الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

حكاية أيقونة عذراء فلاديمير

 أيقونة عَذراءُ فلاديمير
أيقونة عَذراءُ فلاديمير
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أَيقونَةُ سَيِّدَةِ فلاديمير، تعد من أَشهَرِ الأَيقوناتِ المَعروفَةِ فى الكَنيسةِ الأُرثوذُكسِيَّةِ عامّةً وفى الكَنيسَةِ الرّوسِيَّةِ خاصّةً، وتُعتبر الشاهدة الكبرى لأهم الأحداث فيها، طولها ١٠٤ سم وعرضها ٦٩ سم. بِحسَبِ المراجِع التاريخيّة هى مِنَ القَرنِ الثّانى عَشَر ميلاديّ، حَيثُ قامَ البَطرِيَركُ لوقا القِسطَنطينيُّ بِإِهدائِها إلى أَميرِ مِنطَقَةِ كييف يورى دولجورووكى حوالى سنة ١١٣٠م، ووُضِعَتْ فى دَيرِ مَدينةِ فيشجورود مَكانِ إِقامَةِ الأَميرَةِ أولجا سابقًا.
يُعتبر على الأرجح أن كاتب الأيقونة هو يونانى، لكنّه فى الحقيقة مجهول الهويّة، وهى تنتمى إلى الفن القسطنطينى، ويعود تاريخها كما يُقدّر الاختصاصيّون إلى حوالى أوائل القرن الثانى عشر، وهذا يُفسّر أنّها رُسِمَت قَبل إرسالها إلى روسيا بوقتٍ قليل. وكانَتْ هذه الأيقونة بِمثابَةِ هَدِيَّةٍ لِشَعبٍ اعتَنَقَ المَسيحِيَّةَ جديدًا، وتم الكُشف على الأيقونة فى عام ١٩١٩، تبيّن أنّها خَضعت لعمليات ترميم متتالية باستثناء الوجهين السيدة العذراء والمسيح اللذين بقيا على حالهما، وتظهر العذراء، وهى تميل على المسيح وليس العكس، لأنّها وَعت منذ اللحظة الأولى فى البشارة أن من سيولد منها هو والمخلّص. وفى الليتورجيا الكَنَسِيَّةُ يُقال إن الأَيقونَةِ فى الأَساسِ تنسب للقديس لوقا الإِنجيليُّ، وَتَمَّ نَقلُها مِن أورَشَليمَ إلى القِسطَنطينيَّةِ حوالى عام ٤٥٠م، وفى عام ١١٥٥م قامَ الأميرُ يورى بِإِهداءِ هذه المِنطَقَةِ إلى ابْنِهِ أَندرى، وقد تزامَنَ ذلك مع ذيع شهرة العجائِبِ العَديدةِ، الّتى كانَتْ تَجرى بِشفاعَةِ هذه الأَيقونَةِ بَينَ المُؤمِنينَ. وفى أحد الأيام، شوهدت الأيقونة مرتفعة فى الهواء فى وسط الكنيسة، فأدرك عندها الأمير أندريه أن العذراء مريم تريد مكانًا آخر لأيقونتها، وكان هو أصلًا يُفكّر فى نفسه بأن يتبع المؤمنين إلى شمال روسيا وإنشاء ولاية جديدة هناك.
هكذا كان، أعلن الأمير بدء السفر وأخذ الأيقونة معه، وفى خلال الطريق أثناء الليل، ولدى وصولهم بالقرب من منطقة فلاديمير، توقّفت الخيل التى كانت تجر العربات وآبت أن تتحرك من مكانها، فطلب الأمير القيام بخدمة صلاة مديح وابتهال إلى العذراء، وأمر بإنشاء كنيسة فى المكان نفسه على اسم رقاد السيّدة العذراء.
بعد انتهاء العمل الذى دام حوالى السنتين، وُضعت الأيقونة فى الكنيسة الجديدة، ومنذ ذلك الوقت بدأت تُعرف بأيقونة سيدة فلاديمير، وكان ذلك فى عام ١١٦٠م.
توالت الأحداث ومعجزات الشفاء التى ارتبطت بها، وباتت محجّ إكرام وصلاة لكثير من المؤمنين من علمانيين وكهنة وجنود كانوا يطلبون حمايتها ويكرّمون الأم الحنونة.
نجت الأيقونة من عدة حوادث، المرّة الأولى كانت فى عام ١١٨٥م، حيث خرجت سالمة من حريق أتى بالكليّة على الكاتدرائية، التى كانت موضوعة فيها فى فلاديمير، والثانية فى عام ١٢٣٧م عندما قام باتى قائد جيوش المغول التى احتلت المدينة وخرّبتها وحرقت كنائسها من المساس بها.
لكن فى سنة ١٣٩٥م اضطرت مدينة فلاديمير من التخلّى عن أيقونتها العجائبيّة، عندما اجتاح تيمرلنك روسيّا، وكاد يصل إلى مدينة موسكو، فأرسل الأمير «فاسيلى» وفدًا إلى مدينة فلاديمير يطلب من سكّانها السماح له بنقل الأيقونة إلى موسكو حمايةً للشعب، الذين بدأوا يُقيمون الصلوات والتضرّعات المتواصلة، وبعد مسيرة عشرة أيّام عاد الوفد إلى موسكو حاملًا معه الأيقونة العجائبيّة فاستقبلها المؤمنون، الذين كان ينتظرونها بفارغ الصبر.
سجل لاحقًا حدوث عجائب أخرى حصلت بشفاعتها وتضرّعات المؤمنين، ونجت بالتالى موسكو من هجوم التتار وإحراقهم للمدينة فى عام ١٤٥١م وفى عام ١٤٨٠م وعام ١٥٢١م. وإكرامًا لوالدة الإله وأيقونتها العجائبيّة حدّدت الكنيسة الروسيّة ثلاثة أعياد لهذه الأيقونة، العيد الأوّل فى ٢٦ أغسطس ذكرى انسحاب تيمرلنك، العيد الثانى فى ٢٣ يونيو ذكرى تراجع جيوش التتار، والعيد الثالث ٢١ مايو ذكرى تراجع جيوش الخان وعدم دخولهم موسكو وإحراقها وسبى شعبها كما فعلوا فى مدن أخرى.
تم وضع الأيقونة فى كاتدرائيّة الرقاد فى الكرملين وبقيت هناك حتى بدء الثورة البلشفية فى القرن العشرين، وقد تنعّمت مدينة فلاديمير بزيارتها عندما أمر التسار إبان الحرب بنقلها إلى مدينتها الأم، وكان ذلك فى عام ١٨١٢م، وبقيت هناك حوالى شهرين، حيث كان يحملها المؤمنون فى الشوارع، ويطوفون بها، وهم يرتّلون ويضيئون الشموع.
من ثم عادت مجددًا إلى موسكو، وفى عام ١٩١٩م أمرت السلطات الشيوعيّة بنقلها من المكان إذ كان تجلب الكثير من المؤمنين إليها لتباع بالأسواق السريّة، وحُفِظت فى موسكو فى أحد المتاحف.