الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الخلافة الإسلامية حقائق وأوهام- 10

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من الغريب أن نظرية المؤامرة تسيطر على الأصوليين حين يتحدثون عن الخلافة فهم يعتقدون أن اليهود هم من خططوا بليل للقضاء على هذا النظام السياسى، الذى تم العمل به منذ وفاة النبى صلى الله عليه وسلم فى 632 ميلادية وحتى إعلان مصطفى كمال أتاتورك نهاية هذا النظام فى 1924، ومن الغريب أيضًا أننا حين نتحدث عن مؤامرة غريبة تحاك للمنطقة يعترضون ويسخرون من نظرية المؤامرة، فى حين أن التاريخ يثبت أنهم أساس المؤامرة وما يحدث اليوم من ذهاب أعضاء جماعة الإخوان إلى الكونجرس الأمريكى ولقاء بعضهم بالمسئولين فى أمريكا وفى الاتحاد الأوروبى ما هو إلا الامتداد الطبيعى لما حدث فى الماضى وعبر التاريخ، ولن ننسى كيف هتف الجميع أثناء اعتصام ميدان رابعة فى 2013 حين أعلن أحد قادتهم بأن الأسطول الأمريكى تحرك لاحتلال مصر، فكبروا وهللوا، ولن ننسى كذلك ما طلبه يوسف القرضاوى فى إحدى خطبه من الأمريكان حين دعاهم لنصرة محمد مرسى ودخول مصر لتحقيق ذلك، وقديما رأينا كيف اتفق المندوب السامى البريطانى فى مصر السير هنرى مكماهون مع الشريف حسين والى الحجاز على إقامة ثورات شعبية فى مختلف البلدان العربية الواقعة تحت الاحتلال العثمانى مع الوعد بتسميته خليفة المسلمين عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى وهزيمة تركيا، ولكن فضح وثيقة سايكس- بيكو فى عام 1917 تسببت فى صدمة عنيفة للشريف حسين، الذى أدرك أن الإنجليز يخدعونه وأنهم يخططون مع الفرنسيين على إعادة تقسيم المنطقة إلى عدة دول مستقلة، تقوم على أفكار مذهبية وطائفية ليسهل السيطرة عليها فيما بعد، ورغم ذلك فقد ظل حلم الخلافة يراود الشريف حسين، لاسيما حين دعا الأزهر الشريف إلى مؤتمر إسلامى عالمى فى عام 25 وتم تأجيله لعام 26، بيد أن الأزهر كان يميل إلى إعلان الملك فؤاد خليفة، فحدث ما حدث وتأجل المؤتمر ولم يعقد إلى الآن، وقبل أن نعرج إلى الجمعيات والجماعات التى ظهرت للوجود عقب سقوط الخلافة يجب أن نتوقف أمام العقل السياسى العربى الذى أسس الخلافة.
وبنظرة تاريخية شاملة سيتبين لنا أن مقومات هذا العقل تعتمد على ثلاثة محاور يختلف ترتيبها حسب الزمان والمكان وهى محاور العقيدة والقبيلة والغنيمة، ولم يبتعد العقل العربى يومًا عن هذه المحاور، فكان ترتيبها قبل ظهور الإسلام (القبيلة- الغنيمة- العقيدة)، ولكن الإسلام جعل العقيدة تسبق القبيلة واستمر ذلك حتى وفاة النبى صلى الله عليه وسلم وتنازع الصحابة رضوان الله عليهم على منصب الخلافة إذ غلبت فكرة القبيلة على العقيدة حين رفع البعض راية قريش فى مقابل راية الأنصار، فلما آل الأمر لقريش بدأ الخلاف فيما بينهم، فانتصر البعض للهاشميين والبعض الآخر للأمويين وصار الخلاف قائما لعدة قرون، ليسفر عن بحار من الدماء وحروب ودمار وتكفير بين المسلمين وبعضهم البعض لمجرد أن هذا عباسى وهذا أموى أو ذلك فاطمى، وإذا مددنا الخطوط على استقامتها فإننا سنفاجأ بحقائق تغيب عن البعض، ولكنها تؤكد أن الثالوث الذى تحدثنا عنه هو المتحكم فى العقل السياسى العربى إلى يومنا، فالشيعة الذين من المفترض أنهم ينتصرون للإمام على كرم الله وجهه قد اختاروا من أبنائه الحسين رضى الله عنه فقط واختصوه وذريته بالإمامة، فهل يعود ذلك إلى أن كون الحسين هو زوج ابنة يزدجرد آخر ملوك فارس، والتى وقعت فى الأسر على عهد عمر بن الخطاب فأهداها للحسين، فأنجبت له الإمام على زين العابدين، ومن ذريته بقية الأئمة فى المذهب الشيعي، وهكذا اندمجت العقيدة مع القبيلة وصار الحكم الفارسى مغلفًا بالتشيع، وهذا الاندماج بين القبيلة والعقيدة نجده فى كثير من الأحاديث الموضوعة التى نسبها البعض للنبى صلى الله عليه وسلم والخاصة بالخلافة، وأنها فى أسرة فلان وعلان، ولا شك فى أن هذا الثالوث ما زال يسيطر على العقل السياسى العربى حتى يومنا، وما يحدث فى اليمن وسوريا والعراق ولبنان ما هو إلا التجسيد الحقيقى لهذا الثالوث، وأما محالات إعادة الخلافة فقد بدأت بإنشاء جماعة الشبان المسلمين فى القاهرة ثم تلاها إنشاء جماعة الإخوان فى الإسماعيلية عام 1928 والتى خرجت من رحمها معظم التيارات الأصولية الأخرى، وصولا إلى تنظيم القاعدة ثم داعش، وفى نهاية هذه السلسلة من المقالات أود أن أقولها صراحة بأن من أراد الخلافة فعليه بداعش، فهو لم يأت بجديد، بل أعاد ما حدث فى الماضى من قتل وحرق وتعذيب وديكتاتورية فاشية، فيا من تبكون على الخلافة وتتمنون عودتها اذهبوا إلى داعش لتجدوا فيه ما لذ وطاب، أما الذين خدعهم البعض وصور لهم أن الخلافة الإسلامية على امتداد عصورها كانت منبرا للحرية والإخاء والمساواة والرخاء والديمقراطية فهذا هو حديث الإفك.