدوم إنتاجها لعقود، إن لم يكن لمئات السنين، لذلك نحسب لوزير التعليم اقتحامه لهذا الملف بحس وطنى وبرغبة صادقة فى التغيير، وأعرف أن صدامات داخل الوزارة قد تحدث فى المرحلة القصيرة المقبلة، بعد أن تغول بزنس الأفاضل الذين فرضوا علينا الركام فى صورة مناهج، هذا الركام الذى خلق تجارة واسعة فى سوق الكتاب الخارجى وفى سوق الدروس الخصوصية حتى بات الأمر وكأن «مافيا» كانت تحكمنا فى هذا المجال.
كل ما أرجوه هو أن يستمع الفاضل وزير التعليم لوجهات النظر المخالفة ربما فيها ما يضئ، وأن تهدأ موجة الاعتراض والتعامل بحكمة، فليست كل الصورة سوداء، عرفت عن خبيرة فى مجالها التربوى أثق فى رجاحة عقلها، أنها تؤيد تلك الخطوات الإصلاحية التى تم الإعلان عنها، وعددت مزايا خافية لم تظهر بين السطور منها مواجهة التحايل الذى يحلو للبعض ممارسته فى سن دخول التلميذ للمدرسة، ومنها أيضًا إمكانية السيطرة على كثافة الفصول وغير ذلك الكثير لسنا فى مجال عرضه الآن.
إذا كانت الضجة المصاحبة لهذه الخطة ونحن نتكلم عن التعليم المدنى العادى، فكيف سيكون الحال عند اقتحام قضية الازدواجية المتعلقة بالتعليم الأزهرى؟ علينا من الآن أن لا تشغلنا مساحة الخطوة التى نقف عليها، ولكن لا بد أن ننظر ونضغط ونطالب بضرورة فتح ملف التعليم الأزهرى، الذى يمثل دولة داخل الدولة، هذه هى المعركة الكبرى التى خاضها وزير التعليم الحالى، لطالبت بإقامة تماثيل له فى كل ميادين مصر.