الجميع يستعد لاستقبال الزيادات المتوقعة على المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية، بالتزامن مع بدء الموازنة الجديدة للعام المالى 2018- 2019، والتى تعتمد على تقليص حجم الدعم، خاصة على المحروقات والطاقة، وإعادة هيكلة المستحقين له، والتي طالما نادينا نحو ضرورة أن يتم توجيه الدعم للفئات الأولى بالرعاية، ولا شك أن زيادة المحروقات تنعكس بشكل مباشر على أسعار جميع السلع والخدمات، فى أبسط صورها؛ لأن هذه الزيادة تعنى زيادة فى تكلفة النقل، كما أن هناك زيادات أخرى تحدث على مستوى الإنتاج، منها زيادة تكلفة استهلاك الوقود المستخدم فى إنتاج أى سلعة، ومن المتوقع أن تكون الزيادة هذه المرة لأسعار المحروقات بكل أنواعها، إلى جانب أسعار الكهرباء، مما يعنى أن الزيادة ستكون مضاعَفة وموزعة بين قطاعات الإنتاج المختلفة.
بالتزامن مع هذا الإفصاح بدأ أغلب التجار الاستعداد لتكرار نفس التلاعب الذى قاموا به مع اتخاذ أول قرارات لإعادة هيكلة الدعم، بعضهم بدأ تخزين الكميات استعدادًا لطرحها بالسعر الجديد بعد الزيادة لتحقيق مكاسب مضاعَفة على حساب المواطنين البسطاء والدولة بما يضر بمصلحة الاقتصاد الوطني، والبعض الآخر بدأ تقليل الكميات المنتجة، وبعض الموزعين يلجئون لطرح كميات أقل من المعتادة، استعدادًا لافتعال أزمات فى بعض السلع قبل الزيادة، حتى يقبل المواطن بإعادة توفيرها فى السوق بأسعارها الجديدة.
وهنا تحديدًا تكمن الإشكالية الأكبر للسوق المصرية التى تعانى ضعف الرقابة على الأسواق، ويسهل التلاعب بها، سواء على مستوى جودة المنتجات والسلع أو على مستوى التلاعب بالأسعار الممارسات الاحتكارية، سواء من المنتجين أو الموزعين أو التجار.
الحكومة من جانبها تسير بخطوات ناجحة ومنضبطة نحو إنهاء برنامج الإصلاح الاقتصادى واتخذت أصعب قراراتها بشأن تخفيض فاتورة الدعم على الخدمات والسلع، وإعادة توزيع وهيكلة الدعم للفئات المستحقة.
وزارة التموين والتجارة الداخلية كانت قد اتخذت قرارًا بإلزام المنتجين والمستوردين بتدوين الأسعار على المنتجات فى مكان واضح، أثناء طرحها فى السوق، مؤكدة أن التجار الذين يخالفون هذا القرار سيكونون معرضين لعقوبة مصادرة جميع الكميات التى يعرضونها وغير مدون عليها السعر. اتخذت وزارة التموين والتجارة الداخلية هذا القرار باعتباره آلية جديدة لضبط السوق، بعد التجربة السابقة للحفاظ على سوق منافسة عادلة، والحفاظ على آليات السوق، لكن لم يطبق القرار حتى تاريخه.
هناك بعض الشركات احترمت القرار والقانون، ونفذته بالفعل ووضعت أسعار البيع للمستهلك على السلع، لكن هذه الشركات لن تستطيع الاستمرار فى هذا الأمر منفردة؛ لأنها ستتعرض للخسارة من التجار الذين يفضلون التوجه المنافسين الذين يرفضون تطبيق القرار فيسهل عليهم التلاعب ويصبح الموزع هو المتحكم فى تحديد سعر البيع النهائي للمستهلك.
أدعو الدكتور على مصيلحى أن يكون كما عوّدنا أكثر شفافية وأن يخرج علينا بتقييمه العادل لهذه التجربة، وأن يوجه رسالته للمنتج والموزع والمستهلك؛ حتى لا يتعرض المستهلك مرة أخرى للاستنزاف الذى تعرَّض له قبل ذلك؛لأن هذا التلاعب فى النهاية يمثل عائقًا أمام تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى.