يدخل الحراك السياسى فى العراق مرحلة جديدة من التنافس يدور محوره حول رئيس الحكومة حيدر العبادي، بينما ينقسم المتنافسون إلى حلفاء له وخصوم يعملون ضده.
اللافت للنظر أن أبرز خصوم العبادى زعماء فى حزبه أو قادة ميليشيات من طائفته، الأمر الذى اعتبره مراقبون للمشهد العراقى ظاهرة تعكس صراعًا يشهده العراق لأول مرة.
ويسعى العبادى إلى اتخاذ خط يحرر العراق من استقطاب القوى الدولية، فى إشارة إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية.
وأشارت تقارير إلى تسريبات حول اتصالات مكثفة يجريها ضباط فى الحرس الثورى الإيرانى مع أكثر من طرف، تمهيدًا لظهور كتلة برلمانية منافسة للعبادي، الذى بات واضحًا أنه يمتلك كتلته وتحالفاته، وسيحتل أبرز المراتب بين مَن لهم حق تشكيل الحكومة الائتلافية، ما يعكس الضجر الإيرانى من العبادي.
عدد من قادة الحرس الثورى ظهروا فى صور للقاءات سياسية وزعتها مكاتب الدعاية التابعة للميليشيات الحليفة لطهران، وحسبما تفيد المعلومات؛ فإن هؤلاء يريدون تخفيف شيء من الجفاء بين رئيس الحكومة السابق نورى المالكى وفصائل «الحشد الشعبي»، لإقناع الطرفين بالدخول فى تحالف بعد الانتخابات يمكن أن يضم بعض العرب السنة، وربما نوابًا من الأكراد أيضًا.
ويبدو أن المالكى يخطط بدعم إيرانى فى العودة إلى المشهد الإيرانى مجددًا؛ حيث جرى تسريب سيناريوهات متنوعة لرسم أسلوب هذه الكتلة فى العمل، منها أن المالكى لا يريد أن يترشح لمنصب رئيس الوزراء، لكنه سيدعم مرشحًا آخر يحظى بدعم فصائل الحشد المقربة إلى طهران، كما ذكرت المصادر أن هؤلاء يتداولون اسم نائب رئيس الجمهورية السابق عادل عبدالمهدى ليكون مرشحًا لا ترفضه القوى الغربية، ويحظى بقبول عربي، ولديه علاقة وطيدة بطهران كذلك.
ورغم أن هذا الفريق يروج قبول عبدالمهدى بهذا العرض؛ فإن المعروف عن الرجل أنه يتحاشى الدخول فى استقطاب من هذا النوع، خصوصًا ضد العبادى وحلفائه المدعومين من مقتدى الصدر والمرجعية الدينية فى النجف.
وسبق لعبدالمهدى أن استقال من منصب نائب رئيس الجمهورية مرتين، ومن وزارة النفط فى حكومة العبادى قبل التعديل الوزاري، تحاشيًا للاستقطاب الشديد فى البيت الشيعي، إضافة إلى أنه لم يقم بالانحياز للحرس القديم فى المجلس الأعلى بزعامة عمار الحكيم.
الجدير بالذكر أن عبدالمهدي، من عائلة معروفة بمساهمتها السياسية فى العهد الملكى منذ الثلاثينيات، إلى الجناح الشيعى الموصوف بالاعتدال، وكان من أبرز المحذرين من نهج المالكي، الأمر الذى يعزز من سقوط السيناريو وعدم إتمامه.
ولا يثق الإيرانيون فى عبدالمهدي، إذ لا يرونه إسلاميًا بما يكفي، نظرًا إلى أنه كان يساريًا حتى مطلع ثمانينيات القرن الماضي، كما يعتقد الإيرانيون أن رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوى ليس شيعيًا بما يكفى باعتبار تحالفاته مع القوى السنية.
ويتعقد المشهد العراقي، خاصة مع طموح قادة الميليشيات الشيعية المقربة إلى طهران، من ذوى الطموح السياسي، فى الاستيلاء على مكسب النصر فى الحرب على الإرهاب، وجعل ذلك عنصرًا أساسيًا فى دعايتهم الانتخابية، لكن الفصائل الأخرى المقربة إلى مرجعية النجف، قررت عدم الخوض فى الانتخابات، معلنة أن الميليشيات الأقل مساهمة فى الحرب هى الأكثر ادعاءً وأطماعًا سياسية.
من جهة أخرى توقع معظم المشاركين فى استطلاع مؤسسة الرافدين للحوار، بشأن نسب الأصوات التى ستتحصل عليها الأطراف السياسية فى الانتخابات النيابية المقبلة فى العراق، أن ائتلاف النصر، بقيادة حيدر العبادى، سيتحصل على أكبر عدد من الأصوات فى المناطق العراقية، فيما سيحل الحزب الديمقراطى الكردستانى أولا على الإقليم.
وعلى مستوى العراق، توقع المشاركون بالاستطلاع، أن يفوز تحالف رئيس الحكومة الحالى حيدر العبادى بالمرتبة الأولى بين القوائم الشيعية، وبين القوائم السنية تحالف الوطنية برئاسة إياد علاوى.