رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

استخدام أراضي المحافظات.. رؤية مستقبلية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كشفت التقارير الرسمية للجهاز المركزى للمحاسبات ومتابعة إزالات التعديات على أراضى الدولة عن مدى الفوضى، والإهمال الذى مكّن ما يسمى بمافيا لصوص الأراضى من السيطرة والتعديات ما يزيد على 3 ملايين و377 ألف فدان من الأراضى الزراعية وما يزيد على 4.5 مليار من أراضى البناء شملت كل محافظات مصر لا فرق بين المحافظات الحضر والريف قبلى وبحرى وحتى مدن القناة والمحافظات الحدودية.
حيث تصدرت محافظة المنيا المشهد الأول بما يزيد على 330 ألف فدان، والغريب أن التعديات على الأراضى كانت تتم تحت بصر وعيون كل الأجهزة المحلية و«على عينك يا تاجر»، ورغم إعلان وزارة التنمية المحلية أنها تتبنى استراتيجية مواجهة الفساد التى أعلنتها الحكومة «2014 – 2018».
وتظهر التعديات جميعها كان محل للمتاجرة والإثراء غير المشروع وباستخدام أعمال النصب، والتحايل والبلطجة، وبمساندة فاسدين بالدولة المصرية والمحليات، وقد كشف التقارير حجم الأفراد وتورط ما يزيد على 800 شركة فى أعمال التعديات شملت أراضى زراعية وبناء وصحراوية بمساحات بالملايين من الأفدنة والأمتار فى «30» منطقة جغرافية.
وغنى عن البيان أنه رغم وجود مخططات للتنمية المحلية ولكل محافظة على حدة ما يسمى بالمخطط العام والتفصيلى فإنها ظلت حبرًا على ورق بسبب الفساد والافساد حيث ظهرت العشوائيات فيما يزيد على 1900 منطقة عشوئية دون أى تخطيط رغم وجود وزارة التخطيط - الإسكان - المكاتب الإقليمية للتخطيط والمركز الوطنى للتخطيط واستخدامات الأراضى، وهو المركز الذى تأسس عام 2001 وقام بتوزيع أكثر من 201 قطعة أرض على وزارات الإسكان - التنمية المحلية - البيئة - الكهرباء - الصناعة.. بغرض إنشاء المساكن ومحطات مياه الشرب - الصرف الصحى وكذلك المناطق الاستثمارية بالمحافظات وتحديد المحميات الطبيعية بالإضافة إلى مناطق التنمية صناعية بآلاف من الكيلومترات لكل منها.. ورغم ذلك ظلت الفوضى هى عين الحقيقة فى استخدام الأراضى.
وبقى دم أراضى الدولة مهددر وموزع بين ما يزيد على 9 وزارات لها الحق فى تخصيص الأراضى «الدفاع - الآثار - البيئة - البترول - الكهرباء - الاستثمار - الداخلية - السياحة - الزراعة - التجارة - الصناعة وبالطبع وزارة الإسكان «إلى جانب 5 هيئات أخرى لها الحق أيضًا فى تخصيص وبيع الأراضى والهيئات هى «استصلاح الأراضى - المجتمعات العمرانية - التنمية الصناعية - التنمية السياحية والإصلاح الزراعى «وتبقى المحافظات فيما يسمى التخصيص والبيع داخل الزمام».
أما عن التشريعات التى تنظم عملية استخدام الأراضى فى مصر فحدث ولا حرج حيث بلغ عددها إلى ما يقرب من 50 تشريعًا بين الدستور والقانون، وقرارات رئيس مجلس الوزراء والقرارات الجمهورية، ونظرًا لتلك الغابة والترهل المؤسسى أو فى الصلاحيات فى موضوع استخدام الأراضي، فإن الأمر قد عكس نفسه على التأثير السلبى فى التنمية بأراضى الدولة.
حيث ظهرت العشوائيات فى 1900 منطقة عشوائية فضلًا عن وجود ما يزيد على 85% من الأراضى غير مسجلة، هذا غير الهدر المالى فى المتحصلات فى موارد الدولة بالإضافة لهدر قيمة الوقت وارتفاع تكاليف العقارات والمنشآت كل ذلك أدى إلى تأخير ترتيب مصر فى مؤشر «تسجيل الملكية» واستخدام الأراضى حيث جاءت مصر فى ذيل قائمة الدول بالتريب الـ «119» وحتى بعد دولة جنوب أفريقيا، وللأسف كل ذلك يكشف مدى عدم فاعلية وتناقض ما نعرفه عبر وسائل الإعلام عما يسمى الأقاليم الاقتصادية أو الجغرافية وحتى ما يطلق عليه المناطق ذات الطبيعة الخاصة التى تصدر لها قرارات جمهورية، حيث انعدام الصلاحيات وعدم تحديد المفاهيم التى تطلق على تلك الأقاليم، ومدى فاعليتها على أرض الواقع.
وبعد أن وضع استخدام أراضى الدولة بالشكل الأمثل والأفضل يتطلب:
• ضرورة تطبيق اللامركزية احترامًا للدستور وسرعة إصدار قانون الإدارة المحلية.
• إجراء انتخابات المجالس المحلية الشعبية حتى تتمكن من رقابة استخدام الأراضي.
• احترام المادة 34 من الدستور التى أكدت على حرمة المساس بالملكية العامة، وعدم المساس بها وأن الدفاع عنها واجب طبقًا للقانون.
• أهمية مراجعة التشريعات الخاصة بتوزيع واستخدام الأراضي.
• وضع معايير ثابتة وعادلة خاصة من أجل تسعير الأراضى وبشكل معلن وواضح سواء للاستخدام فى أراضى البناء - الأراضى الزراعية والصناعية والسياحة ولكل نشاط وبشكل محدد.
• ربط قواعد بيانات استخدام الأراضى بالضرائب العقارية وتسجيل العقارات.
• إنشاء المجلس الأعلى للتخطيط واستخدام الأراضى.
• الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة فى تحديث البيانات والمعلومات عن الأراضى.
• وضع خاص للأراضى التى بها ثروات معدنية ومحميات طبيعية.
• تنفيذ المخططات العامة والتفصيلية للمحافظات مع ربطها بالتخطيط العام للدولة والاستراتيجية الخاصة بالتعمير.
إن الأمر يحتاج رؤية ونظرة مستقبلية لاستخدام الأراضى فى المحافظات باعتبارها المصدر الرئيسى للتنمية والتطوير الأصيل فى بلادنا، فهل نجد مستجيبًا وحتى لا تضيق الأراضى علينا بما رحبت واتسعت فى مصرنا المحروسة.. نأمل ذلك.