وجه اسمر، وقلب أبيض، حمل على ظهره حلم أوجاع بلاد الذهب، فحولها إلى كوميديا على خشبة المسرح وشاشات السينما، الممثل الوحيد الذى استطاع أن يصنع مجدا شخصيا له، كان وقتها يتنقل من مسرح لاخر يبحث عنه جمهوره من أجل أن ينسى أخبار السياسة مرة، ويتناسى احوال الحرب مرة اخرى..إنه سيد سليمان مونولوجست مصر الأول كما كانوا يقدمونه على خشبة المسرح.
وعلى الرغم من ان الفنان سيد سليمان من أوائل الفنانين رواد فن المنولوج في مصر والعالم العربي إلا انه لم يحظى بالشهرة التي حققها فناني المنولوج من بعده وعلى رأسهم الفنان إسماعيل يس والفنان محمود شكوكو وغيرهم من ممثلي الكوميديا في مصر.
كان يسمى سيد أفندي سليمان، وخطف ظهور إسماعيل يس منه الأضواء وجعل الأنظار تبتعد عنه، إلا أنه استطاع أن يحفر اسمه في تاريخ السينما والمسرح المصري إلى يومنا هذا وخاصة في مسرحية إلا خمسة مع العبقرية مارى منيب والتي كانت تقول له الجملة الشهيرة إنتى انتي اشتغل ايه؟ والتي قام فيها بدور عم آدم.
ولد الفنان الراحل سيد سليمان فى ارض النوبة جنوب مصر عام 1901 لأسرة ميسورة الحال حيث كان والده يعمل بمهنة المحاماة حيث التحق بمدارس الفرير واتقن اللغة الفرنسية الا ان والده تعرض لازمة مالية مما دفعه الى عدم استكمال دراسته واتجه الى الأعمال البسيطة وفى مرحلة الشباب ظهرت على سيد سليمان موهبته الفنية حيث كان لديه القدرة على تقليد المشاهير فى ذلك الوقت ثم بدأ البحث عن الفرق المسرحية للالتحاق بها وبالفعل التحق بفرقة بديعة مصابني والتى كانت تعد من اشهر الفرق الفنية قى ذلك الوقت وبدأ فى إلفاء المنولوجات حيث لاقى إعجاب الكثيرون وبدأ الناس يقبلون على سماع منولوجاته
ويعد سيد سليمان من الأسباب الرئيسية التى أدت الى ظهور الرقابة على الأعمال الفنية، حيث قام بإلقاء احد المنولوجات الكوميدية والتي كان يناقش من خلالها ظاهرة معاكسة الفتيات فى الشوارع ولاقى هذا المنولوج شهرة كبيرة وعلى الرغم من أن كلمات المنولوج من الكلمات المنولوج عادية، إلا ان سيد سليمان ارتدى زيًا غريبًا عبارة عن خليط بين اانواع الملابس المتداولة فى ذلك العصر بما فيها الزى الأزهري.
ومع شهرة المنولوج فى مصر الا ان رجال الازهر الشريف اعتبروا ان المنولوج إهانة لرجال الدين وهاجموا سيد سليمان فى الصحف حتى صدر قرارًا رسميًا بضرورة عرض أعماله الفنية على لجنة خاصة قبل عرضها على الجمهور وتم تعميم القرار على كافة الأعمال الفنية وهو ما يسمى الان بالرقابة على المصنفات الفنية.
عاش "سليمان" حياته متنقلا بين الفرق المسرحية"بديعة مصابنى، الكسار، ببا عز الدين " بلغ إجمالى أعماله السينمائية والمسرحية 27 عمل بدأها فى السينما الصامتة بفيلم البحر بيضحك ليه 1928 اخراج استفان روستى، ليترك بصمته في تاريخ السينما المصرية رغم قلة ظهوره في أدوار السينما، بعدما ظهر إسماعيل ياسيين والذي لولا ظهوره لكن ظاهرة سينمائية لا تقل عن "إسماعيل"