الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

الإخوان.. و"الابتلاء"!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في نهاية التسعينيات رفع بعض شباب جماعة الإخوان المسلمين رسالة للمرشد العام.. على خلفية اعتقال نظام مبارك لبعض قيادات الجماعة، وهو الأمر الذي كان يتكرر بشكل دوري عندما يتصاعد التوتر بين الجماعة والنظام، وطالب الشباب بالكف عن نهج “,”الابتلاء“,”.. الذي تتبعه قيادة الجماعة، ويتسبب في حملات اعتقالات دورية تطول مجموعة “,”خِيرَة“,” رجال الإخوان، خاصة من جيل الوسط وشباب الجماعة، وهو أمر ضرره أكثر بكثير من أي فائدة أو نفع، برأي رسالة الشباب.
فما هو “,”نهج الابتلاء“,”؟، وما هو رد المرشد على تلك الرسالة؟
“,”نهج الابتلاء“,”.. يُقصد به الصعاب والمحن التي تتعرض لها جماعة الإخوان، مِن سجون واعتقال وتشريد.. إلخ، وخرج من معطف هذا النهج.. تعبير “,”جيل الابتلاء“,”.. ذلك المصطلح الذي أُطلق على قيادات الإخوان الذين تم اعتقالهم وسجنهم عقب حادثة المنشية (محاولة اغتيال عبد الناصر 1954)، وظلوا رهن السجون والمعتقلات والتشرد خارج مصر حتى تمت المصالحة بين الإخوان والسادات في النصف الأول من السبعينيات، واللافت للنظر- في هذا السياق- أن أغلب قيادات جيل الابتلاء من صقور الجماعة أو القطبيين، وقد حرصت قيادات هذا الجيل “,”المبتلى“,”.. على الترابط والتواصل والتعاضد على المستوى الإنساني، والاستعانة والتفضيل والتذكية في المناصب الإدارية والقيادية داخل صفوف الجماعة (باعتبارهم أهل الثقة)، وذاع وانتشر القول “,”يا أخي.. هذا الأخ يكفيه أنه تعرض للابتلاء.. وصبر عليه“,”.
وذلك عندما يعترض أو يسأل أو يستنكر البعض من داخل الصف الإخواني اختيار أخ بعينه لمنصب أو حصوله على وضع متميز (ماديًّا أو معنويًّا).. وهو ليس الأكفأ أو الأجدر أو الأصلح لذلك المنصب.
وبعد هذا المرور السريع على “,”مفهوم الابتلاء“,”.. نعود لرد فضيلة المرشد على رسالة الشباب التي أشرنا إليها في مفتتح كلامنا.
قال: (وقد كان المرشد السادس محمد مأمون الهضيبي، المتوفى في يناير 2004): إن الابتلاء هو سر بقاء وصمود الإخوان المسلمين لأكثر من 75 عامًا، فالابتلاء يجلب لنا أمرين: التماسك والترابط بين النواه (القيادة) ومحيطها (الأعضاء)، والأمر الثاني يخلق حالة من “,”التعاطف“,” والمؤازرة من الرأي العام وعموم الناس؛ لأن الظلم أو الغبن أو التجني يقع علينا (ابتلاء)، وطالب المرشد الشباب بحمد الله على هذا “,”البلاء“,”.. أي مباركة سياسة القيادة.. التي يوفر لها “,”الابتلاء“,” مناخًا مثاليًّا للسرية، وتقليص مساحة الديمقراطية الداخلية، وستر “,”موارد“,” ومالية الجماعة، وسيادة مفاهيم السمع والطاعة (ولا تجادل يا أخي).
وبالفعل.. مارست جماعة الإخوان ولعقود طويلة لعبة “,”الضحية“,”.. حتى أدمنتها، وتملك منها تمامًا شعور “,”الاضطهاد“,”- الظهور في ثوب المضطهد في الحقيقة- المُحَارب في دينه.. المُتَعرِّض لمؤامرة لتشويه صورته ورسالته السامية.. بالفعل نجح الإخوان في تمرير وتسويق هذه الصورة “,”الذهنية“,” عنهم، وقَبِل بها وصدقها قطاع لا يُستهان به من الرأى العام.
وتأتي ثورة 25 يناير 2011، وسبحان مغير الأحوال، وها هي جماعة الإخوان في “,”سدَّة الحكم“,”.. رئاسة.. وزارة.. دستور.. تشريع.. محافظون وإعلام.. الإخوان يحكمون مصر.. ويسرعون الخطوات في طريق مخطط “,”التمكين“,”- أي الهيمنة المطلقة على كل مقدرات الوطن والمواطنين- ومع كل ذلك.. ما زال يحلو لهم أن يظهروا بثوب المضطهدين المظلومين وتتكرر ذات “,”الأسطوانة المشروخة“,” المؤامرات.. التشوية.. الحرب علينا.. حتى يبدو أحيانًا وكأن “,”الجماعة“,” تنسى أنها تحكم وتتحكم!!
إنها ساعة الحقيقة.. عاشت الجماعة عقودًا في ثوب المضطهد.. الذي لم يحصل على فرصة ليثبت صحة أفكاره وسياسته ومنهجه.. وتحكمت القيادة (المرشد ومكتب إرشاده) في كل مقاليد الجماعة، بل ومصائر أعضائها (وفق نهج الابتلاء)، وها هي وقد “,”تفيأت“,”-أي تقلدت أمور البلاد- تكتشف قبل غيرها أن مصر كبيرة على الإخوان، وأن مشروع النهضة محض وهم.. إنها الحقيقة بكل جلاء ووضوح، وقد اكتشفها شعب مصر.. بل وجماعة الإخوان ذاتها.. أن ما كان نافعًا ومفيدًا وجالبًا للمغانم والمكاسب للإخوان بالخروج على الناس- الرأي العام- برداء المبتلى “,”المضطهد“,” لم يعد مجديًا.. ولا مقنعًا.. ولا صالحًا.. لقد انتهت فترة صلاحيته.
وعلى الإخوان أن يواجهوا ساعة الحقيقة.. فهل هم مدركون؟!