تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
التسجيلات الهاتفية التي أذاعها الإعلامي الكبير عبد الرحيم علي لأعضاء الائتلافات الثورية وجماعة "6 أبريل" في برنامجه "الصندوق الأسود" بقناة "القاهرة والناس" لها جانبان، أحدهما يتعلق بالحريات الشخصية وخصوصية الأفراد، والثاني يرتبط بالأمن القومي وحماية مقدرات الدولة.. فإذا وضعنا هذا في مواجهة ذاك، فإن جانب الأمن القومي يرجح على أي جانب آخر، ويصبح البث والإذاعة والنشر واجبا وليس- فقط- مسموحًا.. نحن بصدد أربعة عناصر مهمة في ذلك الملف:
الأول أن السلطات لم تقدم حتى الآن- أحد الذين سمعنا وثائق سقوطهم بآذاننا إلى تحقيق بتهم التخابر والتآمر على الدولة، وبما يشعر المجتمع أنه لم يتحصل حقه في القصاص من أولئك الذين خانوا الوطن، ولو بتجريسهم وتثبيت التهم عليهم عن طريق إذاعة التسجيلات.
الثاني أن هناك أجهزة ومؤسسات دولة أدينت ظلمًا وعدوانًا بسبب غياب الحقيقة، والاستمرار في حجب تلك الحقيقة هو إمعان في ظلم تلك المؤسسات، وتوكيد لجرائم النشطاء في شيطنتها ووصمها وهدم مراكمات تراثها الوطني.
إن توجيه رسائل التظلم والاستنجاد إلى رئيس الجمهورية المؤقت ليوقف بث المكالمات، وكذلك جمع توقيعات بعض من شاركوا في (عملية) يناير على تلك المظلمات هو عمل للتعضيد والمؤازرة يؤدي إلى إدخال الرئيس المؤقت في خيار مستحيل هو إقرار منحى يبدو أخلاقيا للدولة لحماية مواقف النشطاء غير الأخلاقية وبما يمثل مهزلة يكون التناقض هو بطلها الأول.
النقطة الرابعة: ليست هذه هي المرة الأولى في تاريخ مصر التي تذاع فيها تسجيلات لإفشاء تيار من الوعي بمؤامرة واجهها الأمن القومي أو هددت مقدرات البلد، فنحن نذكر قيام المخابرات العامة بإذاعة بعض تسجيلات الأستاذ مصطفى أمين في قضية الجاسوسية الشهيرة في غرفة الأستاذ خالد محيي الدين رئيس مجلس إدارة "الأخبار" وقتها، كما نذكر نشر تسجيلات مجموعة 15 مايو، والتي اقتبس منها الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل بعض ما يتعلق بتحضير الأرواح لتحديد موعد ساعة الصفر للحرب مع إسرائيل.
إن أحد هؤلاء الذين أذاع عبد الرحيم علي تسجيلاتهم كان يجيء إلى "الأهرام" بشكل منتظم ويلتقي رئيس التحرير الأسبق بعد أحداث يناير مباشرة- ليحدد سياسات الصحيفة، وعندي تفاصيل كثيرة في هذا المجال وإن لم أك عندي مكالمات مثل عبد الرحيم!
نقلا عن جريدة "الأهرام"