استلم الرئيس عبدالفتاح السيسى منصبه وقت أن كانت مصر فى وضع صعب للغاية، كُنا فى مفترق طرق، وكانت مصر مُهددة، حدودنا مُستباحة، علاقتنا الخارجية بالدول مهزوزة، وعدد من الدول الأُخرى أخذوا مِنا موقفا مُعاديا، هيبة مصر تقريبًا غائبة، دورنا الإقليمى غير موجود بالمرة، تأثيرنا عربيًا غير ملموس، فقد أنهكتنا حالة الفوضى التى عمت فى بلادنا منذ ٢٠١١ وحتى يونيو ٢٠١٣، وتقزّم التواجد المصرى فى المحافل الدولية
كنا نتساءل عن أى سياسة خارجية سيتبعها الرئيس السيسى، فوجدناه بكل بأمانة وموضوعية، يتبِع سياسة خارجية متوازنة، تحفظ لمصر مكانتها وهيبتها وتاريخها وثقلها العربى والدولى، وإذا سألنا أنفسنا: ماذا فعل السيسى خارجيًا؟ سنسرد هذه التفاصيل:
• القضية الفلسطينية: منذ اللحظة الأولى، وخلال خطاب التنصيب، أكد «السيسى» أن القضية الفلسطينية هى قضية العرب الأولى وأن مصر لن تتخلى عن الإخوة الفلسطينيين ولن تتخلى عن حق تقرير المصير وعودة الأراضى الفلسطينية المحتلة قبل ٥ يونيو ١٩٦٧ على أن تكون القدس الشرقية عاصمة لفلسطين، هذا ما أكده مرارًا وتكرارًا السيسى خلال ١٨ خطابا له سواء فى الداخل أو فى الخارج، وبالطبع لا ينسى المصريون والعرب جميعًا تلك النداءات المتكررة التى أعلنها السيسى فى كلماته فى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وضرورة لم الشمل الفلسطينى وإنهاء الانقسام بين الفصائل وهو ما تعمل مصر على تحقيقه خلال اللقاءات التى ترعاها القاهرة.. هُنَا لن يفوتنا ما أكده الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبومازن فى إحدى خطاباته والتى قال فيها نصًا: لن نسمح لأى دولة بالتدخل فى القضية الفلسطينية إلا مصر.
• الأزمة الليبية: كانت مصر دائمًا وأبدا تَنْظُر إلى ليبيا على أنها تُمثل امتدادًا للأمن القومى المصرى، وبعد انتشار التنظيمات المُتطرفة المسلحة وتنامى وجود الإرهابيين على الأراضى الليبية وانتشار معسكرات تدريب الإرهابيين المحسوبين على تنظيم القاعدة وأنصار الشريعة وداعش والجماعة الإسلامية المسلحة بالقرب من الحدود مع مصر، لم يكن بوسِع مصر التهاون فى أمنها القومى خاصة بعد أن قتلت هذه الجماعات الإرهابية أقباطا مصريين على الأراضى الليبية وتورطت فى الاعتداء على أتوبيس المنيا الذى ضم أقباطا مصريين وتورطت أيضًا فى حادث الواحات، وكان الرئيس السيسى مُتجاوبًا بسرعة مع هذه الجرائم وشاهدنا كيف أخذنا بـ«ثأرنا» وقامت الطائرات المصرية بضرب مواقع ومعسكرات الإرهابيين وتحديدًا فى مدينة درنة الليبية، ويحرص دائمًا الرئيس السيسى على مطالبة المجتمع الدولى بتسليح الجيش الليبى ورفع الحظر عن تسليحه، حتى يقوم الجيش الليبى بحماية الدولة والقضاء على الميليشيات المسلحة.
• الأزمة السورية: كان الرئيس السيسى الوحيد الذى صارح العالم كله خلال إعلانه عن موقف مصر الحاسم بضرورة الحل السياسى وعدم السماح بالتدخل الخارجى فى الشأن السورى وعدم السماح بتقسيم الجيش السورى وأن الشعب السورى هو الوحيد القادر على تحديد مصير دولته مع ضرورة نزع سلاح الميليشيات المسلحة.. وتدرك مصر أن هناك قوى دولية متصارعة تهدف لأن تكون سوريا ملعبًا للصراعات الدولية من أجل تدميرها، وتدرك مصر أيضًا أن ما يحدث هدفُه نسيان أن إسرائيل تحتل هضبة الجولان السورية.
• الصراع اليمنى: كان للرئيس السيسى رؤية ثاقبة للصراع فى اليمن، فقد قال فى كلمته فى القمة العربية بالسعودية: إن مصر لن تسمح بتهديد أمن المملكة العربية السعودية بصواريخ لعناصر يمنية.. وترى مصر أن حل الأزمة اليمنية لا بد أن يكون حلًا سياسيًا.
• العلاقات الأفريقية: كنت حاضرًا احتفال «الأسرة المصرية» الذى أقيم فى الصالة المغطاة باستاد القاهرة والذى تم تنظيمه بمناسبة زيارة الرئيس السودانى عمر البشير لمصر، شاهدت اللافتات والصور التى كُتب عليها «تحيا مصر والسودان» وشاهدت السعادة البالغة على وجه الرئيس السودانى وكلماته عن مصر والعلاقات التاريخية والإخوة بين الشعبين.. وقتها قلت: إن مثل هذه المواقف ستجعل المغرضين يتوارون ويختفون وينسحبون وسنجد علاقات متينة بين شعبين يشربان من مياه واحدة.. وقد تولت مصر القيام بدور رائد فى الاتحاد الأفريقى، وشاهدنا أدوارًا مشرفة لمصر فى معظمهم دول أفريقيا وبخاصة دول حوض النيل، وهناك جهود ملموسة نحو التفاهم مع إثيوبيا حول سد النهضة وما يجعلنا مطمئنين للدور المصرى أن هناك اتفاقًا مع إثيوبيا يقضى بعدم تعرّض مصر لأى أضرار وحماية أمنها المائى.
• التفاهمات مع أوروبا وأمريكا والخليج: تحدث السيسى معهم بكل قوة وشاهدناه طوال الأربع سنوات الماضية شديد البأس معهم مُعلنًا أن كلمة الشعب المصرى هى العليا فى كل الأحداث فى مصر، وأن ثورة الشعب فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣ هى أشرف ثورة ولا بد لأوروبا من احترام رأى المصريين، وقام بتشكيل علاقات متينة مع الأمريكان رغم لجوئه لتنويع مصادر السلاح لمصر سواء السلاح الروسى أو الفرنسى، وخلق السيسى علاقات متوازنة مع روسيا والصين والهند، وعلاقات تحالف مع دول الخليج على أثرها أصبحت مصر والسعودية والإمارات والبحرين قوة عربية كبرى لا يستهان بها خاصة لمن ينظر إلى التواجد والتلاقى المستمر لوزراء الخارجية للدول الأربعة.
ما نريد التأكيد عليه هو أن السياسة الخارجية التى تتبعها مصر ويُنفذها الرئيس السيسى هى «سياسة صح الصح».