قبل أيام قليلة من بدء ولاية ثانية.. أوجه - مجددا- دعوة حق، ونداء صدق، لمن اختارته الأقدار ليقود سفينة مصر وسط عواصف هوجاء تكاد تقتلع ما رسخته القرون والأجيال، وما حملته من أيام حزينة لم تتوقف فيها الجنازات والمآتم لشهداء من الجيش والشرطة والمواطنين العزل على أيدى الإرهابيين وتجار الدين، وبتحريض من مرتزقة السياسة والإعلام!!
واجتهادى هذه المرة لا يختلف كثيرا عما سبق، وإن نشرته قبل أن يبدأ الرئيس السيسى ولايته الأولى، وحسبى فى ذلك أن مناصحة ولاة الأمور وردت فى الشرع الحكيم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الله يرضى لكم ثلاثًا ويسخط لكم ثلاثا، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم، ويسخط لكم قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال».
وتتمثل تلك الاجتهادات فى 10 نقاط، راجيا أن يلتفت إليها بعين القراءة:
1- كن رئيسا لكل المصريين، وعايش الناس أكثر، فهم حراسك الحقيقيون، وارفق بهم وألا تشق عليهم بزيادة جديدة فى الأسعار والضرائب، فقد عانوا عقودًا من الفقر والفساد والإجحاف، واعمل على أن يحافظ المصريون على جذوة الأمل فى أن على هذه الأرض ما يستحق العمل من أجله.
2- احذر بطانة السوء وشلل النفاق وحملة المباخر الملوثة التى تدندن وتطبل وتستشار وتنافق، واختر مستشاريك ومساعديك حسب الخبرة والكفاءة وليس الثقة أو القرابة، واحذر متتبعى الشائعات ومضللى الأفكار، ومثيرى الفتن، حتى لا ينتشر الظلم أو يكون هناك ظالم، ولا تحول قصور الرئاسة إلى سواتر وجدران تفصلك عن شعبك، فتتحول هذه الهموم إلى براكين لا تعرف متى تثور، وتتحول إلى جحيم وغضب، وإذا أراد الله بالمسئول خيرا قيض له بطانة خير إن نسى ذكروه، وإن ذكر أعانوه.
3- افتح أبواب الحوار والتواصل مع جميع القوى السياسية والفكرية والاجتماعية، عدا تجار الدم، وتعامل بلغة الحراك السياسى، فالديمقراطية تتأسس على قواعد دستورية وعلى مؤسسات وأحزاب قوية، لا على شخصيات تتقلب فى سياساتها مثلما تتقلب فى منامها، وفى المعارك - التى أنت أدرى الناس بها - يفتح القائد الفذ منفذا لعدوه للخروج من أجل تقليل الخسائر فى الطرفين.
4- اعط أولوية مطلقة لملفات الصحة والصناعة والتعليم، فالنهضة تبدأ من الاهتمام بالبشر قبل الحجر ورصف الطرق، واعمل على محاربة الجهل والبطالة.
5- أعد بناء الثقة بين الحكومة والشعب، فلن يفلح جهاز أمنى فى ضبط حركة شارع يغلى غضبا وعوزا، أو مجتمع فى حالة سيولة، وفساد مستشر فى كل مناحى الحياة، والميدان لن يستقر طالما بقى فيه فريق واحد، وبقيت الأذرع الخبيثة تطال كل شىء.
6- اجعل ملف النيل فى مقدمة أولويات العمل الدبلوماسى القوى والمبادر أفريقيًا لحفظ حقوق مصر وتأمين حقها العادل فى مياه النيل، والسعى لإقامة اتحاد بين الدول العربية واستعادة كبرياء وشرف مصر إقليميا.
7- حافظ على تراب هذا الوطن، ولا تفرط فى حبة رمل واحدة، فالأرض هى العرض والشرف.
8- حافظ على قربك من الشباب، وامنحهم فرص تقلد المناصب العليا، وحافظ على أخلاق وقيم هذا الشعب، بمواثيق شرف تحدد بدقة الفرق بين الحرية والتحرر، والإبداع والإفساد، وما يستلزم لمحاربة الفتن بدءا من الفن الردىء، ومرورا بالإعلام المفتوح المتآمر وقيادته الحالية الهشة.
9- إياك و«فقدان شرعية الإنجاز»، فشرعية أى رئيس لا تأتى عبر صندوق الانتخابات فقط، بل عبر «شرعية الإنجاز»، وهذه قمة الديمقراطية، ولا تتأثر بجماعات المصالح التى تحاول جذبك إلى توجهات دول أخرى.
10- اقرأ سيرة من سبقوك حتى تتحصن من لعنة السلطان حين يتشبث بالسلطة، ويتمسك بالقرار ويخطئ فى اختيار معاونيه وحاشيته، ويتصور أن الأوطان ملك للسلاطين يعبثون فيها كما شاءوا، واعلم أنها لو دامت لغيرك لما وصلت إليك، ولا تراهن على أنك حاكم أبدى، فاليوم هى لك وغدا عليك، وسيحفظ التاريخ اسمك، متى سننت القوانين التى ستخدم البلد وتسهم فى استقرار وأمن الشعب، وإنى ومعى ملايين محبيك على يقين من نصر الله لك طالما بقيت جنديا مخلصا لبلدك وشعبك.
