تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
أعرف المذيع عمرو عبدالحميد جيدًا، موهوب جدًا، ومثقف للغاية، ولو كان القرار بيدى لأمرت له بمساحات أوسع على الفضائيات لكى يتعلم منه الآخرون كيف يكون الإعلام، لذلك لم أستغرب عندما فتح فى برنامجه «رأى عام» موضوع إفطار لاعبى المنتخب المصرى فى كأس العالم، وكعادة عمرو لم يركن إلى المعروف والشائع، وهو الأقرب إلى الصحيح، ولكنه ذهب إلى المسكوت عنه والذى يتردد همسًا وجاء بالشيخ الدكتور عبدالحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر، لكى يقول لنا ما يُقال فى الظل، الأطرش بعد لف ودوران حول فريضة الصوم قال بشكل عام: إن الصوم من المنح التى أعطاها الله للأمة المحمدية، وأن للدين أسسًا، ومن ترك واحدًا منها فهو كافر بها، حلال الدم، أى دمه حلال، من بينها صيام شهر رمضان.
هذا الكلام الواضح من فضيلة الدكتور عبدالحميد الأطرش أثار كل المتابعين، ومن قبلهم المذيع وضيفته على الهاتف الدكتورة سعاد صالح، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر.
ردت الدكتورة سعاد، وهى أزهرية كما الدكتور الأطرش أزهرى، وقالت كلامًا فقهيًا محددًا عن الرخصة التى منحها الله سبحانه وتعالى للمسافر والمريض، لم يتحمل الدكتور الأزهرى المناقشه ورد بأن بعض الفقهاء قالوا أن المسافر الذى يباح له الصيام هو سفر الطاعة وليس المعصية، هنا بالتحديد يتدخل الإعلامى عمرو عبدالحميد بمعايير منضبطة ليثرى الحوار محاولًا الإشارة إلى أننا هنا نتكلم عن المنتخب المصرى الذى يخوض مهمة قومية، وكيف يرى رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الموقف؟
هنا يلقى شيخنا الفاضل بأيقونته الفكرية ليتركنا فى حيص بيص متسائلًا: «ليه منأجلش كأس العالم لبعد رمضان، وهيجيلنا إيه من كأس العالم يعنى هنحرر بيت المقدس، والمسافر رايح ليه عشان يلعب كرة؟».. بعد هذه الأيقونه لا بد أن أضع ككاتب مقال عشرات من علامات التعجب مكتفيًا برد عمرو عبدالحميد الذى قال لشيخنا: «الآن صارت لعبة كرة القدم مهنة لمن يحترفها، وأصبحت مصدر رزقه الوحيد» وهنا يضع لنا الشيخ عبدالحميد الأطرش مسك الختام، بقوله: «ده رأيى، وأى حد من أصحاب الأعمال الشاقة عليه أن يبطل عمله فى رمضان ويصوم، ومحدش عارف هيلحق للسنة المقبلة ولا لأ».
نستطيع الآن أن نعرف مدى المعاناه التى يلقاها المواطن البسيط من سيل الفتاوى، ونستطيع الآن أن نقول أن تجديد الخطاب الدينى بات ضرورة الآن أكثر من ذى قبل، فالمسألة لا تتعلق بفتوى غريبة هنا أو ممارسة غير منطقية هناك، لأن الكل سواء المؤيد أو المعارض للفتوى الواحدة يعتمد على نص موجود بالفعل، وهو ما يثير الارتباك ليتجه الناس على طرفى نقيض.
ولأننى لست فقيهًا فى هذا المجال، إلا أننى واحد من الواقفين فى مفترق الطرق بين داعش والإخوان والأزهر، ولا تسألنى كيف أضع الثلاثة فى جملة واحدة، الفوارق الطفيفة لا تصنع فارقًا، والالتفاف على الأفكار لا يمهد الطريق إلى المستقبل، ولكنه حبل يخنقنا، فليس من المعقول أن يصل بنا الحال إلى حد التناقض فى الإجابة عن سؤال واحد، هل من حق لاعب المنتخب الإفطار فى مباراة مجهدة؟
وليت الإجابة تتوقف عند نعم أو لا، ولكنها هنا فى هذه الحالة وصلت إلى إهدار الدم، فأى رعب هذا الذى نستمع إليه، أعرف أن مئات الفقهاء من الممكن أن يقدموا اجتهادات مختلفة عما قاله الشيخ عبدالحميد الأطرش، ليبقى السؤال عالقًا وصالحًا لإثارة الدهشة، وهو كيف وصل الشيخ الأطرش ذات يوم إلى موقع رئاسة لجنة الإفتاء بالأزهر؟ إذا عرف أحدكم الإجابة يكتب لنا أو يتصل بعمرو عبدالحميد.