يتحدث المقريزى عن تقاليد أحد السعف قائلًا: أما فى أحد الشعانين «السعف»، فالقبط يخرجون من الكنائس حاملين الشموع والمجامر والصلبان خلف كهنتهم، ويسير معهم المسلمون أيضًا ويطوفون الشوارع، وهم يرتلون وكانوا يفعلون هذا أيضًا فى «خميس العهد».
وفى قوانين ابن العسّال قال: «ليُعيّدْ عيد الزيتونة، هذا العيد هو أحد الشعانين، الذى دخل فيه المسيح أورشليم راكبًا على جحش كملك، لأنَّ الجمع الأكثر فرشوا ثيابهم فى الطريق، وَآخَرُونَ قَطَعُوا أَغْصَانًا مِنَ الشَّجَرِ وَفَرَشُوهَا فِى الطَّرِيقِ».
وقد وصفه المقريزى بهذا الاسم إذ قال: فالأعياد الكبار عندهم هى: «البشارة، والزيتونة، والفصح»، وأكد أنَّ عيد الزيتونة هو عيد الشعانين إذ قال: ويُعرف عند المسيحيين بعيد الشعانين، ويكون فى سابع أحد من صومهم «الصوم الكبير»، وسُنّتهم فى عيد الشعانين أن يُخرجوا سعف النخل من الكنيسة.
ويستطرد: يرون أنَّه يوم ركوب المسيح العنو، وهو الحمار فى القدس، ودخوله إلى صهيون وهو راكب والناس بين يديه يُسبّحون، وهو يأمر بالمعروف، ويحث على عمل الخير، وينهى عن المُنكر ويباعد عنه.
ويوضح المقريزى: كان عيد الشعانين من مواسم النصارى بمصر، التى تُزين فيها كنائسهم، فلمَّا كان لعشر خلون من شهر رجب سنة (٣٧٨هـ)، كان عيد الشعانين فمنع الحاكم بأمر الله أبو على منصور بن العزيز بالله، النصارى من تزيين كنائسهم وحملهم الخوص على ما كانت عادتهم، وقبض على عدة ممن وجد معه شيئًا من ذلك، وأمر بالقبض على ما هو محبس على الكنائس من الأملاك وأدخلها فى الديوان، وكتب لسائر الأعمال بذلك، وأُحرقت عدة من صلبانهم على باب الجامع العتيق والشرطة.
وقد اعتادت بعض الكنائس على تقديم «المسرحيات» للأطفال التى تشرح فيها ما يوجد فى الكتاب المقدس عن العيد، فيدخل أحد «الأشخاص» وهو يمتطى حمارًا مثلما فعل «السيد المسيح»، ويستقبلونه بفروع السعف ويلحق به الرجال والنساء والأطفال وهم يرنمون فى جو من التهليل والزغاريد.
ويتزين النساء والأطفال بالأشكال المختلفة المصنوعة من «الخوص» فنجدهم يتزينون بـ «الخواتم وغوايش»، وبعضهم يزين رأسه بـ «تيجان» مصنوعة من النخيل إلى جانب سنابل القمح.
ويتبارى الأقباط فى اقتناء السعف وجدله وتزيينه بالورود ووضع قربان على شكل صليب فيه، كعلامة مبهجة لاستقبال النفس لعريسها الغالب، وبهجة القلب بالملك السماوى مخلص النفوس من الفساد.
وقد جرت العادة أن يحتفظ المسيحيون بالخوص بعد تبريكه فى العيد فى منازلهم، وكثيرون يحتفظون بالسعف المجدول من أحد الشعانين حتى يحل أحد الشعانين التالي، علامة استمرارية الترحيب بالملك فى القلب كما فى الأُسرة داخل البيت.