بحلول شهر يوليو القادم ستكون انتهت محافظة القاهرة ووزارة الإسكان من إخلاء منطقة مثلث ماسبيرو بالكامل، وذلك استعدادا لتنفيذ المخطط الجديد لتطوير المنطقة بالكامل، وذلك ضمن مخطط تطوير محافظة القاهرة والقضاء على المناطق داهمة الخطورة وإعادة الوجه الجمالي لمحافظة القاهرة، وللأسف الشديد فإن كثيرا من المتعاطفين مع عناصر الجماعة الإرهابية والمناضلين الافتراضيين على مواقع التواصل الإجتماعي فوجئ بأن هناك عمليات هدم للمنازل في منطقة مثلث ماسبيرو.
جميعهم تذكروا فجأة سكان المنطقة الفقيرة وبدأوا يبحثون عنهم وأين ذهبوا، أغلبهم كان يتصور أن المحافظة تهدم المنازل على رؤوس السكان الفقراء الذى لا حول لهم ولاقوة، وبدأت الصراخات والعويل على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة في إطار محاولة إثارة سكان مثلث ماسبيرو الذين يتعرضون لقهر الحكومة الظالمة.
إلا أنه من حسن الحظ أن هؤلاء التعساء لم يستطيعوا الاستمرار كثيرا فى لطمياتهم ولافى توجيه الاتهامات للحكومة، لأنهم فوجئوا أيضا أن الحكومة تهدم المنازل بعد إخلائها وبعد حصول جميع السكان على تعويضات كل على حسب اختياره. كان ينتظر هؤلاء المتربصين أن يخرج سكان المنطقة أمام كاميرات الفضائيات وعلى صفحات الجرائد يصرخون ويستغيثون من بطش الحكومة، لتبدأ المنظمات الممولة فى تنظيم حملات للتضامن معهم والنشطاء فى تأسيس صفحات على مواقع التواصل الإجتماعي المختلفة تتحدث بأسم أهالي المنطقة، وينطلق النشطاء فى وصلات من التطاول على الحكومة على شاشات الفضائيات الممولة والتى تبث من الخارج، ويقوم البعض الآخر برفع الدعاوى القضائية للمطالبة بإيقاف الأعمال مؤكدا بأن شعار الدفع أن أرض مثلث ماسبيرو أرض مصرية.
الواقع أن أغلب هؤلاء الآن يبحثون عن إجابة عن التساؤل الأهم وهو كيف استطاعت الحكومة إخلاء المنطقة دون الاستعانة بقوات الأمن، ولماذا خرج السكان من المنطقة دون صرخات الاستغاثة، ماذا فعلت الحكومة ليمر الأمر بهذا الهدوء الشديد.
إن ما فعلته الحكومة هذه المرة يتلخص في إلتزام كل جهة فى الدولة بتحمل مسئولياتها مع وضع الصالح العام المشترك لكل من تلبية احتياجات سكان المنطقة مع رؤية التطوير فهى جميعها هدف مشترك ليس لإنجاح طرف على حساب طرف آخر، وبالتالي لم يتم إلقاء المهام الصعبة على عاتق وزارة الداخلية وأبنائها فقط، وبدأ كل جهاز فى الدولة فى البحث عن حلول حقيقية وتوافقية، ثم النزول بهذه الحلول إلى الشارع لإدارة حوار خلال فترة استغرقت أكثر من عام، خلال هذه الفترة تم تطوير الحلول والبدائل وإعطاء الفرصة كاملة لكل الأطراف المعنية بتطوير المنطقة لدراسة الموقف واختيار ما يناسبه من الحلول التي طرحتها الحكومة.
ما فعلته الحكومة أن جميع سكان منطقة مثلث ماسبيرو حصلوا على تعويضات عادلة، ووضعت لهم آليات لتقييم وحداتهم سواء السكانية أو التجارية بما يتناسب مع طبيعة الاستخدام والنشاط والمساحة والموقع.
وفى النهاية تم الاحتفاظ بحقوق كل أصحاب الملكيات فى الأراضى بداية من كبار الملاك، وحتى الأفراد أصحاب الملكيات الصغيرة، لتخييرهم بين الحصول على أرض بديلة أو تعويض مادى أو الدخول كمساهم فى مشروع التطوير.
كل هذه المراحل من التفاوض والتقييم والتعويض واستغرقت أكثر من عام، لم يلتفت لها السادة المناضلين إلا حينما فوجئوا بعمليات الهدم واسعة النطاق بعد الإخلاء.