فى أواخر شهر مارس ١٩٤٨، طلب زعماء المستوطنات اليهودية فى القدس من أهالى قرية دير ياسين توقيع معاهدة سلام بينهم، فوافق الفلسطينيون على تلك المعاهدة غير عابئين، بأن الغدر والخيانة دأب الصهاينة فى كل وقت وحين.
ففى مثل هذا اليوم التاسع من أبريل من عام ١٩٤٨ ارتكبت العصابات الصهيونية «شتيرن» و«الأرجون» و«الهجاناة» مذبحة بقرية دير ياسين الواقعة غرب مدينة القدس المحتلة، وقتل عدد كبير من الشيوخ والنساء والشباب والأطفال فيما يشبه التطهير العرقى بغية نشر الرعب وإجبار الفلسطينيين على ترك ديارهم والهجرة عن الأرض العربية، وعلى أنقاض دير ياسين تقوم الآن مستوطنة يهودية تسمى «جفعات شؤول».
دخلت العصابات الصهيونية القرية وقتلت كل من وجدتهم بطريقها، وألقوا القنابل على المنازل لتُدمر على من فيها، وقصفتها بمدافع الهاون، وأغلقت جميع المنافذ التى تمكن أهلها من الفرار، ومنعت المؤسسات الدولية بما فيها الصليب الأحمر من الوصول للقرية والوقوف على ما حدث على أرض الواقع.
اختلفت الروايات على عدد الشهداء بالتحديد الذين سقطوا فى تلك المذبحة فتقول بعض المصادر الفلسطينية ٣٦٠، فيما ترجح مصادر أخرى سقوط ١٠٩ شهداء فقط، ويقول المؤرخ الفلسطيني، الدكتور صالح عبدالجواد: «إن عدد ضحايا مجزرة دير ياسين كان أقل بكثير مما جرى تداوله، وبالنظر إلى روايات المعمرين فقد حصلنا على رقم محتلف لعدد الشهداء إذ لم يصل العدد إلى ٢٥٤، كما أعلنت العصابات الصهيونية، وأنا أجزم بأن عدد الشهداء مائة شهيد فقط».
ويقول رئيس بعثة الصليب الأحمر الدولى آنذاك جاك رينيه: «لقد كانت مذبحة مروعة راح ضحيتها ٢٥٤ إنسانًا بريئًا، فقد كان هناك أكثر من ٤٠٠ شخص فى القرية، حوالى ٥٠ هربوا وثلاثة ما زالوا أحياء، لكن البقية ذبحت بناء على الأوامر».
فيما قال مناحم بيجين، رئيس وزراء إسرائيل، فى سبعينيات القرن العشرين، إنه «دون دير ياسين ما كان ممكنًا لإسرائيل أن تظهر فى الوجود»، وعلى نفس الشاكلة يرى إسحق شامير، رئيس وزراء إسرائيل فى ثمانينيات القرن الماضي، إن المجزرة فى دير ياسين كانت واجبًا إنسانيًا، بينما وصفها أحد المؤرخين البريطانيين، ويدعى آرنولد توينبى أنها «مشابهة للجرائم التى ارتكبها النازيون ضد اليهود».