يبذل العراق جهدا، في محو الأفكار التي غرسها تنظيم "داعش" الإرهابي في أطفال عناصره من تفخيخ وذبح وعدم مخالطة مع الفتيات، بتعليمهم الود واللعب بالدمى والألوان التي طالما منعها التنظيم في مناطق سيطرته قبل تقهقره واندحاره منها.
ونشرت وكالة "سبوتنيك" الروسية إحصائية رسمية بعدد أطفال عناصر وزوجات تنظيم "داعش" الإرهابي، الذين أجلتهم القوات الأمنية وأنقذتهم من الموت أثناء عمليات تحرير محافظات الأنبار، وصلاح الدين، وأجزاء من كركوك، ونينوى، شمالي وغربي البلاد، على مدى الأعوام الثلاثة الماضية.
وتبين الإحصائية التي كشف تفاصيلها عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، علي البياتي، اليوم الإثنين، 19 مارس، أن عدد أطفال تنظيم "داعش"، الأجانب، المتواجدين في مراكز إيواء خصصت لهم من قبل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، بلغ حتى الآن 1127 طفلا — ذكورا وإناثا.
الصغار
وحسب الإحصائية، عدد البياتي، الفئات العمرية للأطفال وهي: عدد أطفال "داعش"، في مراكز وزارة العمل، بعمر أقل من 3 سنوات، بلغ 514 طفلا، والفئة العمرية ما بين 3-9 سنوات، ضمت 46 طفلا.
وتضمنت الفئتان العمريتان، عدد إناث بلغ 208، و252 ذكرا.
الأحداث
وأكمل البياتي، أن عدد أطفال تنظيم "داعش"، المصنفين في خانة "الأحداث" من عمر التاسعة وحتى سن الرشد 18 سنة، يبلغ 153 حدثا أغلبهم فتيات وعددهن 94 أنثى، والباقي 59 ذكرا.
جنسياتهم
هؤلاء الأطفال، من جنسيات أجنبية مختلفة، ذكرها البياتي لنا، وهي: "تركية، أذربيجانية، روسية، طاجكستانية، قيرغستانية، وأوزبكستانية، ومغربية، وأوكرانية، وإيرانية، وجزائرية، وألمانية، وفرنسية، ومن أمريكا الجنوبية".
تأهيلهم
يقول البياتي، إن "الأطفال تم تسليمهم إلى مراكز إيواء تابعة لوزارة العمل، وكدولة يتم العامل معهم كضحايا لعصابات "داعش" الإرهابي، ولا بد من إزالة فكر وسلوك العنف والإرهاب الذي تم زرعه في نفوس وعقول هؤلاء الأطفال".
وأكمل، كمفوضية لحقوق الإنسان، لدينا دور رقابي على كل هذه المؤسسات لكي تكون مؤهلة إنسانيا وتتعامل وفق المعايير الدولية مع الأطفال. وأكد البياتي، معلومات حصلنا عليها من مصدر عراقي، تفيد بأن منظمة اليونسيف تتابع وضع "أطفال "داعش"، وتوفير مستلزماتهم، مبينا أن لليونيسف باعتبارهم الوكالة الدولية التابعة للأمم المتحدة المختصة بالأطفال بالتأكيد لهم اهتمام بهذا الموضوع من الجانب الإنساني.
ولفت البياتي، موضحا، لكون الكثير من الدول لديها أطفال من "داعش"، لأب أو أم يحملون جنسياتهم فهو يتحركون عن طريق هذه المنظمات الإنسانية "في إشارة إلى اليونسيف"، لضمان سلامتهم وتوفير الظروف الإنسانية اللازمة أو التنسيق من أجل استلامهم.
تشكيل لجنة
وأعلن البياتي، عن لجنة برئاسة الوكيل الأقدم لوزير العمل، ومدير عام الأحداث، ومدير عام من الصحة، تشكلت لإدارة ملف "هؤلاء الأطفال" بشكل عام لكون الموضوع يتعلق بأطفال وأحداث وهم بحاجة إلى رعاية خاصة، وسيتم تسليمهم إلى وزارة العمل لأنها تشرف على رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة ودار إصلاح الأحداث التي سيتم إيواء الأطفال فيها وإعادة تأهيليهم ورعايتهم.
شروط
وألمح البياتي، إلى أن شرط العراق في تسليم أطفال "داعش" إلى دولهم، هو إجراء فحوصات الـ(DNA)، لهم وبمطابقة الفحص الجيني للأطفال مع أهاليهم لإثبات نسبهم في حال رغبت الدول باستلامهم.
وأشار عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، بختام حديثه، إلى أن هناك بلدان طلبت من الدولة العراقية إجراء فحص الـ(DNA)، وحصل ذلك، وبعد اكتمال الإجراءات، وتم وتسليمها مواطنيها والأطفال المنحدرين من تنظيم "داعش".
وقال مصدر عراقي من المعنيين بملف "أطفال" "داعش"، تحفظ الكشف عن أسمه، أن عدد من الأطفال الصغار دون سن الثالثة، مع أمهاتهم في السجون التي خصصت لهن في بغداد، وغيرهم بأعمارهم دون أم تمت إحالتهم إلى مراكز الإيواء التابعة لوزارة العمل، مع الفئة العمرية من 3 إلى 9 سنوات.
وأكمل المصدر، أما الفئة العمرية من 11 سنة فما فوق إلى سن الرشد، يتم التحقيق معهم، باعتبارهم أحداث، لأنه قد يكونون متورطين بعمليات إرهابية، ومن لا يثبت عليه شيء تعيده الدولة إلى بلده بعد التأكد من الفحوصات اللازمة.
انتشال الأطفال
في تاريخ 13 سبتمبر العام الماضي، كشف عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان، علي البياتي، في تصريح لمراسلتنا، الأطفال الذين عثر عليهم من قبل الجيش العراقي وباقي قطعات الأجهزة الأمنية، بعد عمليات تحرير الموصل، أثناء تطهير المناطق المحررة، يبلغ عددهم (14) طفلاً، أعلى فئة عمرية منهم هي (10) سنوات وأقل فئة بعمر شهرين فقط.
وأوضح، عشرة أطفال منهم، هم أجانب أبناء "دواعش"، والأربعة الآخرين الذين أنقذتهم القوات هم من الأقلية الايزيدية، من المختطفين الذين أقتادهم التنظيم مع أمهاتهم يوم سباهن من مناطق سنجار وقرى المكون في غرب الموصل "في مطلع أغسطس 2014".
وبعد انتشالهم، تم إيداع الأطفال جميعاً في دار للأيتام خصص لهم، على شكل مجموعات بفاصل زمني يبلغ حوالي عشرة أيام يفصل مابين استلام كل وجبة منهم من قبل القوات الأمنية وإيصالها إلى الدار المذكور، حيث نود أن نبين الآتي:
المجموعة الأولى من الأطفال، استلمها الدار من القوات العراقية، في تاريخ 13 يوليو العام الماضي، أي بعد انتهاء تحرير الساحل الأيمن وإعلانه محرر من التنظيم الإرهابي، في العاشر من الشهر نفسه.
وضمت هذه المجموعة "الأولى"، أربعة أطفال، ذكر وثلاثة إناث، وهم أجانب، من أبناء عناصر "داعش" الإرهابي.
والمجموعة الثانية، كانت تضم أربعة أطفال (2 ذكور و2 إناث) وهم أجانب أيضاً، تم إيداعهم في الدار الذي نتحفظ عن ذكر أسمه ومكانه بالتحديد لأسباب أمنية، بتاريخ 23 يوليو الماضي.
والمجموعة الثالثة والأخيرة التي يستلمها الدار من القوات العراقية، من الموصل، كانت تضم ستة أطفال (3 ذكور و3 إناث)، أربعة منهم أطفال ايزيديين.
واحتوت المجموعة الأخيرة، طفلة تعرضت لإصابة في قدمها، وطفل معوق منذ الولادة مصاب بـ(ورم مع ضمور بالدماغ).
عندما استلم الأطفال، كان أغلبهم مصابون بمرض "الجرب"، وتم علاجهم والعناية بهم بشكل خاص من قبل إدارة الدار، حسبما أكد البياتي، منوها إلى أن معظمهم كانوا تحت الأنقاض.
وبعد سحبهم من تحت الأنقاض تم تحويلهم رسمياً عن طريق مركز شرطة حمام العليل في جنوب الموصل، شمالي العاصمة بغداد.
فريق الرصد لاحظ أن معظم هؤلاء الأطفال (الأجانب) لا يتكلمون اللغة العربية، في حين هناك طفل أفاد بكونه من أب فرنسي وأم سورية يُدعى إبراهيم نسيم يبلغ من العمر 10 سنوات يتكلم العربية بطلاقة.
وعلى الرغم من كون الدار في بغداد تستقبل الأطفال من الفئات العمرية (يوم واحد — 6 سنوات)، إلا أنه كان من الضروري إيداع الطفل "إبراهيم" في هذا الدار خوفا وحفاظا عليه من الفئات العمرية الأكبر.
اللافت ذكره، أن القوات العراقية اقتلعت وجود تنظيم "داعش" الإرهابي، أواخر العام الماضي، من كامل مدن العراق، غربا وشمالا، بداية من الأنبار التي تشكل وحدها ثلث مساحة البلاد، وصولا إلى نينوى وكركوك وقبلهما صلاح الدين، شمالي بغداد.