الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إيران والقضية المنسية.. "الأحواز"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحدثنا الأسبوع الماضى عن تركيا وأطماعها التوسعية تجاه الأراضى العربية تحت ستار الخلافة واليوم نتحدث عن إيران، الطرف الثانى فى المعادلة. ما جعلنى أتجه إلى إيران اليوم ولفت نظرى هو الاحتجاجات التى شهدها إقليم الأحواز العربى الواقع جنوب غرب إيران- الذى يندد أهله باحتلال السلطات الإيرانية له- قبل أيام، ومواجهات سكانه مع قوات الأمن وامتدادها إلى عدة مدن بالإقليم نفسه، ما دفعنى إلى إلقاء الضوء على ماهيته وتاريخه كى نتعرف على إحدى أهم المناطق العربية الغنية بالثروات والتى لا يعرف الكثيرون عنها إلا القليل، وأصبح فى طى النسيان. جغرافيًا تقع الأحواز غرب إيران، على الشريط الممتد للخليج العربى، وتطل على الشاطئ الشرقى للخليج، وكانت دولة عربية حتى ١٩٢٥، وكانت ضمن عصبة الأمم واكتشف النفط فيها عام ١٩٠٩، وكان ذلك سبب احتلالها ودخولها ضمن أراضى الدولة الإيرانية فى عام ١٩٢٥، بعدما اتفقت بريطانيا مع شاه إيران رضا بهلوى آنذاك، على إقصاء أمير الأحواز (والتى كانت تسمى حينها بـ«عربستان»)، وضمّ الإقليم إليه، ومن بعدها أصبحت الأحواز محل نزاع إقليمى بين العراق وإيران، وأدى اكتشاف النفط فى الأحواز إلى تصارع القوى المتعددة للسيطرة عليها، وتمسكت إيران به وتم تغيير اسمه قبل ‏أكثر من خمسة ‏عقود من «عربستان» إلى خوزستان وعاصمتها الأحواز‏.
الإحتجاجات انطلقت قبل أيام؛ حيث خرج مئات المتظاهرين العرب فى الأحواز يحتجون، وكان السبب الأصلى فى خروجهم هو تعمد هيئة الإذاعة والتليفزيون الإيرانية الإساءة للعرب فى برنامج تليفزيونى للأطفال بثته القناة الثانية بمناسبة أعياد رأس السنة الإيرانية «عيد النوروز»، تضمن فقرة استعراضية دعائية تتجاهل الوجود العربى فى منطقة الأحواز ذات الأغلبية العربية، إذ عرض البرنامج دمية ترتدى زيًّا يتبع القومية اللورية المهاجرة للإقليم، بينما تم تعريف كل الأقاليم القومية الأخرى خلال البرنامج بأزيائها المحلية.
فضلا عن أسباب أخرى جعلتهم ينتفضون بوجه الدولة الإيرانية؛ حيث يمارس الاحتلال تهميش وطمس الهوية العربية عبر تغيير أسماء المدن من العربية للفارسية (تفريس الإقليم)، واضطهادهم، واتهم المتظاهرون جهات رسمية بالوقوف وراء خطط تهدف إلى إقصاء العرب بسبب هويتهم القومية، ومنعهم من تدريس اللغة العربية. وفى عام ٢٠٠٥ خرجت انتفاضة كبرى فى الإقليم منددة بسياسات إيران ضدهم.
وقد أظهرت مقاطع تداولتها مواقع التواصل الاجتماعى استخدام قوات الأمن الرصاص الحى والغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، وقطعت الطرق بين مختلف مناطق الأحواز، وأقامت حواجز عسكرية بعدما أبدت مرونة لدى انطلاق الاحتجاجات يومها الثالث، وأكد نشطاء أيضا شن حملات اعتقالات بين المحتجين شملت العشرات وبينهم النساء، وهو ما لم يؤكده أو ينفه الإعلام الإيرانى الرسمى.
وقد يتساءل البعض: هل الوضع الحالى هو أمر واقع غير قابل للتغيير؟ نقول إن من أهم الأسباب المؤدية إلى عودة الأحواز إلى المحيط العربى هو إبراز قضية الأحواز على الصعيد العربى والدولى، وتسخير الطاقات الإعلامية كافة لتسليط الضوء على بشاعة وحقد النظام الإيرانى الصفوى وإظهار المذابح والمجازر الوحشية التى قام بها، وقبل ذلك يجب أن نرسخ مفهوما واقعيا وهو أن قضية الأحواز لا تقل أهمية عن قضية احتلال أى دولة عربية، وإضافة إلى تدعيم دور الإعلام الغائب وتفعيله؛ فإن من بعض العوامل المساعدة فى عودة الأحواز هى دعم أهلها معنويًا وماديًا، فالفقر قد قضى على أبناء الشعب الأحوازى والخيرات تجرى من تحت أقدامه وهم يعيشون تحت خط الفقر وأجدها فرصة مناسبة للمطالبة بدعم أبناء الأحواز فى إيران دعمًا سياسيًا وماديًا مثلما تفعل إيران مع حزب الله فى لبنان والحوثيون فى اليمن، ولا يجب أن يستقبل العرب ما عمدت إليه القيادة الإيرانية من ترسيخ مفهوم قوة وجبروت نظامهم الذى ينشط فى الخداع والوهم، فنظام طهران هش قابل للسقوط، هذا إذا ما علمنا أن الشعب الإيرانى قاطبة شعب محتقن ويرفض سياسة التسلط التى يمارسها آيات وملالى طهران، وللتذكير؛ فإن إيران بلد قوميات وعرقيات ومذاهب وأديان متعددة ويسهل اختراق هذا النظام الحاقد إذا ما عمد العرب والمسلمون عامة إلى وضع استراتيجيات على أسس صحيحة هدفها تحجيم الدور الصفوى فى المنطقة، ومن ثم مد اليد والمعونة لدعم أبناء الأحواز عندها يسهل لدولتهم أن تخرج من قفص الاحتلال الصفوي.
نخلص فى نهاية المقال إلى أن الأطماع الإيرانية فى البلاد العربية ليست وليدة اليوم، ولكنها قديمة الأزل ولها جذور راسخة، وما نراه اليوم ليس إلا حلقة صغيرة فى سلسلة كبيرة ممتدة.
حفظ الله مصر وشعبها وجيشها.