تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
تستهدف مصر والمنطقة العربية عديدٌ من وسائل الإعلام الأجنبية، ففى الصحافة نجد مجلة «نيوزويك» الأمريكية، وصحيفة «لوموند ديبلوماتيك» الفرنسية، وصحيفة «الشعب» الصينية، ومجلة «هاى» الأمريكية، علاوة على مواقع إخبارية منها «بى بى سى آربيك» البريطانية، و«آرابيك سى إن إن» الأمريكية، و«هافنجتون بوست» الأمريكية، وغيرها. ومن الفضائيات الموجهة لنا باللغة العربية نجد قناة «العالم» الإيرانية، و«القناة الفضائية الإسرائيلية» الناطقة بالعربية، وقناة «الحرة» الأمريكية، وقناة «دويتشه فيلة» الألمانية، وقناة «فرنسا ٢٤»، وقناة «روسيا اليوم»، وقناة «بى بى سى» البريطانية، وقناة «يورونيوز» الإخبارية، وقناة «الصين الدولية»، وقناة «كوريا الجنوبية»، وقناة «تى آر تى» التركية، هذا علاوة على عدد من الإذاعات الموجهة من أبرزها «بى بى سى» البريطانية، و«صوت أمريكا»، وإذاعة «إسرائيل».
ويُعَدُ الإعلام الدولى إحدى الوسائل الفعالة لتنفيذ السياسة الخارجية للدول، بما يجعل له عديدًا من الوظائف التى يهدف إلى القيام بها، والتى يمكن إجمالها فى التأثير فى الرأى العام وتوجيهه بشكل معين إزاء بعض القضايا، ونقل ثقافة الدول الأجنبية وتمريرها إلى النشء والشباب للتأثير على نمط حياتهم، وتقديم وجهة نظر الدولة القائمة على الوسيلة وتفسيرها تجاه القضايا والأحداث المختلفة على الساحة الدولية، والتقريب بين وجهات النظر المختلفة، والسعى من أجل زيادة وتعزيز التفاهم والوفاق الدوليين، والتأثير فى العقول والنفوس والأذواق، والتحكم فى الوعى العام لدى المجتمعات العربية، والترويج بمعانيه المتعددة، كالترويج للأفكار وتعميمها والإقناع بها، والدعاية للإنتاج المادى وتعميمه وجعله مقبولًا فى الاستهلاك، خصوصا أننا نعيش فى مرحلة تتسم بطفرة فى الإنتاج والاستهلاك.
ويمكن رصد أهم الآثار الإيجابية لوسائل الإعلام الأجنبية الناطقة باللغة العربية فى أن الأخبار أصبحت متداولة فى أغلب وسائل الإعلام خلال اللحظة ذاتها، وبهذا أصبح المرء يعيش الحدث فى مراحله المختلفة لحظةً بلحظة، وإمكانية نشر الوعى فى شتى المجالات، وإتاحة الفرصة أمام الجمهور لاختيارات كثيرة ومتنوعة فى المضامين الإعلامية، وإطلاع الجمهور على أنماط ثقافة الشعوب والتعرف على درجة التقدم والرُقى الذى تحقق لدى بعض الدول فى المجالات المختلفة، وهو ما يسمى «التفتح السمح»، حيث إن التعرف على أنماط تفكير وطرق حياة إيجابية لشعوب أخرى متقدمة فكريًا وحضريًا يؤدى إلى تحفيز المجتمع للتطوير ذاته.
أما عن أبرز الآثار السلبية التى يمكن رصدها فيما يرتبط بوسائل الإعلام الأجنبية الناطقة باللغة العربية، فتتمثل فى تجاوز البث الإعلامى لوسائل الإعلام الدولية الناطقة بالعربية من حيث الكم والتغطية الجغرافية ما يُقدم عبر وسائل الإعلام المحلية، بحكم استخدامه أساليب جذب وإبهار سواء فى الشكل - نظرًا لاستخدامه الوسائل التكنولوجية المتطورة - أو فى المضمون لاعتماده على أفكار جديدة، ويزيد الأمر سوءًا ضعف التنسيق بين وسائل الإعلام العربية فيما تقدمه من مضامين، مما يؤدى إلى تشابه ما تقدمه، ولهذا فإنه تجب زيادة التبادل الإعلامى مع زيادة التسهيلات المادية فى هذا المجال، كما تؤثر المضامين التى تقدمها وسائل الإعلام الأجنبية الناطقة بالعربية على زيادة الاتجاهات نحو الاستهلاك وانتشار نمط الحياة الاستهلاكية الذى لا يتلاءم مع إمكانات الدول النامية، علاوة على طغيان قيم وعادات مجتمعات تختلف بشكل كبير عن المجتمعات العربية التى تستقبل هذه المضامين الإعلامية، مما يؤثر على مفاهيم الهوية والقومية والسيادة الوطنية.
كما تتضمن بعض المحتويات الإعلامية لهذه الوسائل الإعلامية حملات تشويه للثقافة العربية والإسلامية ورموزها، حيث يتعمد الإعلام الغربى تقديم صورة للعرب والمسلمين تجمع بين الضعف والتخلف والإرهاب والتطرف، بما قد يؤدى إلى إشاعة روح الانهزامية واليأس واللامبالاة وتسطيح الوعى، وهو ما يمثل تحديًا فكريًا وحضاريًا. وقد تؤدى وسائل الإعلام الأجنبية الناطقة بالعربية إلى الانشغال عن وسائل الإعلام الوطنية من ناحية والانصراف عن الواقع المحلى ومشكلاته من ناحية أخرى، مما يؤدى إلى تغييب الوعى، وقد تجعل هذه الوسائل الإعلامية أفراد الجمهور منشغلين بأخبار الحروب والكوارث، على الرغم من أنهم غير معنيين بكثير منها، كما أن متابعة وسائل الإعلام الأجنبية الناطقة بالعربية باستمرار وبكثافة قد يؤدى إلى توسيع الفجوة بين الأجيال، مما يؤدى إلى تقويض أركان التماسك الاجتماعى وإضعاف الانتماء للوطن لدى الأجيال صغيرة السن.
وإذا استعرضنا طبيعة الإعلام الأجنبى الموجه باللغة العربية وأبرز وسائله وقنواته، يمكننا الوقوف على بعض النقاط المحورية منها أن أغلب وسائل الإعلام الموجهة للعالم العربى تركز على المادة الإخبارية وتقوم عليها بشكلٍ أساسى، بما يشير إلى قناعة الدول المالكة لهذه الوسائل بدورها المهم فى تشكيل الرأى العام العربى، واهتمام عديدٍ من هذه الوسائل الإعلامية بالتوجه لفئة الشباب العربى بشكل خاص، انطلاقًا من اتسام فترة الشباب بظاهرة الرفض للأنساق والأوضاع القائمة والسائدة فى مجتمعاتهم، لذا فهم الأكثر استعدادًا لتقبل الثقافة والقيم الأجنبية فى ظل تطلعات فئة غير قليلة منهم للسفر خارج العالم العربى.
وتسعى هذه الوسائل إلى تقديم صورة إيجابية عن دولة المصدر باعتباره هدفًا رئيسًا تسعى إليه القوى الكبرى كافة، فصورة الدولة لدى الجماهير فى الخارج تساعد فى تحديد مكانة هذه الدولة فى المجتمع الدولى، وقد تبين أن الإعلام الدولى الموجه للمنطقة العربية هدفه الأساسى التحكم فى العقل العربى، خاصةً مع ظهور هاجس الإرهاب الذى يسيطر على الغرب وخوفهم من الإسلام وانتشاره بهذه الصورة الكبيرة حتى فى بلادهم. وانطلاقًا من تعدد الوسائل الإعلامية الأجنبية الموجهة للجمهور العربى، يتضح جليًا تهافت الدول الكبرى على الجمهور العربى، وهو ما يأتى فى ظل وعى هذه الدول بأهمية المنطقة العربية والشرق الأوسط كنقطة محورية صانعة للأحداث ومؤثرة عليها، وهو ما يدفع هذه الدول إلى خلق حوار مع العرب عبر وسائل إعلامية ناطقة بلغة تلائم الجمهور المستهدف.
ويمكن حصر أهم الأسباب التى دفعت بعض الدول الأجنبية للاهتمام بتوجيه وسائل إعلام لمخاطبة شعوب المنطقة العربية فى رغبة الإعلام الدولى فى إضافة اللغة العربية إلى قائمة اللغات التى تستخدمها فى البث خارج الحدود، وأهمية المنطقة العربية بالنسبة لمصالح الدول الكبرى، والعلاقات الخاصة التى تربط بين بعض الدول العربية والدول الاستعمارية الكبرى منذ زمن بعيد واستمرار هذه العلاقات حتى بعد الاستقلال، والأزمات السياسية والعسكرية التى تشهدها المنطقة العربية لا سيما بعد قيام إسرائيل، وأهمية المنطقة العربية كقوة شرائية ضخمة وكسوق مستهلكة لمنتجات وبضائع الدول الصناعية الكبرى.