فى تصعيد للأزمة الدبلوماسية الحادة التى شهدتها العلاقات الكويتية - الفلبينية، منذ اكتشاف جثة خادمة فلبينية فى (فريزر) ثلاجة مخدومها اللبنانى وزوجته السورية، واللذين هربا من الكويت قبل اكتشاف الجثة بعام كامل، شهدت الكويت موجة غضب عارمة ومطالبات برلمانية بطرد السفير الفلبينى لدى الكويت ريناتو بيدرو أوفيلا، بعد التصريحات التى أدلى بها، فى ضوء استدعائه يوم الجمعة الماضية من قبل وزارة الخارجية الكويتية، وتسليمه مذكرتى احتجاج على تصريحات مسئولين فلبينيين مسيئة للكويت، والتصرفات التي قام بها بعض العاملين في السفارة الفلبينية لدى الكويت، والتي تمثل تعديا وتجاوزا على سيادة الكويت وقوانينها.
واشتعلت الأزمة بشكل كبير بعد إقرار السفير الفلبينى لدى الكويت، فى تصريح لصحيفة (الأنباء) الكويتية، بصحة مقطع الفيديو الذى انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي لفريق (تدخل سريع) فلبيني، يكشف تهريب العمالة المنزلية من منازل المواطنين الكويتيين في سيارات تحمل لوحات دبلوماسية، وقوله إن الفريق يتكون من 7 أشخاص، وأنه يتدخل فى الحالات الطارئة التي لا يمكنها انتظار مخاطبة وزارتي الداخلية والخارجية الكويتيتين، وإنه يقوم بعمليات كهذه منذ أكثر من شهر، وهو ما دفع وزارة الخارجية الكويتية أمس الى استدعائه للمرة الثانية، وإبلاغه إدانتها وشجبها لتلك التصريحات، والتأكيد على أنها تحتفظ بحقها في اتخاذ كافة الإجراءات القانونية التي من شأنها الحد من التطاول على سيادة الدولة وقوانينها، واطلاعه على طبيعة تلك الإجراءات.
وطالب أكثر من 11 نائبا من نواب مجلس الأمة الكويتى، ووزارة الخارجية الكويتية بالتحرك بصورة عاجلة، لاتخاذ إجراءات صارمة ضد السفير الفلبيني لدى الكويت، ومحاسبته ومنها طرده من الكويت، مشيرين إلى أن تصريحاته تؤكد تدخل السفارة الفلبينية في الشأن الداخلي الكويتي، وهو ما يعد مخالفا لكل الأعراف الدبلوماسية، وتعديا على القانون وصلاحيات وزارة الداخلية الكويتية.
واستنكر نائب رئيس مجلس الأمة الكويتى عيسى الكندري، تصريح السفير الفلبيني حول تهريب الخادمات من المنازل، مؤكدا أن هذا الفعل يخل بالجوانب الأمنية، ويعد انتهاكا صارخا للقوانين الكويتية، وأنه على وزارتي الخارجية والداخلية، اتخاذ الإجراءات القانونية الكفيلة للقضاء على هذه العملية، وشدد على أن الكويت دولة ذات سيادة، وما قام به السفير الفلبينى، ينافي الأعراف الدبلوماسية والمواثيق الدولية.
بينما أكد النائب عبدالكريم الكندري أن ما قامت به السفارة الفلبينية بالكويت، هو خرق صارخ لسيادة الدولة، وتعد على القانون الداخلي، وانتهاك لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية؛ حيث أن الفرقة الميدانية التي تجول الكويت، وتتدعي بأنها تتدخل من أجل حماية الجالية الفلبينية، تعتبر عملا ميدانيا خارج حدود مقر البعثة، وهو أمر لا يمكن الاكتفاء بتوجيه الاحتجاج عليه فقط، بل يجب تطبيق مادة 9 من اتفاقية فيينا، والتي تنص "للدولة المعتمد لديها في أي وقت ومن دون ذكر الأسباب، أن تبلغ الدولة المعتمدة أن رئيس أو أي عضو من طاقم بعثتها الدبلوماسي أصبح شخصا غير مقبول، أو أن أي عضو من طاقم بعثتها (من غير الدبلوماسيين) أصبح غير مرغوب فيه، وعلى الدولة المعتمدة أن تستدعي الشخص المعني أو تنهي أعماله لدى البعثة وفقا للظروف".
أما النائب على الدمخى، فطالب الحكومة الكويتية باتخاذ كل الإجراءات اللازمة وفقا للقوانين الدولية، ضد ما وصفها ب(البلطجة) الفلبينية، مؤكدا أن تلك الأعمال تمثل تعديا صارخا على سيادة الكويت، ومخالفة لجميع الأعراف الدبلوماسية، مشددا على ضرورة التصدي الحازم والسريع لمثل هذه التصريحات والتصرفات غير المسؤولة.
ومن جانبه، تراجع السفير الفلبينى لدى الكويت عن تصريحاته التى أشعلت النار فى الهشيم داخل الكويت، مشيرا إلى أن أعضاء فريق (التدخل السريع) التابع للسفارة الفلبينية لا يدخلون منازل الكويتيين لإنقاذ الخادمات أو تهريبهن، وأن الحديث عن تدخل أعضاء من السفارة لتهريب خادمة من منزل كفيلها، معلومات مغلوطة، رافضا التعليق على ما دار في اجتماعه مع مسؤولي وزارة الخارجية الكويتية، على خلفية استدعائه مرتين خلال اليومين الماضيين، موضحا أن بلاده سترد رسميا خلال اسبوع، رغم أن بيان وزارة الخارجية الكويتية أعلن أنه تم إبلاغ السفير الفلبينى بطبيعة الإجراءات القانونية التي ستتخذها، ردا على التطاول على سيادة الدولة وقوانينها.
وجدد التأكيد على أن السفارة لا تدخل منازل الكويتيين، قائلا "ننتظر خارج المنزل لإنقاذ الحالة، وإذا لم تكن هناك استجابة من الشرطة، وإذا كانت حالة حياة أو موت، ننتظر خروج العامل أو العاملة، ولا نقتحم أو نقرع أبواب المنازل"، موضحا أن السفارة تعمل بالتنسيق التام مع وزارة الداخلية الكويتية في مثل هذه الحالات.
وأكد دعم الكويت للسفارة الفلبينية وتعاونها بشأن مخاوف الحكومة الفلبينية من أوضاع عدد أبناء الجالية من العمالة المنزلية، معربا عن تقديره لحكومة الكويت لتمديدها المهلة التي منحتها وزارة الداخلية لمخالفي قانون الإقامة، والذي استفاد منها 5 آلاف من أبناء الجالية في الكويت، مشددا فى الوقت نفسه على أن كل الدعم الذي تقدمه السفارة لمواطنيها، لم يكن ليحدث لولا تعاون ومساندة الحكومة الكويتية، وأن السفارة تنسق باستمرار مع وزارة الداخلية، التي تستجيب لطلبات الاستغاثة التي يطلقها المواطنون الفلبينيون وفق الإجراءات المتبعة.
وستكشف الأيام المقبلة مدى التطور فى الأزمة الدبلوماسية الحادة التى نشبت بين الكويت والفلبين، خاصة وسط المطالبات البرلمانية باتخاذ إجراءات حاسمة ورادعة تجاه السفير الفلبينى، فى الوقت الذى أشارت فيه مصادر دبلوماسية كويتية، الى دراسة خفض عدد أعضاء البعثة الدبلوماسية الفلبينية فى الكويت، ردا على تصريحات السفير الفلبينى، وكذلك تصريحات عدد من المسئولين الفلبينيين المسيئة للكويت.