الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

الأفارقة في مصر.. قضية مزمنة تحتاج حلولًا عاجلة

 صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تظل مشكلة الأفارقة المنتشرين فى أحياء العاصمة تبحث عن حل، فرغم احتضان مصر لأبناء قارتها السمراء، من اللاجئين أو الباحثين عن فرص أفضل للحياة، أو حتى من يتخذون من مصر «ترانزيت» للهجرة إلى أوروبا، إلا أن انتشارهم دون أوراق هوية، يمثل خطرا على الأمن القومي، فبينهم من تجعله ظروفه الصعبة التى مر بها حتى وصل إلى القاهرة هدفا سهلا لاستقطاب الجماعات الإرهابية، وبينهم من يسعى للحصول على الأموال ما يورطه فى ارتكاب جرائم.
الحى العاشر فى مدينة نصر، يعد من أكبر مناطق القاهرة التى تحتضنهم، حيث شهد زحفا متزايدا خلال السنوات الأخيرة، حولت ذلك الحى الهادئ الى ما يشبه جزءا من أدغال القارة السمراء، بعد أن توالى عليه نزوح عدد من الجنسيات الأفريقية، خاصة من تشاد وزامبيا وإثيوبيا والصومال وغانا هربا من أوضاع بلادهم المتوترة وبحثا عن فرصة عمل أو علاج وربما للاستقرار فى مصر، المريب أن وجودهم غير الشرعى وانتشارهم بات من الظواهر المقلقة والمهددة للأمن القومى للبلاد بعد أن زادت جرائمهم مع تخوفات من خطر تجنيدهم لصالح جماعات إرهابية لتنفيذ عمليات تخريبية فى شوارع العاصمة، فيما اتسعت دائرة الخطر مع انتشارهم بمنطقة الجبل الأحمر والكيلو 4 ونصف مع زحف مستتر على المدن الجديدة النائية والعاصمة الإدارية للعمل فى ساحات البناء والتشييد.
وهو ما يتنافى مع حق اللجوء إلى مصر الذى لا مانع منه لكن وفقا لشروط وقواعد منصوص عليها فى المادة ٩١ فى دستور ٢٠١٤ والذى يكفل الحماية للاجئين إلى مصر طلبا للحماية، ولكن الأرقام تقول إن الأفارقة غير الشرعيين بلغ عددهم نحو «٣٠٠ ألف شخص» بمنطقة الحى العاشر ويتمركزن بالمنطقة فى تجمعات عشوائية ويقيمون أسواقا تدار لصالحهم، رغم أن الجهات المعنية لم تصرح لهم بذلك أو إقامة أى تجارة أو بناء أملاك خاصة بهم، كما تحظر جهات الاختصاص التحايل على القانون من جانبهم أو الاتجار باسم أحد المصريين، لكن الواقع شيء آخر، فهم يتحركون ويتجاورون ويديرون محلات.

حيل متعددة
الحكاية تبدأ من عند «شاهين» ذلك الأفريقى الذى جاء من غانا وهو شاب ثلاثينى ويقول: أحمل فيزا سياحة وأقوم بتجديدها كل ٦ أشهر وأقيم بمدينة القاهرة، وهو يدير «مطعم بدائى الإنشاء» لا يحتوى إلا على ٢ ترابيزة وعدد من المقاعد البلاستيك ومعه فتاتان وسيدة من نفس الجنسية، وعند متابعة حديثه قامت السيدة بالمقاطعة ومنعته من استكمال كلامه.
فيما قالت «تونا» إحدى سكان الحى وتحمل الجنسية السودانية: أتيت منذ ١٥ سنة للدراسة بجامعة الأزهر وتزوجت زميلى من نفس جنسيتى السودانية ولدينا ٣ أولاد ونقوم بتجديد الفيزا كل فترة، ولدينا تجارتنا وهى بيع مستحضرات التجميل ولا أحصل على أى مساعدات من قبيل المفوضية.
كما ظهر أيضا «نيجيرى الجنسية» رفض الإدلاء باسمه وقال: «أقيم بالقاهرة منذ عام» وتابع: «أتيت للحصول على فرصة علاج مناسبة، مؤكدا أنه يعمل «ترزي» حيث يقوم بتفصيل الملابس وبيعها للتجار، وأضاف «مشكلتى أنه ليس لدى أصدقاء". 
وفى جولة داخل شوارع الحى الذى أصبح مزدحما بالأفارقة متعددى الجنسيات وتحديدا من «غانا، تشاد، الصومال إثيوبيا» لوحظ أن منطقة الحى العاشر صارت ساحة لممارسة نشاطاتهم وتجارتهم وبناء عمائر خاصة بهم وهناك أيضا محلات يديرونها هناك مثلا: محل بلايستيشن لا يحتوى سوى على ٣ أجهزة كمبيوتر و٣ كراسى بلاستيك مع ملاحظة وضع غطاء ممزق كباب للمحل الذى لا يحمل صفات المحل التجارى المتعارف عليها فهو يشبه «خيمة» يديره ثلاثة أفارقة.
بينما قال أحدهم بانفعال: أنا من أوغندا وأتيت بفيزا سياحة وأجددها كل فترة ورفض أيضًا الكشف عن اسمه، مشيرا إلى رجل ستينى يشبههم بالهيئة ويلقبه الأفارقة بـ يوسف محمد محمود ويلقب بـ «أبونا» ويتحدث اللغة المصرية بطلاقة وقال: «جئت إلى مصر منذ ١١ سنة بمفردى فيما هاجر أولادى لأستراليا، وأنا فضلت فى مصر وأجدد الفيزا كل فترة". 
وباستكمال جولة «البوابة» داخل شوارع الحى التقينا بـ «أحمد حسن» أحد المصريين القائمين بالحى الذى قال، إن كل المحلات التابعة للأفارقة بالحى باسم ملاك مصريين على الورق ومش بيجيلهم ضرائب ولو جالهم ضرائب بتجيلهم باسم المالك المصرى وحتى الكهربا بيسرقوها، كما أشار إلى أنهم يقومون ببناء عمارات سكنية مخالفة.
وقال «رأفت الشناوي» من سكان الحي: دول بيشتغلوا حرامية وكل يوم الشرطة بتيجى تاخذهم ويلازمهم شخص معروف بانتمائه للجماعات المتطرفة ويحرضهم ضد من يختلف معه، مشيرا إلى سلوكهم العنيف ضد سكان المنطقة الأصليين.

اعتراف أمنى
من جانبه لم ينف مصدر أمنى «رفض ذكر اسمه»، أن وجودهم بالبلاد غير مريح ووصف الأمر بـ: «مقلق» لافتا الى أن منهم من استطاع الاستقرار والتجارة والبناء المخالف ومنهم من لم يستطع التأقلم مع المصريين وعاداتهم وسلوكهم وإثارة المشاكل وينتظر الهجرة مرة أخرى ولكن عبر الأنفاق بسيناء الى إسرائيل أو إلى أى دولة أخرى هجرة غير شرعية قائلا: «مصر بالنسبة لهؤلاء محطة ترانزيت» وأضاف أن معظمهم يأتى كمرافق لمريض أتى للعلاج أو مريض ويستقر بدون إثبات لوجوده.
«بينما حذر أشرف عمر» أحد سكان الحى العاشر والمرشح بالمحليات عن دائرة مدينة نصر، من خطر الأفارقة، قائلا: يوجد بمدينة نصر قسم أول العديد من المشاكل سببها الأفارقة وسلوكهم الذى لا يتوافق مع السلوك المصري، مؤكدا أن معظمهم يزاولون نشاط الاتجار بالمخدرات وكل ذلك خارج عن السيطرة فى غياب المحليات التى سمحت لبعضهم ببناء عمارات مخالفة وحولت الحى العاشر إلى منطقة شبه عشوائية.
وتابع «أحمد مصطفى» موظف بهيئة حكومية. أصحاب المحلات والمطاعم يفضلون تشغيل الأفارقة أو الجنسيات غير المصرية كـ«الكاشير» أو عامل نظافة ويستغلون نسائهم كالخادمات لأنهم يقبلون بأى مقابل مادى حتى ولو كان أقل مما يستحقون على عكس المصريين لا يقبلون بالقليل عن حقهم.

خطر الفيزا السياحية
فيما قال النائب جمال محفوظ عضو لجنة الشئون الخارجية بالبرلمان إنه لا يوجد بمصر لاجئون ولا نخاطب المفوضية للحصول على معونة مقابل تكافلهم بمصر، أما الأفارقة المتواجدون فهم حاصلون على فيزا سياحة وتخطوا المدة المسموحة لهم وهذا غير قانوني، وعند الوصول لأى تجاوزات يتم القبض عليهم وأشار إلى أن هذا النوع من المخالفات يحدث فى جميع دول العالم.
وأضاف محفوظ، أنه من الممكن استغلالهم من قبل الجماعات المتطرفة لتنفيذ أعمال إرهابية، لافتا إلى أن استغلالهم لمنشآت الدولة يندرج تحت إهدار المال العام.

وضع غير قانونى
وفى نفس السياق قال محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق والفقيه الدستوري: إن وجود أى أجنبى فى مصر يحكمه القانون الدولى بما فيه الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الخاصة بالإقامة والهجرة، مؤكدا أن تواجد مهاجرين غير حاصلين على إقامة أو رخصة هو وضع غير قانونى ويجب التعامل معهم على أنهم متواجدون بدون وجه حق أو مبرر ويتم إعادتهم إلى بلادهم محذرا من خطورتهم.
وأضاف حامد، أن إنشاء مبان ومزاولة التجارة من جانب هؤلاء وخاصة المقيمين غير الشرعيين جريمة، وإذا لم يطبق القانون يعد ذلك تقصيرا من السلطة القانونية ووزارة الخارجية ويجب تبليغ النيابة العامة عنهم واتخاذ إجراء قضائى بجريمة عدم شرعية إقامتهم ونشاطاتهم.
بينما كشف محمد عبدالغفار «رئيس المجلس الاقتصادى الأفريقى وسفير منظمة بانافريكانز موف مينت العالمية لدى دول شمال أفريقيا والعالم العربي» عن خطورة الوضع وقال إن منطقة الحى العاشر والكيلو ٤ ونصف والجبل الأحمر يوجد بهم الكثير من الأعداد والجنسيات المختلفة المتسربين من تفتيش الجوازات والهجرة وتحديدا من دولة التشاد الذين استوطنوا بمصر منذ سنوات، كما توجد تجمعات كبيرة للصوماليين فى نفس المنطقة مع زحف على المدن الجديدة الأخرى خاصة النائية بعيدا عن الرقابة الأمنية.
وأكد عبدالغفار، أن هناك فرقا بين اللاجئين ومن يطلق عليهم النازحين الذين يتواجدون بشكل غير شرعي، أما اللاجئون فهم من أتوا بوثيقة لجوء حيث يتواجد اللاجئ لحين إيجاد فرصة لتوطينه فى دولة من الدول التى تستقبل اللاجئين.

شروط اللاجئين
وقال إنه يشترط أن من يأتى لاجئا سياسيا أن يكون على ذمة اضطهاد سياسى أو توتر حروب ببلاده أو مجاعة على أن يكون الأمر وفقا لترتيب من الأمم المتحدة مع إجراءات أخرى وعمل وثيقة لجوء ليخصص للاجئ لاحقا غطاء مادى تتكفل به الأمم المتحدة والمنظمة الدولية للمهاجرين على سبيل الإعانة شهريا ليستطيعوا العيش وهذا المبلغ كان يقدر بـ٢٠٠ دولار وتم خفضه لـ٥٠ دولارا ثم انقطع نهائيا، مما أدى الى تقاعس اللاجئين عن تسجيل أنفسهم بالمفوضية، مؤكدا أن من أسباب تواجد العديد من اللاجئين بمصر أنه لا يوجد تمييز أو اضطهاد من قبل المصريين لهم.

التحايل على القانون
وتابع «عبدالغفار» أن هناك العديد من التجاوزات من قبيل النازحين وهم من أتوا بطرق غير شرعية ويتواجدون كزائرين ومن المفترض أن تكون المدة المسموح بها أسبوعين بحد أقصى ٥٥ يوما بغرض طبى أو مرافق لمريض لكنهم يتخطون المدة المتاحة لهم، ثم يستدعى ويتصاعد مؤشر تجاوزهم منها من يتزوج بأكثر من واحدة ويقوم بتشغيلهن كخادمات وهذا ما يجرمه قانون الجنايات المصرى فى المقابل يشغلون فرص عمل كثيرة بالبلاد ومن المفترض أن تكون متاحة للشباب المصريين وذلك يرجع لعدم تطبيق قانون الإقامة الشرعية للنازحين الأفارقة.

نهب قوت المصريين
كما أن سياسات العمل بالقطاع الخاص لا تتبع إجراءات التعيين والتأمينات حيث يقوم صاحب الورشة أو الشركة بتوظيف الأفارقة النازحين المتواجدين بشكل غير شرعى كما يتم استقطاب البعض للعمليات الإرهابية والسرقة وذلك لحاجتهم للمال.
وأشار عبدالغفار الى أن لهم تأثيرهم الكبير على الاقتصاد لأنهم يستفيدون من الخدمات والمرافق والدعم المقدم للشعب المصري، ولفت إلى أن مصر تعتبر الدولة الوحيدة التى ترفض إقامة معسكرات لعزل اللاجئين فى الصحراء لأن ذلك يؤدى الى انخفاض الخدمات التى يحصل عليها اللاجئ وانتشار الأمراض وعدم الحصول على فرصة للتعليم، بالإضافة إلى أنه يتيح الفرصة لسكان هذه المعسكرات للتسلل بين أفراد المجتمع والتوطين.

أخطر جرائمهم
أما عن أبرز الجرائم التى رصدتها الأجهزة الأمنية بحقهم فتمثلت فى ضبط عصابة مشكلة من ٣ سودانيين قامت بسرقة ١٩ شقة بالقاهرة ألقى رجال مباحث القاهرة القبض على ٣ سودانيين بالمعادي، حيث اعترف المتهمون أمام اللواء خالد عبدالعال مساعد وزير الداخلية لأمن القاهرة بارتكاب الواقعة بأسلوب المفتاح المصطنع واعترفوا بتكوينهم تشكيلا عصابيا تخصص نشاطه الإجرامى فى سرقات المساكن بنفس الأسلوب وضبط بحوزتهم ٤٠٠ جرام دهب ومبالغ مالية ٧٠٠٠جنيه وأجهزة مسروقة عدد ٣ أجهزة لاب توب، وجهاز آى باد ماركة آبل و٣ هواتف محمولة و١٠ساعات يد رجالى وحريمى و٤ شاشات «ال سى دي» احتفظوا بها مع أحد عملائهم.
كما تم مؤخرا إلقاء القبض على ٤ أشخاص من دولة كولومبيا يقيمون بمنطقة عابدين ويقومون بسرقة الفلل والشقق بالتجمع الخامس وهناك من الأفارقة داخل السجون ما يقرب من ٢٠ عاما.

خبير أمنى: المتسللون عبر الحدود خطر على الأمن القومى
من جانبه حذر اللواء محمد نورالدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، من انتشار ظاهرة تنامى اللاجئين غير الشرعيين فى مصر، وقال نورالدين إن وضعهم غير المقنن خطر على الأمن القومى.
وشدد نور مساعد وزير الداخلية الأسبق على ضرورة وجود رقابة على الجنسيات التى تأتى من الدول الأفريقية إلى مصر بحسب الفترة التى يقضونها داخل البلاد، لافتا الى أن معظمهم يأتون إلى مصر بغرض السياحة أو الدراسة لمدة خمسة عشر يومًا أو أقل وتجدهم يستمرون فى مصر لأكثر من ثلاث سنوات لكن الأخطر يكون ممن ينزحون للبلاد كمتسللين عبر الحدود. وأكد نورالدين، أن اللاجئين الأفارقة فى مصر يسببون إهدارا للموارد المصرية بسبب الظروف والمشاكل التى يسببونها من غلاء السكن أو بعض الأزمات مع المستأجرين أو المحلات وغيرها، وأوضح نورالدين أن الهجرة غير الشرعية تعد خطرا كبيرا لأنها قضية أمن قومي، وأوضح أن السبب فى ذلك أنه فى حالة دخول أجانب مصر أو أفارقة دون هوية يكون هناك قلق على أمن البلد، خاصة أن بعض الدول الأفريقية يوجد بها أمراض مزمنة ومعدية وبعض الأفارقة الذين يأتون إلى مصر يكون بهم تلك الأمراض ومن الوارد انتشار الأمراض فى مصر بسببهم أو تجنيدهم لصالح جماعات عنف. وطالب نورالدين الجهات المختصة، بتحديد إقامتهم مع فرض رقابة شديدة، وترحيلهم بمجرد انقضاء مدتهم لأنهم يسببون أزمات عديدة فى المسكن والمشرب والإقامة وفى أوقات كثيرة يكونون مصدرا للجريمة.