أعلنت إنجلترا سحب الجنسية من 50 مواطن بريطاني لأنهم سافروا لمؤازرة الإرهاب والإرهابيين في سوريا، ولأن الجميع يضعون لنا بريطانيا كمثل أعلى لاستقرار الديموقراطية وحقوق الإنسان، فهل نستطيع الآن أن نناقش سحب التمتع بالجنسية عن المواطنين الذين لا يقفون احتراما للسلام الجمهوري المصري، أو يتقاعسون عن غناء النشيد الوطني أو الهتاف من أجل مصر أو أداء التحية وكل الاحترام للعلم المصري؟!، وأيضا إذا ثبتت تهمة الخيانة العظمى، ولم تكن العقوبة هي الإعدام، أو كانت الإعدام، فلا بد أن يصاحبها سحب الجنسية لأنها ردّ مناسب، ولأن الذي ارتكب الخيانة لم يعدّ نفسه مصريا أو وطنيا، وإلا ما ارتكب هذه الخيانة.
والحقيقة أن المادة السادسة من الدستور تقول إن الجنسية حق لمن يولد لأب مصري أو لأم مصرية، والاعتراف القانوني به ومنحه أوراقا رسمية تثبت بياناته الشخصية حق يكفله الدستور وينظّمه، ويحدّد القانون شروط اكتساب الجنسية، ولم تذكر هذه المادة أي شيء عن إجراءات سحب الجنسية، لأن الجنسية المصرية شرف وإذا كان الحصول عليها تلقائياً للمولودين من أب أو أم مصرية، إلا أنها من أكثر الجنسيات المرغوبة في العالم، وأكثر الجنسيات شرفا لأبنائها، فهي الدولة التي علمت الدنيا الحضارة وكل نواحي العلوم والفنون، ودولة المؤسسات إذ كان الجيش - وما زال - منفصلا عن بيت الحكم وعن مؤسسة الكهنة ومؤسسة الشرطة، التي كان يطلق عليها "الجيش الداخلي"، وكانت مصر بلدا يأتيه من لا يجد لقمة عيشه في بلده، ولذلك كانت تعجّ بالجنسيات المختلفة من يونانيين وإيطاليين وفرنسيين وألمان، بل إن "تجرمان" - وهو عازف البيانو الشهير - أتى بناء على نصيحة أطبائه لأنه كان يعاني من الروماتويد، ووصفوا له جو مصر الساحر صيفا وشتاء، وافتتح معهده الشهير في القاهرة، ولكن مصر لم تعطِ الجنسية لأي من الوافدين، وذلك لأن الجنسية المصرية كانت تتفوق على باقي الجنسيات والحصول عليها يجب أن يكون للأعمال المجيدة فقط.
والآن - وبعد كتابة الدستور الجديد - يجب سحب الجنسية عن الفلسطينيين حفاظا على القضية الفلسطينية، وهو ما قالت به جامعة الدول العربية، وأيضا لا بدّ من بحث سحب الجنسية عن كل من تسوّل له نفسه خيانة الوطن، ولي سؤال ساذج: لماذا لم يعلن رئيس مجلس الوزراء قرار حظر جماعة الإخوان المسلمين بنفسه؟!، ألم يكن هذا أقوى؟!، أم أن هناك في الأمور أمورا؟!.
وهناك حديث عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول ما معناه: "الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات"، فبعد صدور الدستور الجديد، وبعد أن ينزل الشعب إلى الاستفتاء بالملايين، لا مجال للمشتبهات، وكلّ مواطن يجب أن يجازى حسب عمله جزاء من الدولة ومن خالقه سبحانه وتعالى، أما من أخطأ فليس منّا، ولكنّه من جنسية أخرى.