كثيرًا ما يتردد في مجتمعنا كلمة فاسد، ويتعلق الأمر إما بصاحب منصب أو سلطة، وهناك سياسات تشجع الفساد وتحميه، وتضفي عليه مظلة قانونية باسم "عدم ضرب مناخ الاستثمار"، وكأن الاستثمار يرادف الفساد، وهذا النوع يعرفه الجميع، ولكن هناك نوع آخر فاسد هو من يحاول دائما الزج بأسماء غيره للتشهير بهم، وهو خطير جدًا؛ لأنه دائما ما يظهر بالبراءة أمام الناس، ويتمثل ذلك في قوله تعالى: "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ".
ودائمًا ما يحاول الفاسد حماية نفسه ممن حوله وعدم الوقوع في الخطأ الذي من الممكن أن يؤدي إلى افتضاح أمره وظهور جريمته في حق غيره، ودائمًا ما يقدم الفساد أكباش فداء، واحتياطاتي موضوعة لأسوأ الاحتمالات، فهو تفكير شر يجب أن نبتعد عنه.
والمجرم الفاسد دائمًا ما يترك وراءه أثرا ودليلا على فعلته الشنعاء، يقوم دائمًا المجرم بالالتفاف حول مكان جريمته ليستكشف ويستعلم عنها، وهل علم أحد بها أم لا؟
وللأسف يكون لديه اعتقاد تام وقناعة بداخله أن ما يفعله ليس بجريمة ولكنه في صالحه، وهنا يأتي دور السارق أو المرتشي أو الزاني أيًا كانت جريمته يقوم بعملها إما سرا أو جهرًا إذا كانت سرًا وستره الله يجب أن لا يكرر ذلك الأمر، أما من يجاهر بالمعصية فعقابه من رب العباد شديد.
أما بالنسبة لمن حوله الذين يدركون أنه صاحب الأمر يتكلمون خفية خشية مواجهته أو لأن ذلك سيلحق بهم الضرر، ليس من صاحب الجريمة ولا من أحد ولكنه معتقد راسخ لديهم، والكلمة الأشهر في ذلك الوقت "وأنا مالي اللي يحصل يحصل".
والحقيقة أن المواجهة أصبحت معدومة، وأن كل إنسان الآن يخشى من غيره وليس من ربه، فالعبد لا يقبض روحًا ولا يتحكم في رزق، والنكسة التي نحن بها الآن سببها أشياء كثيرة، أهمها بعدنا عن ديننا، وتناسينا أن الله سبحانه وتعالى يحاسب من كتم كلمة الحق، فالساكت عن الحق شيطان أخرس.
وفي النهاية يجب على الإنسان مواجهة الفاسد الحقيقي، الذي ينشر الشائعات بين الناس، ويبث سمومه حتى يكف عن ذلك، وكل مواجهة مع الفساد تضخ أملا جديدا فى العدالة الاجتماعية الغائبة.