تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
«أدونيس» الأسطورة هو معشوق الآلهة «أفروديت»، الذى يجسد الربيع والإخصاب فى الثقافة اليونانية القديمة، أما «أدونيس» اللقب، فهو الشاعر السورى «على أحمد سعيد»، صاحب التراث الأدبى والفكرى العظيم، وأكثر شعراء العرب إثارة للجدل؛ لأنه شاعر، ناقد لاذع، فيلسوف، باحث!
وُلِدَ «أدونيس» أول يناير ١٩٣٠، بقرية فقيرة فى «اللاذقية»، بيوتها عبارة عن أكواخ من الحجارة والطين! راودته رُؤى دخول المدرسة فى عمر ١٣ عامًا، فرسم الطريق نحو حُلْمَه، حين قرر أن يكتب قصيدة، يلقيها أمام رئيس الجمهورية أثناء زيارته منطقته، وستعجبه، وسيطلب أن يراه، ثم يسأله عما يتمنى، وسيجيبه: أريد أن أتعلم، وستتحقق إرادته، وهذا ما حدث بالفعل!
تغيَّر مسار حياته بعد أسبوعين، عندما أبلغه رجال الشرطة العسكرية أنه مطلوب؛ لكى يذهب إلى «طرطوس»، ويدخل المدرسة «العلمانية الفرنسية»، وتعلَّم على نفقة الدولة، وتفوَّق فى كل مراحل دراسته، حتى تخرج فى جامعة «دمشق» بقسم «الفلسفة» عام ١٩٥٤، ثم عمل أستاذًا بها.
تكررت دعوته من عام ١٩٨١ أستاذا زائرا فى جامعات ومراكز البحث فى فرنسا وسويسرا والولايات المتحدة وألمانيا، ثم نال عدة جوائز عربية ودولية فى مجال الإبداع الشعرى، ورشح لجائزة «نوبل» عام ٢٠٠٧، وتُرجِمت أعماله إلى ١٣ لغة.
يَحْكى عن اللقب الذى اشْتُهِر به: «وَقَعَتْ فى يدى مصادفةً مجلة أسبوعية، قرأت فيها مقال عن أسطورة «أدونيس»، الذى يُبْعث كل سنة فى الربيع، وهو شاب وسيم، أحبته الآلهة «عشتار»، وقَتَله الخنزيرُ البرى، فاستَعرْت الاسم، أُوَقِّع به!
شَبَّه الصحف والمجلات التى لا تَنشُر له بالخنزير البرى، وكتب نصًا شعريًا، وَقَّعه «أدونيس»، وأرسله إلى جريدة لم تكن تَنشُر له، ففوجئ بنشره! فأرسل نصًا ثانيًا، فنشرته على الصفحة الأولى مع إشارة: المرجو من «أدونيس» أن يحضر إلى مكاتب الجريدة لأمر يُهِمُّه!
ذهب إلى الجريدة، وقابل رئيس التحرير، الذى بدا عليه أنه غير مصدق أنه «أدونيس»، فقد كان ينتظر رجلًا، لكنه رأى قرويًا وتلميذًا بسيطًا وفقيرًا! ومنذ ذلك الحين كان اسم «أدونيس» غالبًا عليه.
يقول: أعتز بهذا اللقب؛ لأنه حررنى من قيود هُويتى المحدودة، جعلنى أنخرط فى هُوية «كونية» لا حدود لها! إن تغيير «اسم إسلامى» بآخر «لا علاقة له بالإسلام»، حررنى من تراث جامد، أكسبنى حرية أوسع، منحنى القدرة على إدراج «التراث العربى» فى حركة «الثقافة العالمية».
أحدثت مدينتى «باريس» و«نيويورك» فيه انقلابًا نفسيًا وفكريًا، فعاش فى «باريس» حُلْم ساحر، أسعده، سار مرة منتشيًا من برج «إيفل» إلى مقهى «دوماغو»، تحت رذاذ مطر خفيف، تبللت ثيابه وجسده، اخترق الماء والحصى نعل حذائه! ووصف «نيويورك» بأنها «جهنم الفكر، جنة الحواس، فى جسد واحد»!
تَعرَّف على «موسكو» وبعض شعرائها، وعاصمة «كازاخستان»، وهى مدينة إسلامية، وحين زار مسجدها أخذ الناس يلمسون ثيابه، يتبركون به؛ لأنه جاء من جهة المدينة المنورة، فأدرك أن الشرق والغرب هما مجرد مصطلحان جغرافيان؛ لأن الكون واحد!
يرى أن السياسة الأمريكية لا تحب الكلام الشعرى، بل تسعى إلى «عولمة» الكون فى سوق واحد، تهيمن عليه، ترغب فى إذابة «الشرق» فى «الغرب»، لا ترضى أندادا أو مشاركين أو محاورين، بل تريد تابعين وسامعين وطائعين، وهى آخذة فى تنفيذ ما تشاء! لكنه فى المقابل يحرض على ثقافة الأسئلة، التحرر من ثقافة الأجوبة الجاهزة، مقاطعة الثقافة العربية السلطوية، التى تمتهن الإنسان فى جوهره العقلى والإنسانى والإبداعى، وتختزن الثقافة فى ثنائية عمياء؛ مع أو ضد!