الأربعاء 04 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

ماذا يريد كمال الهلباوي؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما هى السيناريوهات التى وضعها الدكتور كمال الهلباوى فى حساباته بشأن ردات الفعل إزاء دعوته للمصالحة مع جماعة الإخوان الارهابية؟!، هل من المنطقى الاعتقاد فى أن أحد سيناريوهاته توقعت استجابة بعض القوى السياسية والاجتماعية المصرية لمبادرته؟!.
إلى جانب مناصبه القيادية المتعددة داخل التنظيم الدولى للجماعة عبر ما يزيد عن خمسين عاما عمل الدكتور كمال الهلباوى كمستشار لعدد من مراكز الأبحاث والدراسات السياسية فى بريطانيا وباكستان ودول أخرى، وله العديد من الكتب والدراسات السياسية التى تناولت بالتحليل والنقد استراتيجيات الدول العظمى وسياساتها نحو دول الشرق الأوسط وغيرها.
كل ذلك يعنى أن الهلباوى يمتلك مستوى رفيع من الوعى السياسى وقدرة على إدراك معطيات الواقع وفقا لمنهج تحليل علمى منضبط، ما يجعل أمر توقعه أن تجد مبادرته استجابة داخل الواقع المصرى دربا من دروب المستحيل.
د. الهلباوى أول من يدرك أن الواقع السياسى والاجتماعى المصرى مغاير تماما لواقع المجتمعات التى جرت بها عمليات مصالحة وطنية شاملة، ذلك أن المجتمع المصرى ورغم جرائم جماعة الإخوان لم يشهد احترابا أهليا أدى لتقسيمه إلى فريقين أو أكثر.
فأحد شواهد تحضر ووعى هذا الشعب أنه لم يشرع فى اتخاذ اجراءات أو أنماط سلوك عدائية ضد المنتمين للجماعة أو المتعاطفين معها واكتفى بإسقاط نظامها السياسي، فلم نشهد مثلا دعوات شعبية لمقاطعة الطبيب أو المحامى أو البقال أو الحرفى الإخوانى كما أشرت فى مقال سابق وعلى المستوى الرسمى لم تتخذ الأجهزة التنفيذية إجراءات تعسفية من قبيل اعتقال وفصل عشرات الآلاف من وظائفهم على غرار ما فعل الإخوانى رجب طيب أردوغان فى أعقاب الانقلاب العسكرى المزعوم صيف 2016.
الهلباوى يعلم جيدا أن المصريين ثاروا على دولة دينية أراد الإخوان إقامتها فى مصر وعلى محاولة بائسة لتغيير هويتهم.
كل ما ذكرته وأكثر قاله الدكتور كمال الهلباوى فى غير مناسبة بعد ثورة الثلاثين من يونيو، فما هو هدف المبادرة إذن؟!.
اقتراح تشكيل مجلس حكماء يضم شخصيات عربية ودولية تقود ما أسماه بعملية المصالحة الوطنية الشاملة ولإنهاء ما وصفه بصراع الدولة مع جماعة الإخوان يؤكد أن مبادرة الإخوانى كمال الهلباوى تأتى فى سياق مخطط التنظيم الدولى لإظهار الواقع السياسى والاجتماعى المصرى مأزوما ومضطربا ويعانى من حالة عدم استقرار مزمنة، وأن هذا الواقع قد بلغ أقصى مستويات التدهور إلى حد أصبحت معه إمكانية الحوار بين الفرقاء المصريين بشكل مباشر مستحيلة، الأمر الذى يتطلب تدخل طرف ثالث يلعب دور الوسيط.
بعضهم اعتبر مبادرة الهلباوى دلالة على إصابته بنوع من الخرف ولم ينتبه إلى خبث اقتراحه بتشكيل هذا المجلس من شخصيات عربية ودولية، فهو اقتراح لا يخرج إلا عن شخص يعى جيدا دلالة ما يطرحه، والرسالة التى تصل إلى العالم بشأن الواقع المصرى بمجرد إطلاق هذا الاقتراح.
إظهار مصر ممزقة مضطربة غير مستقرة، هدف مبادرة الهلباوى الرئيسى يتماهى تماما مع الهدف من تنفيذ عمليات إرهابية ضد الشعب المصري.
وبعد نجاح استراتيجية الدولة المصرية فى محاصرة العناصر الإرهابية والتى تبلورت فى العملية العسكرية الشاملة «سيناء 2018» يحاول الهلباوى تعويض الدور المفقود لتلك العناصر وهو إطلاق مبادرات يكون لها نفس الأثر السياسى والدعائي، فكما حاولت الجماعة تصدير صورة للعالم بوجود فتنة طائفية بين المسلمين والمسيحيين عبر تفجير الكنائس تارة، واشتعال الفتنة المذهبية بين المسلمين السنة والشيعة تارة أخرى بتفجير مسجد الروضة ببئر العبد، وعجز الدولة وفقدانها القدرة على السيطرة باستهداف أكمنة وارتكازات أمنية للجيش والشرطة، فإن دعوة الهلباوى بتشكيل مجلس حكماء إقليمى دولى ليلعب دور الوسيط بين الأطراف المصرية المتصارعة يؤدى إلى ذات الغرض، خاصة أنه أكد أن المصالحة مع الإخوان تأتى فى إطار عملية مصالحة وطنية شاملة، ما يعنى أن الصراع فى مصر ليس بين الدولة والإخوان فقط وإنما بين كل أطراف العملية السياسية.
ويأتى الهدف التالى من هذه المبادرة لإظهار جماعة الإخوان كقوة موازية لقوة الدولة، حيث حرص على استخدام مصطلح الصراع الدائر بين الدولة وجماعة الإخوان، وهذه العبارة تقود إلى هدف ثالث، وهو إعطاء انطباع بأن الدولة ممثلة فى النظام السياسى وحدها من يصارع الإخوان، بينما باقى مفردات المجتمع من أحزاب وقوى سياسية واجتماعية ليست طرفا فى هذا الصراع، بل إنها غير راضية عن استمراره، وتتناقض مع الدولة فى موقفها من الجماعة.