تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
أغلقت صناديق تصويت المصريين بالخارج، مساء اليوم، بعد ثلاثة أيام حافلة بالهتاف والغناء والسياسة، الانتخابات الرئاسية التى تبدو محسومة نتائجها لصالح الرئيس عبدالفتاح السيسي، لم تكن مجرد نزهة انتخابية، كانت استفتاء عامًا عن شكل مصر الجديدة التى يريدها المصريون، كانت موقفًا واضحًا ومحددًا ضد الإرهاب والتكفيريين فى سيناء وخارجها، الانتخابات التى استمرت ثلاثة أيام فى عواصم الدنيا كانت رسالة محبة وجهها المصريون للشهداء، كان اسم خالد مغربى دبابة أحمد منسى الأسطورة وشبراوى وحسانين العرسان يسبق اسم المرشح للفوز الرئيس عبدالفتاح السيسي.
رأينا فى عواصم الخليج أمهاتنا العجائز وأطفالنا المشرقين، رأيت شبابًا وشابات زى الورد، رأيت المحبة والوطنية والانضباط، وهو ما يعنى أن قصة الأيام الثلاثة هى مجرد فصل من فصول الإصرار على مواصلة رحلة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ تلك الرحلة التى بدأت وما زالت تواصل رسالتها، رسالة إعادة البناء الشامل والتجديد، رسالة نفض التراب عن جسد الوطن الذى أرهقه سنوات الصمت والتجاهل والفساد والتآمر، لذلك لم يكن غريبًا على المصريين، الذين زحفوا إلى السفارات فى الخليج بالذات أن يتجاوزوا فكرة المرشح الفرد وأن تغيب بشكل نسبى صورة الدعاية الانتخابية للمرشح الأوفر حظًا عبدالفتاح السيسى واستبدال تلك تلك الصورة الدعائية بالعلم المصري، هكذا تحرك المصريون دون توجيه أو ضغط من أحد.
العجيب فى الأمر هو أن ذلك الزلزال التصويتى لم يصدم المتربصين فى فنادق تركيا والدوحة وحدهم، ولكن جاءتنا الشتائم من الداخل المصرى على كل شكل ولون، الشتائم التى كتبها ناس من النخبة السياسية الداخل قالت باحتقار شديد للمصريين بالخارج، إنهم تحركوا باعتبارهم مستفيدين من نظام الحكم القائم بمصر وأن الدولة العميقة لها تأثير عليهم كمغتربين وأن وأن، عشرات الصفات السيئة كتبها أفراد كنت أحسبهم يحترمون اختيارت الناس، ولما اختار الناس عكس رغبات هؤلاء، تم عقابهم بالسباب والشتيمة والاتهامات.
عندى عشرات الردود المنطقية على كل ما كتبه من أسميتهم بـ«النخبجية»، ولكننى لا أريد أن أفسد جمال الخروج الكبير الذى نفذه المصريون بالخارج ليعلنوا للعالم أن مصر تمشى ثابتة على الطريق، وأنها ترى المستقبل مضيئًا ولائقًا باسمها التاريخي، لا أريد أن أفسد بهجة الأطفال المغتربين، الذين أمسكوا بيد أمهاتهم فى طابور التصويت ملوحين بالعلم المصريين صارخين بصوتهم الرقيق العذب «تحيا مصر».
قد نجلس يومًا للعتاب والدردشة، أما الآن فلا بد أن نحتفى بالمعدن المصرى الأصيل الذى يظهر فى وقت الأزمة، معدن ينتفض مثل المارد فى وجه من أراد تقزيم اسم مصر أو النيل من واقعها ومستقبلها.
ما شهدته سفارات مصر بالخارج ليس إلا بروفة صغيرة لما سيكون عليه المشهد لحظة التصويت بالداخل، فليستعد الجميع للفرح، الموضوع لا يتعلق باسم المرشح الأبرز عبدالفتاح السيسى، ولكنه يتعلق بالتصويت على مشروع بدأ منذ أربع سنوات، هو مشروع البناء والعمل والكرامة، مشروع يتجه نحو العدالة والتنمية المستقلة المعتمدة على الذات، ذلك المشروع الذى تبلور على الأرض فى عشرات المواقع هو ما يخرج المصريون من أجله الآن، يخرجون لحمايته ودعمه وتطويره.
ستنتهى الانتخابات، ونبدأ فى سنوات أربع جديدة، نعمل فيهم من أجل بناء مصر التى نريدها، سن محراث يقلب التربة التى اقتربت من العفن يومًا ما، نريدها حرة عادلة مستقلة ونريد الكثير والكثير ليس أوله دحر الإرهاب وليس آخره رفاهية المواطن، هى خطوات صعبة فى واقع عالمى مرتبك، ولكن العبقرى المصرى الذى علم العالم فنون الزراعة والاستقرار قادر على كتابة رسائل جديدة فليستعد الجميع لقراءتها.