الأربعاء 15 يناير 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

"سيدة صيدنايا".. قصة دير صمد في وجه الحروب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
دير سيدة صيدنايا، من أشهر الأديرة في سوريا، حيث توجد به أيقونة صيدنايا الشهيرة المعروفة بـ"الشاغورة" هي من عمل القدّيس لوقا الإنجيليّ نفسه، وهو الذي رسم ثلاث أيقونات عجائبيّة للعذراء.
و"صيدنايا" جزء من محافظة ريف دمشق ترتفع 1350 مترًا وتبعد حوالى 25 كلم شمال دمشق على أحد منحدرات جبل القلمون، وقد حمل اسم صيدنايا أكثر من معنى.
وبحسب التراث المحلّيّ صيدنايا هو "مكان استراحة الغزال". كما يُظنّ أنّه يعني "السيّدة الجديدة" بما أنّ كلمة "نايا" باليونانيّة هي "جديد" والجزء الآخر من الكلمة هو "سيّدة" بالعربيّة. 
ولفظ "صيد" مرتبط بشكل عامّ بمعنى الاصطياد و"نايا" باللغة السريانيّة لاحقة شائعة خاصّة بالمكان لذلك فعلى الأرجح أنّ اسم صيدنايا هو "مكان الصيد"، وكان يوجد معبد للإله صيدون، إله الصيد الفينيقيّ، ينتصب في ذلك المكان الذي كان في الماضي السحيق غنيًّا بالغابات.
تاريخ نشأة دير سيّدة صيدنايا غير محدّد، فقد وجدت فيه بعض الآثار من العصر الكلاسيكيّ ومنها بقايا معبد وكتابات يونانيّة، وبحسب التقليد فأنّ الدير بناه الأمبراطور يوستينيانس الأوّل (527-565). ويأتي في الأسطورة أنّ الأمّبراطور كان يصطاد في منطقة القلمون فظهرت له العذراء مريم وأمرته ببناء دير على الصخرة العالية التي كانت هي واقفة عليها.
في اليوم الثاني بدأ يوستينيانس العمل على إرساء دعائم بناء الدير، وعندما اكتمل البناء أصبحت ثيودورا، أخت الأمّبراطور يوستينيانس، أول رئيسة للدير.
لكن لا يوجد أيّ مستند من تلك الحقبة يثبت أنّ يوستينيانس هو الذي بنى الدير، فجدران صيدنايا لا تحمل أيّ أثر من القرن السادس، ولا يذكر بروكوبيوس القيصريّ (ت. 561)، مرافق يوستينيانس ومؤرخّه الرسميّ، أيّ شيء عن تأسيس الدير، كما أنّ المؤرخين المسيحيّين الذين عاشوا في العصر الوسيط، لا يذكرون يوستينيانس، بل يرد في أعمالهم أنّ الدير أسّسته أرملة خلال العصر البيزنطيّ انسحبت من العالم لتعيش حياة النسك في القلمون.
ورغم أنّ العديد من كنائس سورية دمّر في العام 1014 تنفيذًا لأوامر الخليفة الفاطميّ الحاكم بأمر الله، فإنّ دير صيدنايا غير مذكور في هذا السياق، وتاليًا من المرجّح أن يكون الدير قد نجا من هذا المصير. 
وفى عهد المماليك، خلال حكمهم بلاد الشام بين 1250 و1517، هدموا الكثير من الكنائس والأديار، ولكنّ دير صيدنايا نجا من هذا المصير، إذ يرد ذكره لدى كاتبين عربيّين عاشا في تلك الحقبة هما شهاب الدين العمري (القرن الرابع عشر)، وياقوت الحمويّ (القرن الخامس عشر). 
وتذكر وثائق الوقف التي دُوّنت في بدء القرن السابع عشر اسم الأمّ الرئيسة مرتا، ابنة حاجي سعد، وفي العام 1636، رمّم صيدنايا من دون طلب الإذن من السلطات التركيّة، فسُجن رئيسه الأب موسى وعذّب وأُرغم على دفع غرامة كبيرة.
في العام 1656، زار بطريرك أنطاكية مكاريوس الزعيم موسكو وتلقّى رسائل خاصّة من القيصر تنصّ على منح الحماية الروسيّة للأديار التالية: القدّيس جاورجيوس – الحميراء، البلمند، وصيدنايا.
وفي العام 1708، بلغ عدد الراهبات في الدير أربعين راهبة مع رئيس وخمسة عشر راهبًا. وكان رئيس الدير والرهبان يمضون الليل في القرية ويعملون في الدير ويصلّون فيه خلال النهار.
وعام 1762، بعد ثلاث سنوات على حدوث زلزال عنيف، أطاح بالكثير من الكنائس والجوامع في دمشق، أعيد بناء الدير بإذن خاصّ من المفتي العثمانيّ في دمشق الشيخ علي المرادي، بفضل تبرّعات قدّمها أعيان دمشق. 
وفي بدء القرن التاسع عشر، احترق جزء كبير من المخطوطات السريانيّة التي كانت محفوظة في الدير، وقد كرّست راهبات صيدنايا أنفسهن للعمل الشاقّ. ففي القرنين الثامن عشر والتاسع عشر كنّ يعملن في زراعة التوت وصناعة الحرير.