تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
حق التصويت ببطاقة الرقم القومى والذى حصلنا عليه بشق الأنفس بعد نضال طويل فى مواجهة أنظمة سياسية مختلفة، ليس مكسبًا بسيطًا لكى يقف بعضنا اليوم متنازلًا عنه تحت دعاوى مختلفة، المشاركة فى عملية التصويت بالانتخابات ليست ترفًا فهى واحدة من أوراق ملكيتك لهذا الوطن، هذه الحقيقة المجردة يعرفها جيدًا المواطن البسيط فى عمق الريف وفى أقاصى الصعيد، لذلك نرى أيام الانتخابات هناك تقترب من الأعياد ومن المناسبات الرئيسية التى يحتشد فيها الناس للمشاركة.
ليس هذا فقط ولكن من متابعتى للانتخابات فى مواقع مختلفة بمصر سواء كانت انتخابات برلمانية أو رئاسية أو حتى انتخابات للمجالس المحلية، كان الناخبون لا ينتهى دورهم عند التصويت فقط، ولكن متابعتهم كانت تتواصل حتى الفرز وإعلان النتائج وبعدها تتوالى الاحتفالات لمن فاز ويراجع الخاسر حساباته، أكتب هذا ليعرف فريق دعاة المقاطعة أنهم يفرضون على أنفسهم القطيعة مع محيطهم الخارجي، وأن خسارتهم السياسية من مثل تلك الدعاوى كبيرة.
أوراق التصويت داخل الصناديق معروفة إما صحيحة باختيار مرشح ما، أو باطلة إذا لم تجد مرشحك الذى يمثل بالنسبة لك الحد الأدنى من طموحك، والورقتان الصحيحة والباطلة، هما دليل عافية وإثبات لوجهة نظر أصحابها، أما الوقوف متفرجًا حول أسوار اللجان بلا حول ولا قوة فهى الهزيمة المبكرة التى تكتبها لنفسك بنفسك.
نعم تلتفت أنظار العالم إلى بلادنا هذه الأيام، تلتفت لتراقب وتكتب عن المصريين وتكتب أيضًا عن حصاد السنوات الطويلة، ومدى الوعى لدى المواطن بأهمية المشاركة لانتزاع الحقوق، والمؤكد أن تلك المتابعة والمراقبة لم تنقطع عن مصر منذ سنوات بل زاد التركيز علينا منذ بروز الثعالب الإرهابية فى سيناء وغيرها، وكمصريين نفتخر بالأداء المتفوق للجندى فى تلك المواجهة الحاسمة والشاملة فى الميدان، وسيزداد ذلك الفخر عندما نرى المواطن المصرى متمسكًا بحقوقه داخل اللجان الانتخابية.
رأينا قبل أيام الرسائل البليغة التى وجهها المصريون بالخارج عندما أحاطوا سفارات مصر فى مختلف أرجاء العالم ليعلنوا أن الدولة المصرية التى علمت الدنيا الحضارة تأسست لتبقى عصية على الانقسام، هذه الرسائل سوف تزيد من بلاغتها فى الأيام القليلة المقبلة، وهى عن شعب مُتحضر يتجه نحو صندوق الاقتراع ليختار من يريد، الصندوق هو الوسيلة الوحيدة التى اتفقت عليها الأمم للتغيير، وهنا تكمن المفارقة أن قطاعًا نخبويًا صدع رءوسنا سنوات طويلة بأهمية الديمقراطية وضرورة الانتخابات، ذلك القطاع يتراجع عما ردده سنوات، لا لسبب ولكن لأن نتائج الصندوق تأتى على غير هواه.
العمل السياسى هو تحرك يومى على الأرض، هو تراكم وتنظيم وحشد وكوادر، عندما تتجاهل تلك البديهيات يصبح من الواجب عليك أن تبحث عن نشاط آخر غير السياسة لتعمل فيه ربما تلامس النجاح هناك.
بوضوح وبساطة نقول إن الاختباء خلف كيبورد اللاب توب لا يصنع أى تغيير، وأن الكلمات الكبيرة لا قيمة لها إذا لم تصنع لها واقعًا نضاليًا كبيرًا، فالدروس التى يكتسبها السياسى من نجاحه وإخفاقه هى حيويته وإثبات وجوده فى الواقع، والمبررات التى يسوقها البعض لكى يبرر تراجعه ليست كافية، لذلك نستطيع القول بأن المجد للمواطن البسيط الذى يعرف بفطرته النقية متى يتحرك وماذا يقول؟