أطلقت وزارة الاستثمار والتعاون الدولى حملة إعلامية ضخمة للترويج لمراكز خدمة المستثمرين الجديدة الموزعة توزيعا إقليميا على مستوى محافظات الجمهورية، واعتمدت فكرة هذه الحملة على المستثمرين المصريين والأجانب لتوجيه دعوات للإستثمار فى جمهورية مصر العربية، ولاشك أن مثل تلك الحملات المكثفة بما فيها من رسائل مباشرة تساعد بشكل مهم في تكوين صورة ذهنية جديدة عن تطوير قطاع خدمات المستثمرين فى وزارة الإستثمار.
هى حملة إعلامية متنوعة و مصاغة بشكل احترافى وجيد، ولكن تظل هذه الحملة الإعلامية المتميزة وما يتبعها من مجهودات للوزيرة سحر نصر على المحك، لسببين الأول أن وزيرة الاستثمار تجتهد فى تحقيق تكليفات موجهة لها ولوزارتها، ولكن ماذا عن باقى القطاعات المكملة لتلك الخدمات والتى تخرج عن إختصاص وزارة الاستثمار والتعاون الدولي، والتى لها علاقة بشكل مباشر بتسهيل عمل الوزارة بالوزارات والهيئات الآخرى وتحديدا باقى المنظومة التى أتحدث عنها تبدأ من المحاكم الإقتصادية ولجان فض المنازعات، وحتى منظومة الجمارك وآليات دخول وخروج أموال المستثمرين الأجانب وأرباحهم لدى البنوك، وغيرها من باقى الأنشطة المتعلقة بالمستثمرين، ويكمن الأمر الثانى في أن مثل تلك الحملات الإعلامية تكون نتيجتها عكسية لا قدر الله إذا لم يكن مستوى الخدمات الذى يتلقاه المستثمرين على نفس الدرجة من السهولة واليسر والتبسيط الذي تحمله الحملة الإعلانية.
وعلى الرغم أنه يبدو أن وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي هى المسئولة عن إعلان الأرقام الخاصة بزيادة عدد المستثمرين والشركات التى يتم تأسيسها والشركات التى تتوسع في زيادة إستثمارتها ولكن فى حقيقة الأمر هذه الأرقام ليست وزارة الإستثمار والتعاون الدولي المسئولة الوحيدة عنها، ولكنها مسئولية كافة الوزارات فى المجموعة الإقتصادية وكذلك وزارات المجموعة الخدمية، وانضم إليهم مؤخرا قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الذى أصبح مساهم وشارك بقوة فى الناتج المحلى لكثير من الدول فى المنطقة.
إذن التحدي الأكبر ليس هذه الأرقام المعنية بزيادة عدد الشركات والمستثمرين وتوسعاتهم وزيادة فرص العمل الحقيقية فلن تستطيع الحكومات القادمة أن تكون هى أكبر موظف للعمالة فى سوق العمل، ويجب أن يدخل القطاع الخاص تدريجيا كبديل ومساعد فى مجال التوظيف، لن تستطيع الحكومة أن تقدم دعما منتظم ومستمر لكافة فئات المجتمع ضمن شبكة الحماية الاجتماعية، لكن يجب أن يكون دور الحكومة هو تهيئة المناخ للقطاع الخاص حتى يتمكن من توفير فرص عمل حقيقية ولائقة للشباب تمكنهم من زيادة دخولهم وأن تهيأ البيئة للابتكار والتطوير واطلاق المبادرات، ليحققوا طموحاتهم و يخدمون مجتمعهم.
نظرا لأن اتساع المسئولية الاجتماعية تؤدي بلاشك لتحقيق التنمية الحقيقية، والتي يجب أن تبدأ من خلال دعم باقى القطاعات المشاركة فى التنمية وإتخاذ خطوات حقيقة نحو الإصلاح وصولا لزيادة فرص العمل كما بدأت وزارة الاستثمار والتعاون الدولي خطواتها الأولى فى هذا الاتجاه، وفى النهاية فإن معدلات التنمية المطلوبة لن تتحقق إلا بعمل جماعي ومجهود مشترك وتراكمي من جميع الوزارات فى الحكومة والقطاع الخاص، كما أن معدلات التنمية الحقيقية تعد مسئولية مشتركة للحكومة ككل وليس لوزارة دون أخرى.