الضجة التى صاحبت تصريحات عماد الدين أديب، حول ما أسماه الشباب المتعاطف مع الإخوان، هى مؤشر لنتيجة استفتاء غير رسمى حول الموقف العام فى مصر من مزرعة التطرف المسماه بالإخوان المسلمين، الضجة والنتائج أكدت بوضوح رفض الاتجاه العام للإرهاب، والرفض هنا شامل للأفكار والتصرفات ولكل لوجستيات الإرهاب من دعاية ومن رصاص فى صدور الأبرياء.
لذلك أتوقف هنا عند دور عدد من رجال الأعمال بمصر، نعم أقول بعض من رجال الأعمال، الذين عرفناهم فى الـ20 سنة الماضية، وكانوا رجالًا لكل العصور، وعندما نتكلم عن رجال الأعمال لا بد وأن يكون الأخ عماد الدين أديب فى القلب منهم، «أديب» هو الرجل المبدع الذى نجح فى تحويل الصحافة والفكر إلى سلعة يمكن بيعهما بطرق مختلفة، سواء بجلب الإعلانات أو الاعتماد على ممول.
ومن الخطأ الفادح أن تتعامل النخبة المصرية مع عماد كصحفى أو مفكر، فالرجل من هاتين الصفتين براء، هو يعرف جيدًا فى لغة الأموال، يعرف جيدًا كيف يتعامل مع الضرائب، وكيف ينظر لأموال موظفيه فى التأمينات الاجتماعية، مثل غيره من رجال الأعمال الذين امتلكوا وأداروا قنوات فضائية وصحفا، عماد محض رجل أعمال شاطر وذكى فى مجالات كثيرة ليس من بينها الصحافة والإعلام والفكر والثقافة، لذلك نظلمه كثيرًا عندما نأخذ كلامه الساذج عن المتعاطف مع الإرهاب مأخذ الجد، وهنا لا نعتب عليه، ولكننا نعتب على الذين يحاولون بإصرار ضخ عماد أديب ومن حوله فى شرايين الإعلام والفكر والثقافة، لو سألت عماد نفسه عن علاقته بتلك المجالات لن ينكر الرجل قطيعته معهم، والفيديوهات خير شاهد ودليل على ذلك، كيف لمن تحاولون وصفه بالمفكر أن ينتقل فى مواقفه من رجل مبارك وجمال إلى مؤيد للأخ الجاسوس المتهم محمد مرسى؟، وكيف امتلك الجرأة وكأن الشعب فاقد للذاكرة أن ينتقد جمال مبارك بعد زوال سلطته؟، والمجد لـ«اليوتيوب» الذى وثق هذه البهلوانية التى امتاز بها الأخ أديب، ولعبه على كل الحبال التى لا تصلح إطلاقًا مع مفكر أو إعلامى، الرجل لا يعرف معنى مصطلح المثقف الملتزم، فلماذا ننزعج من كلام يقول فيه مصطلحات تبدو فخيمة كالحوار والتعاطف وما إلى ذلك؟
لم أهتم بتصريحات أديب مثلما تجاهلته فى حواره المزعج مع الإرهابى الذى نجا فى معركة الواحات، الرجل وأقصد أديب، يطل علينا عبر الشاشات بعلاقاته سواء فى الوسط الإعلامى أو أواصر القربى بينه وبين مجتمع رجال الأعمال، أو ما تبقى له من رصيد مع نفر فى مؤسسات الدولة، لذلك أعرف جيدًا أن ظاهرة أديب ومن حوله سوف تنتهى، عندما تقرر الدولة المصرية العمل بجدية فى ملف الإعلام والثقافة والتعليم، وقتها فقط لن يجد أديب أو من شابهه إلا الجلوس أمام مؤشر البورصة ليتابعوا حركة أموالهم، وهذا يكفيهم جدًا، فلا داعى لتلك الوجاهة التى سعوا إليها ليطلعوا علينا دون مبرر ليعذبونا بأفكارهم الخرافية.
الحوار مع من زعم أديب أنهم شباب متعاطف كلام هلامى غير ممسوك، كلام لا أول له ولا آخر، ولكن المؤكد أنه كلام عربون محبة، لا يخلو من استثمار يسعى إليه، كلام يصلح فرشة لكلام آخر يرتبط بالبزنس، لذلك يكفى أديب كل الردود التى صاحبت فكرته الضحلة والمغشوشة، ومن المهم الانتباه إلى أن الغش فى أية سلعة هو مجرد فساد يمكن المحاسبة عليه، ولكن من خلال قنوات صحيحة ليس من بينها استهلاك الوقت للرد على أضرار الفساد، ولكن من خلال تأسيس مجال واسع من الفكر والثقافة والوعى المنتمى إلى التراب المصرى، وقتها لن يزعجنا أى أديب يهرتل بكلام مغموس بدم الشهداء فى سيناء، أما عن اللحظة التى كان الأخ عماد يجلس فيها مسترخيًا فى الاستديو المكيف، كان جنودنا فى سيناء يحرثون الأرض لتطهيرها من الإرهاب المسلح، لكى يتمتع الأخ أديب بالكهرباء التى تصل إلى الاستوديو ولا يتعطل جهاز التكييف، وهنا يتجلى الشذوذ بعينه، فالرجل لم يلتفت لكامل الخريطة فى مصر، واكتفى بإرسال عربون المحبة إلى أناس آخرين لا نعرفهم، ولكن من المؤكد أنه ليس من بينهم جنودنا المصريين.
-------------
كوتيشن: لن يزعجنا أى أديب يهرتل بكلام مغموس بدم الشهداء فى سيناء، أما عن اللحظة التى كان الأخ عماد يجلس فيها مسترخيًا فى الاستديو المكيف، فقد كان جنودنا فى سيناء يحرثون الأرض لتطهيرها من الإرهاب المسلح