على مدار المقالات الثلاثة السابقة عرضت موجزًا عن تاريخ الجريمة الإرهابية، وكيف كانت تتم مواجهتها، سواء فى العصور القديمة أو الوسطى أو من خلال التشريعات الدولية فى العصر الحالى، وفى هذا المقال سوف أستعرض النصوص الدستورية والتشريعية المتعلقة بمواجهة الإرهاب فى النظام القانونى المصرى، وبها أختم هذه السلسلة من المقالات.
أولا: النصوص الدستورية:
1) منذ أن عرفت مصر النظام الدستورى عام 1923 ومرورًا بدستور 1956 ودستور 1971 وحتى عام 2007، لم يكن هناك نص دستورى يخص مكافحة الإرهاب.
2) ولكن بموجب التعديل الدستورى الذى تم فى عام 2007، عَنْوَن المشرع الدستورى الفصل السادس من دستور 1971 بـ «مكافحة الإرهاب»، وقد اشتمل هذا الفصل على مادة واحدة هى المادة (179).
3) وبعد ثورة 25 يناير تم إسقاط دستور 1971، ثم جاءت الإعلانات الدستورية المتعاقبة خلال هذه الفترة ومن بعدها دستور 2012 خلوا من أى نص يخص مكافحة الإرهاب.
4) وبموجب دستور 2014، جاءت المادة (237) منه ونصت على أن: «تلتزم الدولة بمكافحة الإرهاب بكافة صوره وأشكاله، وتعقُّب مصادر تمويله وفق برنامج زمنى محدد، باعتباره تهديدًا للوطن والمواطنين، مع ضمان الحقوق والحريات العامة. وينظم القانون أحكام وإجراءات مكافحة الإرهاب والتعويض العادل عن الأضرار الناجمة عنه وبسببه».
وهذا النص الذى جاء فى دستور 2014 كان ضروريًّا لمواجهة العمليات الإرهابية التى استفحل أمرها وتنامى خطرها وكاد أن يعصف بأركان الدولة المصرية، ولكن يعيبها أنها تلزم الدولة بالقضاء على الإرهاب خلال فترة زمنية محددة، وتناست تَعَقُّد هياكل التنظيمات الإرهابية وسريتها وطابعها الدولى، مما يستحيل معه على أى دولة أن تضع مقدمًا حدًّا زمنيًّا للقضاء عليه.
كما أن المادة تنص على أن تضمن المواجهة الحقوق والحريات العامة للمواطنين، وهذه العبارة من قبيل التزيد، فأى إجراء سواء تعلق بمكافحة الإرهاب أو غيره ينبغى ألا يُخلّ بحقوق الأفراد وحرياتهم.
ثانيًا: النصوص التشريعية:
1) فى البدء كان يحكم العمليات الإرهابية بصفة عامة، قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية وقانون غسل الأموال وقانون الطوارئ وقانون إنشاء محاكم أمن الدولة.
2) ثم صدر القانون رقم 97 لسنة 1992 مضيفًا بعض المواد لقانون العقوبات، وقد تضمنت هذه المواد تعريف الإرهاب وتحديد جرائمه والعقوبات المقررة.
3) وبالإضافة إلى ذلك، حظر القانون رقم 84 لسنة 2002، الخاص بالجمعيات والمؤسسات الأهلية، إنشاء الجمعيات السرية التى تمارس نشاط تكوين التشكيلات العسكرية أو تهديد الوحدة الوطنية.
4) ثم صدر القانون رقم 80 لسنة 2003 بشأن مكافحة غسل الأموال، ولا تخفى الصلة بين عمليات غسل الأموال والعمليات الإرهابية؛ إذ إن غسل الأموال يعتبر مصدرًا أساسيًّا لتمويل الجماعات الإرهابية.
5) وبعد صدور دستور 2014، كان لا بد من تفعيل نص المادة (237) منه، فتم وضع قوانين خاصة بالإرهاب مستقلة عن القوانين العامة؛ فقد تم إصدار القانونين الآتيين:
أ) قانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين رقم 8 لسنة 2015.
ب) قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015.
وفى نهاية هذه السلسلة أقول: إن الأديان كلها (وعلى الرأس منها الدين الإسلامي) لا يمكن أن تدعو إلى التطرف والإرهاب، فهى شرائع سماوية جاءت بالمحبة والسلام، وأن النماذج المتطرفة من أتباع أى دين ليست حجة عليه، بل الدين بنبعه الصافى فى الكتب المقدسة التى أنزلها الله تعالى على أنبيائه ورسله هو الحجة على البشر.
------------------
كوتيشن: النص الذى جاء فى دستور 2014 كان ضروريًّا لمواجهة العمليات الإرهابية التى استفحل أمرها وتنامى خطرها وكاد أن يعصف بأركان الدولة المصرية، ولكن يعيبها أنها تلزم الدولة بالقضاء على الإرهاب خلال فترة زمنية محددة، وتناست تَعَقُّد هياكل التنظيمات الإرهابية وسريتها وطابعها الدولى، مما يستحيل معه على أى دولة أن تضع مقدمًا حدًّا زمنيًّا للقضاء عليه.