استمر الفلسطينيون فى التظاهر للأسبوع الثانى على التوالي، ضمن فعاليات
المسيرة الكبرى للعودة، أو ما يعرف بـ«يوم الأرض»، على حدود قطاع غزة بالضفة
الغربية، وسط مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلى الذى أسقط أكثر من ١٦ شهيدا
وأكثر من ١٤١٢ جريحا الأسبوع الماضي.
وفى الأسبوع الثاني، استمر تساقط الشهداء ووصل عدد الضحايا إلى ٨ شهداء
وأكثر من ١١٠٠ جريح، فى «جمعة الكاوتشوك»، التى أطلق عليها هذا الاسم لأن الفلسطينيين
أحرقوا إطارات سيارات من أجل إضعاف رؤية قناصى قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وتناولت الفضائيات وبرامج التوك شو يوم الجمعة ٦ أبريل، مظاهرات
«جمعة الكاوتشوك»، وردود الفعل عليها، فقط استطاعت قنوات «إكسترا نيوز» و«أون
لايف»، و«الغد العربي»، من تغطية الأحداث، ونقلت عن «الهلال الأحمر» الفلسطيني،
ارتفاع عدد المصابين فى قطاع غزة إلى ٨١، منهم ٣٦ بالرصاص الحي.
ووقعت مواجهات عنيفة بين قوات الاحتلال، ومتظاهرين فلسطينيين، ما أدى
إلى وقوع عدد كبير من المصابين.
ومن جانبه قال المحلل السياسى الفلسطينى طلال عوكل، إن الاحتجاجات
التى قام بها الفلسطينيون اليوم سلمية داخل أراضى قطاع غزة، وبعيدة عن السياج
الحدودى بأكثر من نصف كيلو متر، بحيث لا يترك أى مجال لاحتكاكات الشبان
الفلسطينيين مع جنود الاحتلال، مشيرًا إلى أن القناصة الإسرائيليين لديهم تعليمات
بإطلاق النيران فى حالة الاقتراب من السياج الحدودي.
وأضاف «عوكل» فى مداخلة هاتفية لفضائية «أون لايف»، الجمعة، أن
الجانب الفلسطينى لم يطلق أى رصاصة تجاه الجانب الإسرائيلي، ورغم ذلك فإن القناصة
الإسرائيليين يطلقون النيران من بعيد، ويلقون قنابل الغاز المسيل للدموع.
وأوضح أن الاحتلال الإسرائيلى بدأ فى رش المنطقة بالمياه العادمة،
ويطلق الرصاص الحى فى نفس الوقت، مؤكدا أن وسائل الإعلام العربى ليست مقصرة فى نقل
الحادث.
وشدد على ضرورة الاستثمار السياسى فى التحرك الفلسطينى العربى النشط
على المستوى الدولي.
بينما قال المحلل السياسى والأمين العام للمبادرة الوطنية
الفلسطينية، الدكتور مصطفى البرغوثي، إن التصعيد الذى تشهده الأراضى الفلسطينية
حاليا من مسيرات العودة فى الضفة والقطاع هو أمر عظيم، مؤكدًا أنه «تحوّل فلسطيني»
نحو تبنى الاعتماد على النفس وتحدى الاحتلال من خلال المقاومة الشعبية.
وأضاف «البرغوثي» خلال تصريحات لمراسل فضائية «الغد» الإخبارية فى
البيرة، أن المقاومة الشعبية تترافق حاليا مع حركة المقاطعة ضد إسرائيل، وفرض
عقوبات عليها لتشكل معا الاستراتيجية الوطنية البديلة، والتى احتاجها الشعب
الفلسطينى ليعود إلى تقاليد الانتفاضة الشعبية الأولى.
وأكد البرغوثى أن «ما ظنت إسرائيل أنه سيردع الفلسطينيين أتى بنتائج
عكسية، إذ نرى اليوم تصاعدا أكبر، ولن يستمر فقط حتى ١٥ مايو، ذكرى النكبة، وإنما
لبعدها أيضا لأننا دخلنا فى مزاج المقاومة الشعبية الواسعة المشابهة لمزاج
الانتفاضة الشعبية»، مشددا على أنه لا يوجد بديل آخر أمام الفلسطينيين، وأن أهالى
غزة لا يستطيعون أن يتحموا حصارا استمر ١٢ عاما.
ومن ناحيته، شدد القيادى فى الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، على
فيصل، على أن مسيرات العودة لم تقف منذ ٧٠ عامًا، ولن تقف إلا مع انتهاء الاحتلال
والاستيطان والقتل والاعتقال والتدمير، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم التى
هُجّروا منها عام ١٩٤٨.
وأضاف «فيصل» خلال لقاء له على فضائية «الغد» الإخبارية، أن الاحتلال
الإسرائيلى واهم إذا اعتقد أن استخدام كل وسائل القتل والقمع ومحاولاته لتحويل
قطاع غزة إلى «محمية للصيد البشري» ستنجح، مؤكدا أن هناك إبداعا فلسطينيا كبيرا فى
أشكال النضال والكفاح يجب على الاحتلال أن يراه.
وأوضح أن الشعب الفلسطينى يعيش تداعيات «جريمة القرن» التى بدأت عام
١٩١٧ بوعد بلفور، ولا يزال يعيشها، مشيرا إلى أن كل مرحلة يواجه هذا الشعب العديد
من تلك الصفقات التى لن تستطع كسر إرادة الشعب الفلسطيني، متابعا أن الرئيس
الأمريكى استعدى الشعب الفلسطينى بإعلان القدس عاصمة للاحتلال، وعندما بدأ بالابتزاز
المالى لوكالة «الأونوروا» فى سياق استهداف قضية اللاجئين وإخراجها من دائرة
المفاوضات، كما يريد إخراج القدس.
بينما أدان الأزهر الشريف، بأقسى العبارات، استمرار قمع قوات
الاحتلال الإسرائيلي، لمسيرات العودة الكبرى، التى نظمها أبناء الشعب الفلسطيني،
أمس الجمعة، ما أسفر عن سقوط ٣ شهداء على الأقل، وإصابة نحو ٣٠٠٠ آخرين.
وبحسب بيان أذاعته فضائية «أون لايف»، أعرب الأزهر عن استغرابه للصمت
الدولى تجاه جرائم الاحتلال بحق أبناء الشعب الفلسطيني، حيث شكل فشل المجتمع
الدولى ومؤسساته فى إدانة المذبحة التى ارتكبتها قوات الاحتلال، يوم الجمعة
الماضي، ضد المتظاهرين السلميين، غطاءً للكيان الصهيونى كى يواصل جرائمه.
وجدد الأزهر التأكيد على دعمه الكامل للشعب الفلسطينى فى نضاله المشروع من أجل استعادة أرضه المحتلة، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، داعيا الله أن يتغمد الشهداء برحمته، وأن يمن على المصابين بالشفاء العاجل.