ذكرت وسائل إعلام سورية اليوم الثلاثاء، أن الحكومة دعت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لإرسال فريق للتحقيق في مزاعم هجوم كيماوي في مدينة دوما بالغوطة الشرقية.
ونسبت الوكالة العربية السورية للأنباء إلى مصدر رسمي بوزارة الخارجية قوله ”سوريا تؤكد حرصها على التعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لكشف حقيقة الادعاءات التي تقوم بالترويج لها بعض الأطراف الغربية وذلك لتبرير نواياها العدوانية خدمة لأهدافها السياسية“.
وقالت روسيا يوم الثلاثاء إنها ستقترح على الأمم المتحدة إرسال مفتشين دوليين لزيارة موقع الهجوم الكيماوي المشتبه به وذلك بعد أن تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برد سريع وقوي على الهجوم.
وذكرت منظمة إغاثة سورية أن 60 شخصا على الأقل قتلوا وأصيب ما يربو على ألف في الهجوم على عدة مواقع في دوما التي كانت تحت سيطرة مقاتلي المعارضة في ذلك الوقت.
وقالت الحكومة السورية وحليفتها الرئيسية روسيا إنه لا يوجد دليل على أن هجوما بالغاز وقع ووصفتا المزاعم بأنها ملفقة.
لكن الواقعة دفعت بالصراع السوري الذي دخل عامه الثامن إلى الواجهة على الساحة العالمية مرة أخرى وأثارت احتمال شن عمل عسكري غربي ضد القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد.
وفي مؤشر على توتر الموقف، هددت إيران الحليفة الرئيسية الأخرى للأسد بالرد على هجوم جوي استهدف قاعدة عسكرية سورية. وألقت طهران ودمشق وموسكو باللوم في الهجوم على إسرائيل.
وعلى الأرض، وصل آلاف المقاتلين وأسرهم إلى شمال غرب سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة المسلحة بعد تسليم مدينة دوما للقوات الحكومية. ويعني اتفاق التسليم استعادة الأسد السيطرة على الغوطة الشرقية بالكامل.
وفي موسكو قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف يوم الثلاثاء إن الكرملين سيتقدم بمشروع قرار في مجلس الأمن الدولي لاقتراح أن يحقق مفتشون من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في هجوم دوما.
وأشار ميخائيل بوجدانوف نائب وزير الخارجية الروسي إلى أنه لا يوجد احتمال لحدوث مواجهة في سوريا تؤدي إلى اشتباك عسكري بين روسيا والولايات المتحدة.
ونسبت الوكالة إلى بوجدانوف قوله إن هناك ”اتصالات عمل“ بين مسؤولين روس وأمريكيين حول سوريا مضيفا أنه يرى أن حسن الرأي سيسود في النهاية.
وذكر ترامب في اجتماع مع قادة عسكريين ومستشارين للأمن القومي أنه سيتخذ قرارا إزاء الرد بحلول ليل يوم الاثنين ”أو بعد قليل جدا من ذلك“ مضيفا أن الولايات المتحدة لديها ”خيارات عسكرية كثيرة“ بشأن سوريا.
وقال: ”لكن لا يمكننا ترك فظائع مثلما شاهدنا جميعا... لا نستطيع ترك ذلك يحدث في عالمنا... خاصة عندما نكون قادرين على إيقافها نظرا لقوة الولايات المتحدة وقوة بلدنا“.
وقال دبلوماسيون: إن الولايات المتحدة تعتزم الدعوة إلى تصويت في مجلس الأمن الدولي يوم الثلاثاء لإجراء تحقيق جديد لتحديد المسؤول عن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا.
وإذا تم الاقتراع على الاقتراح الأمريكي فمن المرجح أن تستخدم روسيا حق النقض (الفيتو) ضده.
وقالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي يوم الاثنين إن واشنطن ”سترد“ على الهجوم سواء تحرك مجلس الأمن الدولي أم لا.
وقال ريتشارد جوان وهو خبير في شؤون الأمم المتحدة بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ”هذا ترتيب دبلوماسي بالأساس“.
وأضاف: ”ستستخدم روسيا قطعا الفيتو ضد القرار الأمريكي الذي ينتقد الأسد وستستخدم واشنطن هذا لتبرير توجيه ضربات عسكرية. وسيسهل الانقسام في الأمم المتحدة على فرنسا تبرير الضربات“.
وقالت فرنسا يوم الثلاثاء إنها سترد إذا ثبت أن القوات السورية نفذت الهجوم. وقال مساعدون حكوميون إن أي رد فعل سيكون على الأرجح بالتنسيق مع الولايات المتحدة.
واتهم سفير روسيا في الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا بإثارة التوترات الدولية من خلال إتباع ”سياسة المواجهة مع روسيا وسوريا“.
وأضاف: ”روسيا تتعرض لتهديد لا يغتفر. النبرة المستخدمة تجاوزت الحد المقبول حتى خلال الحرب الباردة“.
ولم تستطع التقديرات الأمريكية الأولية حتى الآن أن تحدد بشكل قاطع المواد التي استُخدمت في الهجوم ولم يتسن الجزم بمسؤولية القوات الموالية للأسد عنه.
بيد أن ترامب قال إن واشنطن يتاح لها ”مزيد من الوضوح“ بشأن المسؤول عن الهجوم.
كان تحقيق مشترك سابق أجرته الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية خلص إلى أن القوات الحكومية السورية استخدمت غاز السارين في أبريل نيسان 2017 واستخدمت غاز الكلور كسلاح عدة مرات. وتلقي دمشق باللوم على تنظيم الدولة الإسلامية في استخدام غاز الخردل.
ووقع الهجوم الكيماوي المحتمل في نهاية أحد أعنف هجمات الحكومة السورية خلال الحرب حيث قتل ما يقدر بنحو 1700 مدني جراء قصف جوي ومدفعي في الغوطة الشرقية.
ورغم نفور المجتمع الدولي من هجمات الأسلحة الكيماوية فإن قتلى مثل هذه الحوادث بالعشرات وهي أعداد لا تذكر بالمقارنة مع مئات الآلاف القتلى من المقاتلين والمدنيين الذين راحوا ضحية الصراع منذ بدء الانتفاضة ضد حكم الأسد في مارس آذار 2011.
ودخل اتفاق على خروج مقاتلي المعارضة من مدينة دوما حيز التنفيذ يوم الأحد بعد ساعات من ورود تقارير منظمات الإغاثة الطبية عن الهجوم الكيماوي المحتمل.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزارة الدفاع قولها إن 3600 مسلح وأسرهم غادروا دوما خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية. وقالت صحيفة الوطن الموالية للحكومة إن من المتوقع مغادرة نحو 40 ألف مقاتل وأسرهم دوما.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان: إن 67 حافلة تقل مئات المقاتلين وأسرهم ومدنيين آخرين رفضوا العودة إلى حكم الأسد وصلت إلى مناطق للمعارضة قرب حلب يوم الثلاثاء.
وفي إطار الاتفاق، أطلقت جماعة جيش الإسلام التي كانت تسيطر على دوما سراح عشرات الأسرى الذين كانت تحتجزهم.
ويمثل انتزاع السيطرة على الغوطة الشرقية أكبر نصر ميداني للأسد على مقاتلي المعارضة منذ أواخر 2016 عندما استعاد حلب كما يسلط الضوء على الموقف القوي للرئيس السوري في الصراع.