أعلنت الهينة الوطنية للانتخابات الإثنين الماضى النتيجة النهائية للانتخابات الرئاسية المصرية لعام 2018 بفوز المرشح عبدالفتاح السيسى بفترة جديدة كرئيس لمصر لأربع سنوات مقبلة بنسبة 97% من الأصوات الصحيحة، وهى نسبة كاسحة تعكس شعبية الرئيس لم يسبقه إليها أى رئيس فى انتخابات تنافسية سواء فى مصر أو دول العالم المعاصر. وقد أعقب هذا الإعلان فرحة عارمة لدى جموع الشعب المصرى امتدت من النوبة وأسوان جنوبًا حتى الإسكندرية ومرسى مطروح شمالًا، ومن البحر الأحمر شرقًا وحتى الوادى الجديد غربًا، وتمثلت الفرحة فى مظاهر غير مسبوقة فى الاحتفال بالغناء والرقص والتنورة والاحتفالات الشعبية والبالونات وتوزيع الحلوى، وهى كلها استبشار بعهد جديد وتفاؤل بسنوات مقبلة يقدم فيها الرئيس والشعب سيمفونية جديدة فى العمل الوطنى من أجل مستقبل هذا الوطن.
وقد وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى مساء الإثنين كلمة إلى الأمة عقب فوزه فى انتخابات الرئاسية مشيدًا بالشعب المصرى واصفًا إياه بأنه شعب نابض بالحياة.. وقادر على تحدى التحدى ذاته.. شعب قادر على إنفاذ إرادته الحرة وإعلائها فوق أى أهـواء أو مصالـح.. إلا مصالح الوطن وغاياته معاهدًا إياه بتجديد عهد الصدق والشفافية الذى عاهده عليه، وهو ما مثله احتشاد الشعب لتجديد العهد على مسار وطنى يتمثل فى خوضه معركتى البقـاء والبناء.
وذكر الرئيس أنه لم يخـب رهانه على المصريين يومًا.. ولم يخذله إخلاصهم وحماسهم وتجردهم.. وأبهره الوطن العظيم الذى رسم لوحة وطنية رائعة تتصدرها الأسرة المصرية والشباب والشيوخ والعمال والفلاحون تتقدمهم المرأة المصرية، وقد كان هذا الاصطفاف الوطنى دليلًا دامغًا على قوة ومتانة البناء المصرى وصلابته فى مواجهـــة مــن أرادوا هدمــه. وازدانت تلك اللوحة الوطنية بأبطال مصر من القوات المسلحة والشرطة.. الذين عقدوا العزم على توفير أقصى درجات التأمين والسلامة.. لجموع الشعب المصرى وحمايتهم.. وهم يعبرون عن إرادتهم، وتحت إشراف قضائى كامل من قضاة مصر الأجلاء.. الذين عبروا عن الشفافية والتجرد بكل صـدق وإخـلاص.
وقد أطلق الرئيس السيسى عقدًا اجتماعيًا جديدًا مؤداه الإخلاص فى العمل من أجل رفعة الوطن، والسعى لبناء مؤسساته، وتحقيق التنمية والاستقرار، وتوفير الحد اللازم من جودة الحياة لأبنائه، والعمل لكل المصريين دون تمييز من أى نوع مادام الاختلاف فى الرأى لم يفسد للوطن قضية والمساحات المشتركة بيننا أوسع وأرحب من أيديولوجيات محددة أو مصالح ضيقة، والعمل على زيادة المساحات المشتركة بين المصريين.. سيكون على أولويات أجندة العمل الوطنى خلال المرحلة المقبلة.
وشدد الرئيس على أن هذا الوطن يستحق منا أن نعمل من أجله.. فنزرع له الأمل.. ونصنع له المستقبل.. ونكتب له تفسير حلمه.. ونرسم له طريقا للغد.. يعبر به نحو ما يستحقه ويليق بتضحيات أبنائه.. إن مصر لن يبنيها أو يحميها إلا أبناؤها.
وفى الوقت الذى كانت مصر قائدًا وشعبًا يرنون بأبصارهم إلى المستقبل بكل ما تتطلبه المرحلة الجديدة من العمل الوطنى طوال أربع سنوات جديدة تمتد للعام 2022، كانت جماعة «الإخوان» تغوص فى أوحال الماضى البعيد وتطلق التهويمات والخزعبلات فى بلادٍ غريبة فى تركيا المقر الرئيس للتنظيم الدولى للإخوان، محتفلة بمرور 90 عامًا على تأسيسها فى العام 1928، ومن المفارقات أن يُقام هذا الاحتفال يوم الأحد الماضى الموافق الأول من أبريل، وكأن الجماعة ليست سوى كذبة كبيرة افتُضح أمرها فى الحالة المصرية، ولن يصدقها أحد إلى الأبد. لقد آن لهذه الكذبة أن تنتهى، وبدلًا من الاحتفال بمرور تسعين عامًا على تأسيس الجماعة، كان يجدر إعلان شهادة وفاة الجماعة وتشييعها إلى مثواها الأخير وإلى الأبد.
إن احتفال الجماعة بمرور 90 عامًا على تأسيسها فى تركيا كما أكد أحمد بان الخبير بشئون الحركات الإسلامية ليس سوى محاولة مكشوفة لإثبات الوجود، وأن كل ما جرى من انقسام داخلى على مستوى الأفكار والتنظيم والتلاسن والصراع هو أمر غير حقيقي، لافتًا إلى أنه بالتأمل فى أسماء الموجودين يتأكد المأزق الحقيقى الذى يعانيه التنظيم، إذ لم يشارك إخوان تونس أو المغرب أو ليبيا، وكل من شارك ممثل إخوان الصومال وجنوب أفريقيا وسوريا كما لم يشارك أى أعضاء من حركة حماس.
إن هناك حالة من حالات الإنكار للإخوان سواء فى الساحة المصرية أو الإقليم أو العالم، محاولة جديدة ممن تبقى من هذا التنظيم للإيحاء بأن الجماعة مازالت موجودة، رغم الانقسام الفكرى والتنظيمى وصل لمرحلة لم يصلها التنظيم تاريخيًا، وأن الادعاء بأن الجماعة مازالت بخير هو محض ادعاء واضح لا ينطلى على قواعد الإخوان. إننا أمام حالة من التشظى الفكرى والتنظيمي، إن هذه نهاية الجماعة التى لن تعبر لقرن من زمان ولن تكمل قرنها الأول، لأن الجماعة كفكرة وكتنظيم انتهت تمامًا من الحضور أو التأثير.
إن احتفال جماعة «الإخوان» الإرهابية فى تركيا بمرور 90 عامًا على تأسيس زعيمها حسن البنا لهذا الكيان الشيطانى تم وفق ترتيبات وإعدادات جهاز المخابرات التركية، وبتنسيق كامل مع التنظيم الدولى لجماعة الإخوان الإرهابية.
وقد انتقد إبراهيم الزعفرانى القيادى التاريخى بجماعة الإخوان إعلان جماعة الإخوان احتفالات ومهرجانات فنية فى اسطنبول بمناسبة مرور 90 سنة على تأسيس الجماعة، مؤكدا أن الجماعة تمر بحالة انتكاسة. وقال «إن دعوة الإخوان الأحد الموافق أول شهر أبريل 2018 هى دعوة لمنتدى بمناسبة ذكرى مرور تسعين عاما على إنشاء الجماعة، وليس تدشين احتفالات، فالاحتفالات تعقد فى فترات تحقيق نصر، أو فى زمن القوة والصعود أما فى فترة الانتكاسة فالاحتفالات تكون فى غير محلها».
إننا لم نشهد من جماعة «الإخوان» طوال 90 عامًا سوى سلسة متعاقبة من عمليات الاغتيال بداية من اغتيال أحمد ماهر رئيس الوزراء فى العهد الملكى أعقبه اغتيال محمود النقراشى وزير الداخلية والقاضى الخازندار، وبعد فشل الجماعة فى امتطاء ثورة 23 يوليو 1952 حاولت اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر فى مارس 1954، ثم نجحت فى اختطاف الشيخ الذهبى وقتله وأعقبت ذلك باغتيال الرئيس أنور السادات فى ذكرى يوم انتصاره فى 6 أكتوبر 1981، وامتطت الجماعة جواد ثورة 25 يناير 2011، ووصلت إلى سُدة الحكم فى مصر لتتخلص من جموع الثوار بقتلهم وإراقة دمائهم على أسوار قصر الاتحادية الذى كان رئيسها محمد مرسى يقبع بداخله، وبعد ثورة 30 يونيو 2013 دأبت الجماعة على القيام بعمليات تستهدف الجيش والشرطة والقضاة والأقباط والمسلمين عقابًا لهم جميعًا على الوقوف فى صف الدولة المصرية.
إن الجماعة أصبحت ماضٍ طمرته الدماء التى أراقتها والأرواح الذى أزهقتها، ماضٍ سوف يطويه النسيان ما دام لدينا قائد وشعب يمضيان بخطى ثابتة وواثقة نحو المستقبل.